ساخن .... بارد ما بين الحزب والدولة .... لمن السلطة محمد وداعة [email protected] لا شك أن بلادنا تمر بأزمة وطنية شاملة وعلى كل الاصعدة سياسيا وأقتصاديا وأجتماعيا، وقد أهدرت بلادنا وقتا طويلا ومهما ولم تصل بعد الى الستقرار المنشود ، وتدهورت الوضاع الاقتصادية ونزلت ضغوطها على فئات الشعب الفقيرة ، ويأتي التضارب في القرارات ليزيد الأمر صوبة و تعقيدا ، اصدر بنك السودان قرارا منع بموجبه الاستيراد بدون تحويل قيمة و أمهل الموردين حتى الأول من سبتمبر الجاري مهددا بمصادرة الواردات بعد هذا التاريخ ، عاد بنك السودان ومدد القرار شهرا لتنتهى المهلة في الأول من أكتوبر القادم، بداية متى اصلآ أباح بنك السودان الاستيراد بدون تحويل القيمة ؟؟ أما وقد فعل فما هي المبررات و الأسباب التي أملت القرار؟و ما هي المستجدات التي أوجبت إصدار قرار يلغى ذلك القرار ؟ بعد اجتماعه بشعبة مستوردي الأدوية ووزارة الصناعة التزم البنك بتوفير 50% من موارد النقد الاجنبى ، فمن أين و كيف يتم سداد ال 50% المتبقية ؟ وجد هذا القرار انتقادات عديدة من غرفة المستوردين ، حيث انه يؤثر مباشرة على انسياب مدخلات الإنتاج و ارتفاع تكلفتها و حتما سيحرك السوق الموازى و يرفع سعر الصرف إلى الأعلى ،و ماذا بشأن السلع الأخرى؟ وإذا كان قطاع الأدوية قد حصل على التزام ب 50% فكيف يكون الحال في القطاعات الأخرى ، فوق هذا فان المصارف لا تستطيع إكمال العملية المصرفية بالدفع للمستفيد حتى عندما يقوم الممول بتوفير النقد الاجنبى مكن موارده الخاصة لانعدام السقوف الائتمانية لدى البنوك المراسلة ، مما يضر ويربك العلاقة بين المستوردين و الجهات الخارجية الموردة ،و يسئ إلى سمعة البلاد المالية ، مما حدا بكثير من البنوك الأوربية والأسيوية للامتناع عن قبول الاعتمادات الصادرة من البنوك السودانية ،حيث يلجأ الممول السوداني في كثير الأحيان إلى طرف ثالث لتجاوز هذه المشكلة و بزيادة في التكلفة بالطبع ، تأتى الإنباء غير السارة حسب الجهاز المركزي للإحصاء بارتفاع التضخم إلى 42.1 % لشهر أغسطس ( متوسط ) ، بينما بلغ( جزئيا ) 52.9 %للسلع الاستهلاكية و الخدمات ، في ظل تشاؤم الخبراء و المحللين إلى أن التضخم قد تخطى 60 %، و يتوقع أن يبلغ 80% لشهر أكتوبر! و أن الأوضاع قد تجاوزت مرحلة القلق ، إلى وضع لا يمكن التكهن بنتائجه ، وفى هذا الوقت بالذات يعلن الأستاذ بدر الدين احمد إبراهيم الناطق باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم انه ليس في حاجة لرسوم عبور النفط !، و أن اتفاق حكومة الجنوب مع اليابان لإنشاء خطوط لنقل بترول الجنوب بعيدا عن الشمال لا تعنيه !، وان الشمال لم يعد بحاجة لرسوم عبور النفط !باسم من يتحدث الأستاذ بدر الدين ؟؟ هكذا إذن يكون حديث وزيرة الدولة بالمالية السابقة الأستاذة عابدة المهدي صحيحا وهو أن الموازنة الجديدة للعام 2013 ستضع اعباءآ إضافية بأثرها التضخمي ، بينما زاد الصرف على الأمن و الدفاع و الأجهزة السيادية بنسبة 12 %، بينما أكدت الوزيرة أن المؤسسة السودانية للنفط غير خاضعة للمراجعة كما هو الحال في وحدة تنفيذ السدود فهي ايضآ لا تخضع للمراجعة وان هناك فائض مالي يعادل 50% من دخل وزارة الكهرباء، و تساءلت عن لماذا تباع للمستهلك بنفس الأسعار رغم انخفاض تكلفة الإنتاج بنسبة 54%، حيث انخفض متوسط تكلفة إنتاج الكيلو وات من 0.24 جنيه إلى 0.09 جنية ، ليت السيدة الوزيرة السابقة صرحت بهذا وهى على كرسي الوزارة ، كان حديثها سيكون أكثر مصداقية و شفافية ، و ليتها فعلت شيئا وقررت في هذا الأمر قبل مغادرة الوزارة ، و ليتها استقالت أن عجزت عن الفعل وقتها ، وعليه فلا ينطبق عليها المثل ( أن تأتى متأخرا خير من أن لا تأتى )، حيث لا فائدة من الحديث الآن ، هذه المؤسسات و الوزارات التي عنتها بالحديث لم تمتثل من قبل لا لتوجيهات البرلمان و قراراته المتكررة و تأكيده على ولاية وزارة المالية على المال العام ، و استعصى الأمر عليهم ، حتى بعد توجيه السيد رئيس الجمهورية بتكوين لجنة برئاسة السيد النائب الأول لمنع التجنيب ، و لتأكيد ولاية وزارة المالية على المال العام ، الحديث الأول خارج الإطار ، و الحديث الثاني بعد فوات الأوان . رفضت هذه الاوضاع الصعبة قاد الكثيرين للاجتماع والتظاهر فى محاولة لاسماع صوتهم للحكومة بطريقة أكثر وضوحا الحكومة من جانبها أعترفت بأن السياسات التى فرضتها كانت قاسية وتوقعت ردود فعل عليها بما فى ذلك الاحتجاجات . الحكومة ظلت فى حالة حوار مع معارضيها منذ مبادرة الا يقاد فى العام 1993م وهى بذلك تكون قد تفاوضت لمدة عشرين عاما أنجزت خلالها العديد من الاتفاقات ، بداءا باتفاقية الخرطوم للسلام ، وأتفاقية السلام الشامل ، اتفاقية القاهرة ، اتفاقية سلام الشرق ، اتفاقيات ابوجا 1 و 2، أتفاقية سلام دارفور ، منذ ثلاثة وعشرون عاما لم تتوقف الحرب فى بلادنا رغم هذا الكم الهائل من الاتفاقات ولم تنجز الحكومة سلاما ولم تحقق تنمية ولا رفاهية للشعب السودانى .. بعد كل هذا أنفصل الجنوب ودارت الحرب من جديد على الحدود و فى جنوب كردفان وجنوب النيل الزرق ، وظلت على حالها فى دارفور ، دخلت القوات الدولية بلادنا ، والقوات الافريقية و الاثيوبية ، وخضعت البلاد للعقوبات الاقتصادية الجماعية والفردية ، وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات للقبض على رئيس الجمهورية و كبار المسئولين فى الدولة تحت تهم الابادة الجماعية وأرتكاب الجرائم ضد النسانية و جرائم الحرب ، تحاول الحكومة التهوين و التقليل من شأن المشكلات الكبيرة التى تواجهها البلاد والقضايا الملحة التى يتطلب حلها الكثير من التضحيات ، و قد يفوت الوقت حتى تقديم تضحيات مقبولة ، ليصل الامر الى فرض الحلول على البلاد ، حين ذلك سيكون الثمن باهظآ ، الان تتفاوض الحكومة مع دولة جنوب السودان تحت ضغط القرار 2046 الصادر بموجب البند السابع ، مطلوب منها أن تصل الى اتفاق فى أو قبل الاجل المحدد في الثاني من أغسطس. هل سألت الحكومة نفسها اين الخطأ ؟ أتفاقيات بالجملة والمشكلات تتفاقم بدلا من أن تحل ، الموارد تتناقص والمجتمع الدولى من مؤتمر أوسلو حتى مؤتمر أسطنبول لم يوف بالتزاماته تجاه السلام ، وسدد الشعب السودانى ثمنا باهظا لسلام لم يكتمل مع الجنوب ولم يبدأ بعد فى دارفور وجنوب النيل الازرق وجنوب كردفان ، الى متى تستمر الحكومة فى دفن رأسها في رمال الاتفاقيات التى لم ولن تحقق سلاما ، لماذا ؟ لان هذه الاتفاقيات تمت لتجزئة الحل ووقعت بعيدا عن الشعب السودانى ولم تستشار أو تشارك فيها المعارضة ولم يتم أستفتاء الشعب حولها ، بل حتى البرلمان الانتقالى او البرلمان الحالى لا يستطيع أن يعدل فيها ولو ب " شولة " حان الوقت أن لم يكن قد فات لحل مشاكل بلادنا تحت ضغوط ( أقلمية ودولية ) أقل ، حان الوقت لكى تبحث الحكومة وحزبها عن خيارات أقل تكلفة ، أليس على الحكومة وحزبها مراجعة المسيرة ؟ اليس على الحكومة وحزبها أعادة النظر فى سياساتها وجرد الحساب؟ ، على الحكومة أن تتواضع و تعترف بأن الفشل قد لازم سياساتها و خططها لإصلاح شأن البلاد و العباد ، و أن لا خيار أمامها سوى البحث عن طريق ثالث ، طريق يجنبها المواجهة مع المجتمع الدولي و الصدام الداخلي ، هذا الطريق يتمثل في إدارة حوار جاد مع قوى المعارضة يفضى إلى تكوين حكومة قومية ذات برنامج وطني متفق عليه ، تكون مسؤولية هذه الحكومة عقد مؤتمر دستوري للاتفاق على دستور دائم ، و إقرار السلام ، وإعادة هيكلة الدولة و نظام الحكم ، و حل الأزمة الاقتصادية بالانفتاح على المجتمع الدولي وتسوية الخلافات مع الإطراف ذات الصلة و إعادة التعاون مع جيران السودان إلى سابق عهده . أليس هناك من رجل رشيد ؟