بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير [email protected] جامعة الجزيرة كثر الحديث فى الصحف ووسائل الاعلام الأخرى، بل داخل مجالس الأساتذة بالجامعات السودانية عن تصنيف الجامعات عالميا وأسس هذا التصنيف ومعاييره، وهل سيأتى اليوم الذى تصنف فيه الجامعات السودانية من بين جامعات الفئة الأولى أو الثانية..الخ. هل ستصبح جامعاتنا جامعات معتمدة accredit؟ ليس لهذا الأمر علاقة بالاعتراف بشهادات هذه الجامعات بواسطة الجامعات الأخرى أو المخدمين، لكنه تصنيف يحدد الجودة والتميز بين جامعات العالم مثله مثل أى تصنيف تقوم به المؤسسات أو المنظمات أو الأشخاص العاديين فى كل أمور حياتهم. هذا التصنيف بالنسبة للجامعات العالمية اتفق على أن تتبع فيه معايير محددة ، ولكل معيار نسبة مئوية. المعايير المتفق عليها هى: 1. رأى القرناء، أى الجامعات الأخرى، ويشكل 40% فى بعض أنواع التصنيف. 2. رأى العاملين بالجامعات فى كل الدول ويشكل 10%. 3. نسبة الأساتذة الى الطلاب وتشكل 20%. 4. عدد المراجع العلمية الصادرة عن هذه الجامعة (البحوث) / عضو هيئة تدريس ، وتشكل 20%. 5. نسبة عدد الأساتذة الأجانب الى الأساتذة المحليين حيث تحصل الجامعة التى بها أساتذة أجانب على الأفضلية وتحصل على 5%. 6. عدد الطلاب من الدول الأخرى ونسبتهم بالجامعة وتحصل الجامعة التى بها عدد كبير من الطلاب الأجانب على 5% أيضا. نلاحظ مما جاء أعلاه أن الأقدمية ليس لها دور فى هذا التصنيف والدليل على ذلك أن أقدم جامعات العالم وهى جامعة شارلس التشيكية احتلت الموقع 229 عالميا. كما أن جامعة القاهرة والتى تعتبر أقدم جامعات الدول العربية والأفريقية احتلت الموقع 405 مقارنة بالجامعات التى اسست بعدها بعدة عقود مثل جامعة الملك سعود (247) وجامعة الملك فهد (266) وجامعة الامارات (374). جاءت نتنيجة التصنيف للعام 2009 دون مفاجئات جيث احتلت الجامعات الأميريكية أعلى المواقع خاصة جامعتى هارفارد (1) وييل (3). أما المراكز العشرة الأولى فقد احتلت الجامعات الأميريكية ستة منها مقابل أربعة للجامعات البريطانية. تظهر الجامعات الاسترالية فى المركز 17 والكندية فى المركز 18 والسويسرية فى المركز 20 وجامعة طوكيو فى المركز 22 والفرنسية فى المراكز 28 و271 و273 والألمانية فى المركز 55. الجامعات الاسرائيلية احتلت مواقع متميزة (102 و114 و132) تسبق الجامعات النمساوية والجنوب أفريقية والروسية والهندية والمكسيكية والبرازيلية. الجامعات الصينية بدأت فى الظهور فى الموقع 49 والديناماركية فى الموقع51 والسويدية فى الموقع 67. أما الجامعات التركية فاحتلت المركز 360 والايرانية 369 والايطالية 268. يتضح من تصنيف هذا العام أن الجامعات الأفريقية لم تجد حظها من التصنيف عدا جامعة القاهرة وجامعتين من جنوب أفريقيا. السؤال الآن هل نطمع أو نطمح فى أن تكون جامعاتنا فى السنوات القريبة القادمة ضمن الخمسمائة جامعة الأولى فى العالم؟ الطموح مشروع للجميع وله أسس، لكن الطمع فليس له مكان هنا. فبالنظر لجامعاتنا ككل ولجامعاتنا القديمة منها على وجه الخصوص وهى الخرطوم والجزيرة وجوبا والسودان للعلوم والتكنولوجيا نرى أننا نحتاج لجهود مضنية ولأموال بأرقام فلكية ولتغيير شامل فى السياسات والمفاهيم. ماهى نقاط الضعف فى جامعاتنا؟ 1. البنية التحتية: تتميز بضعف شديد وهشاشة ابتدأ من المبانى والتصميم والتوزيع والمساحة..الخ. 2. الامكانيات والمعينات التدريسية من معامل وورش ومزارع ومستشفيات ومكتبات..الخ. 3. الكوادر الفنية المساعدة غير متوفرة أو غير مؤهلة أو قامت بتغيير توجهاتها أثناء برامج الدراسات العليا الى المجال الأكاديمى رغبة فى التحول الى كادر الأساتذة. 4. عدم توفر الأساتذة المؤهلين والاستغناء عن المؤهلين باحالتهم الى المعاش وهم فى قمة نضجهم العلمى والعملى وحوجة صغار الأساتذة لهم فى التوجيه والقيادة وبرامج الدراسات العليا والبحوث والتأليف والترجمة...الخ. 5. عدم مواكبة المناهج لمستحدثات العصر مع التركيز على التعليم الأكاديمى واهمال التعليم التقنى الذى يعتبر أساس التنمية فى كل الدول. 6. سياسات التعليم العالى وتدخلها فى شؤون الجامعات مما أفقدها استقلاليتها 7. ضعف الميزانيات الممنوحة للجامعات، خاصة القصلين الثانى والثالث، مع غياب تمويل البحث العلمى علما بأن البحوث الصادرة عن الجامعات تفوق فى عددها وجودتها ماتنتجة الهيئات والمراكز البحثية المتخصصة مجتمعة، والشكر يعود لبرامج الدراسات العليا. 8. الاحباط الذى أصاب أعضاء هيئة التدريس لعدم استلام مستحقاتهم منذ 1994 حتى تاريخه، والاحباط الذى أصاب الطلاب نتيجة عدم توفر الوظائف بعد التخرج مما انعكس على الآداء والتحصيل الآكاديمى.بل أصبحت الجامعات مثلها مثل أى مصلحة حكومية أخرى وتأتى الأكاديميات فى أدنى اهتمامات الادارة والأستاذ. ماهو الحل اذن؟ 1. تغيير سياسات واستراتيجيات وأهداف التعليم العالى الحالية. 2. تغيير المفاهيم الحالية التى تحكم المناهج وضرورة المواكبة مع تخفيض العبء الأكاديمى على الطالب مساواة له مع أقرانه طلاب الجامعات بالدول الأخرى بحيث لاتتعدى الساعات المعتمدة 160 ساعة لدرجة الشرف و140 ساعة للبكالوريوس العام. 3. التركيز على الجامعات القديمة أعلاه فى السنوات العشر القادمات لحل المشاكل أعلاه. 4. العودة لنظام الاجازات السبتية للأساتذة، خاصة الذين نالوا كل درجاتهم من جامعاتنا السودانية. 5. توفير الأجهزة بالمعامل والورش وتركيز المناهج على الناحية العملية والاتجاه الى التعليم التقنى بذات هذه الجامعات. 6. المحافظة على قدامى الأساتذة واستيعاب المعاشيين الذين تم الاستغناء عنهم بالمراكز البحثية. 7. التعاون مع الجامعات الأجنبية عالمية واقليمية وتجنيد الأساتذة المتميزيين منهم (وفق برتوكولات محددة) بالجامعات السودانية لتغطية العجز ورفع مستوى صغار الأساتذة ومواكبة المستحدثات فى العلوم. 8. التركيز على توفير الكوادر الفنية بكل الأقسام والكليات. 9. الارتقاء بمستوى المكتبات اعطائها الأولوية القصوى. 10. تفعيل عمل عمادات الطلاب بكل الجامعات مع توفيراحتياجاتها بالكامل. 11. العودة الى نظام البعثات بالدول المتقدمة خاصة الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا. هذه بعض النقاط التى أرى من الضرورى النظر اليها بعين الاعتبار حتى ترتقى جامعاتنا الى مصاف الجامعات الأخرى التى يشار اليعا بالبنان ولانقول الدخول فى نادى الخمسمائة جامعة الأولى فى العالم. نعم نحن نمنح درجات معترف بها على كل المستويات اعتبارا من الدبلوم الجامعى حتى درجة الدكتوراه، لكن لن نقول أن خريج جامعة الجزيرة كمثال يعادل خريج جامعة هارفارد أو أوكسفورد أوستانفورد أو حتى جامعة القاهرة أونيروبى وسيكون للمخدم رأى قاطع فى هذا الأمر. بهذه المناسبة فقد قمت خلال السنوات العشر الأخيرة بزيارة جامعات ابادان بنيجيريا ونيروبى بكينيا، وماكررى بيوغند، وأديس بأثيوبيا وجامعة بتسوانا (جابورونى) وغيرها من الجامعات الأفريقية. بصراحة شديدة نقول أن البون شاسع بيننا وبينهم فى كل شئ: امكانيات، أساتذة وطلاب، والبركة فى العون الأجنبى!!!!!