[email protected] القادم بالبص من الخرطوم أو مدني سيتعرف على قرية (الباقير القدّامي) دون حاجة للافتة.حيث تستقبله القرية بروائح كريهة منبعثة من مدبغة (أفروتان). يسد النازل للباقير أنفه وتقول له الروائح النتنة المنبعثة من المدبغة ساخرة : - أهلاًّ وسهلاًّ بك وصلت الباقير القدامي. العابرون على طريق مدني الخرطوم يظنون أن سبب الروائح المنبعثة هو الصرف الصحي لكن السبب هو هذه المدبغة التي تم التصديق بها منذ زمن بعيد- 27 سنة - دون مراعاة لحالة الباقير الصحية ولا لمشاعر سكانها. منذ سنوات طويلة ظل سكان قرية الباقير (القدامي) يشكون مما تسببه مدبغة (آفروتان) لقريتهم من أمراض ناهيك عن الروائح الخانقة التي تغض مضاجعهم كل ليلة كل ساعة، كل يوم. دفتر تلاميذ مدرسة الأساس يسجلون فيه كل صباح للعيادة -كما قال أحد المعلمين- قائمة طويلة من التلاميذ المرضى ويجيء التشخيص في كل مرة هو هو : التهابات في الصدر.قال أحد الأطباء لسكان الباقير إن حالات الاجهاضات المتكررة بين النساء قي القرية سببها المدبغة. قال أسامة سليمان رئيس اللجنة الشعبية بالقرية( مدبغة أفروتان هذه في زمن حكومة مايو، كان صدقوا بها في البداية لمصنع بيرة؛ لكن بعد تطبيق الشريعة وقتها في مايوتم تحويل تصديق المصنع ليصبح مدبغة) ويضيف أسامة سليمان ساخرا ( ياريت لو خلوه مصنع بيرة في محلو؛ كان الأذى سيكون محدوداً ولا يعم كل القرية كما تفعل هذه المدبغة حالياً). الأمراض التي تسببها هذه (العفونة) الدائمة عديدة معظمها أمراض صدرية وحالات قيء وبعضهم يقول( مدبغة أفروتان جابت لي حلتنا السرطان). سكان الباقير القدامي كرماء ولديهم الحل وقد ذكره وفدهم للمسئولين في وزارة الصناعة حيث قالوا هناك : نحن على استعداد لشراء قطعة أرض لمالكي مدبغة (أفروتان ) لترحيلها بعيداً عن قريتنا، لغرب أم درمان مثلاً حيث المعامل والمصانع المماثلة ، أو بعيداً عن أي منطقة مأهولة بالسكان. فانظر كيف هذا الكرم بدلاً من انتظار تعويضات كما في سائر دول العالم عن أذى امتد لأكثر من عشرين سنة. أيها المسئولون في وزارة الصناعة ابعدوا هذا الأذى هذه المدبغة وابخرتها وروائحها معها عن الباقير القدامي؛ فبشرة الآدميين أكثر قيمة وكرامة من الجلود.