(كلام عابر) قديمة!! عبدالله علقم [email protected] جاء في الأخبار أن بنك السودان أقر سياسات نقدية جديدة تجاه المغتربين السودانيين بالسماح لهم بفتح حساب وإيداع وسحب أموالهم بالنقد الأجنبي. ووصف وكيل وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل الخطوة بالمشجعة، وقال إن السياسات الجديدة تمكن المغتربين السودانيين من فتح حسابات بالعملات الأجنبية ، وتشجعهم على استثمار مدخراتهم داخل بلدهم، وأهاب الوكيل بكل المغتربين الاستفادة من ميزات هذه السياسة الجديدة التي أعلنها بنك السودان. وكان وكيل الوزارة حضر ورشة خاصة بقطاع التنمية الاقتصادية بمجلس الوزراء بتنظيم من وزارة المالية أعلن من خلالها تلك السياسات الجديدة. (انتهى الخبر) أشك أن المعنيين بالخبر قد اطلعوا على الخبر أو أن من اطلع عليه منهم قد توقف عنده طويلا أو قصيرا .أنا شخصيا توقفت عند الخبر بدافع آخر بجانب الفضول، وهو أن الخبر سيكون مادة لا بأس بها للكتابة.لن يكون الخبر جديدا أو جذابا للمغتربين الذين تراكمت لديهم التجارب ومعظمها تجارب غير طيبة في التعامل مع الجهات المختلفة التي تتنازع الاشراف على شئونهم ومن بينها الجهات ذات العلاقة بالنقد، وحصاد التجارب المتراكمة هذه صفر كبير في رصيد الثقة في الآخر لن تغيره مثل هذه الأخبار والقرارات التي كثيرا ما تتعرض للتغيير قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به. الثقة هي علاقة اعتماد بين اثنين يفي فيها المؤتمن بوعده، وبالتالي فهي رمز وقيمة أخلاقية ووفاء بالوعود. تقوم الثقة بالضرورة على توقع النوايا الحسنة من منطلق معرفة المرء بالإنسان الآخر. الوصول إلى نقطة انعدام الثقة المتبادل بين الأنظمة وشعوبها العربية، ( الشعب لا يثق في الحاكم و الحاكم لا يثق في شعبه) كان بداية الطريق إلى ما أصبح يعرف بالربيع العربي . لا أعتقد أن أيا ممن تعنيهم السياسة الجديدة ،أي المغتربين، سيأخذ الكلام مأخذ الجد ويفرط في مدخراته، وهي في الغالب لم تعد موجودة إلا في أذهان من يضعون هذه السياسات، ليفتح حسابا بالعملات الأجنبية،فهناك أكثر من خطر... عدم السماح لصاحب الحساب في التصرف في حسابه مثلما هو معروف في البنوك، فرض رسوم مجهولة الهوية والكم على الحساب، صدور إجراءات مقيدة للحساب، تصرف البنك في الحساب، إلغاء هذه السياسة الجديدة ومصادرة ما في الأرصدة من عملات أجنبية بلا تعويض أو دفع تعويض بالجنيه السوداني وفق سعر صرف يحدده البنك، وإلى غير ذلك من المخاطر، هذا كله بجانب التساؤل المشروع .. لمصلحة من أصلا ستعود هذه الحسابات الدولارية، هل ستنعكس هذه الدولارات إيجابا على الاقتصاد وعلى عيش المواطن؟ هل ستصب في جيب الوطن؟ ثم أليس من المحتمل أن تكون هذه السياسة الجديدة غطاء أو تمهيدا لتدابير شيطانية لاحقة ؟ مختصر القول أن المغتربين بتجاربهم المتراكمة ما عادوا يصدقون هذه (البشارات)، ولا يثقون في المتنازعين على القوامة على شئونهم، وليس من السهل استدراجهم لتجربة المجرّب، فضلا عن أن معظم المغتربين ما عادوا يملكون هذه المدخرات التي يتوقعها واضعو السياسات المالية في الخرطوم.والحال كذلك،فمن الصعب أن تكون مسألة حسابات النقد الأجنبي هذه جذّابة في شيء للمغتربين.