التنوع الثقافى و قضية الهوية فى السودان :- النعيم على النعيم [email protected] المقدمة: ان الامة كما يقول المستشرق و المؤرخ الفرنسى ارنست رينا ن هى " أستفتاء شعبى يومى " . وفى ضوء هذا التعريف الذى يصح فى السودان كما يصح فى العديد من الدول و المجتمعات الأخرى ، فأن العيش الواحد او حتى العيش المشترك يكون بالأحترام أو لا يكون . وهو يثمر ويزدهر بالأختيار الارادى الحر . فالاستجابة الى زواج الاكراه الوطنى ، استكانة أو قسرا سرعان ما تنقلب الى ارتداد وتمرد عندما تتوافر أول فرصة للانفكاك منه .ولكن عندما يقوم الزواج الوطنى على الحب و الاحترام و الارادة الحرة ،فانه ينجب ذرية صالحة ازدهارا واستقرارا ويرسى دعائم الوطن الصالح..... خطاب الهوية و التنوع الثقافى فى السودان :- نستطيع القول الان انه صار هناك اتفاق عام ،ان لم يكن كاملا بين جميع القوى السياسية و التيارات الفكرية السودانية على أن السودان بلد متعدد الثقافات و الاديان و الاثنيات والأعراق ، وان أى نظام للحكم لا يستصحب هذة التعددية فى برامجه و سياساته الى جانب التعدد السياسية ، محكوم عليه بالفشل . لكن لم يصل السودانيون لهذا الأتفاق بين ليلة وضحاها ، انما استغرق الأمر رحلة طويلة من النزعات و الحروب وتجاذب القراءات السياسية لأصل النزاع و طبيعته . خطاب المركز و الهامش :- ظلت كل هذة الاتجاهات تتعامل مع المشلة من خلال ثنائية الشمال و الجنوب ، الثقافة العربية الاسلامية فى الشمال و الثقافة الافريقية فى الجنوب الاسلام فى الشمال و المسيحية و الاديان الافريقية فى الجنوب ، الصحراء فى الشمال و الغابة فى الجنوب بكل ما يعنية ذلك من اختلاف فى المناخ و البئية . المعركة ليست بين الشمال و الجنوب كما يدعى البعض لكن تصور قديم للدولة السودانية تستفيد منه الطبقة الحاكمة فى الشمال "المركز" و بين جماعات أثنية وثقافية و دينية مهمشة سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا "الهامش" .. فهذا التصور القديم يخدم ويحمى المصالح الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية فى "الوسط والشمال النيلى " و يكرس أقصاء باقى المجموعات ، وقد وصلت الأزمة الى قمتها مع حكم الجبهة الاسلامية ، التى تمثل عندهم أقصى ما يمكن ان يصل البرنامج القصائ . يلاحظ أن بعد هذا الجهد و الصراع حول الهوية فى السودان نثبت او نصل لقناعة تامة أن السودان ليس بلدا عربيا خالصا و لا افريقى .. بل حتى الخطاب السياسى للمجموعات المسلحة فى الغرب و جنوب كردفان و النيل الأزرق و الشرق لا يبنى على الافريقانية الا انها فى النهاية لا تخرج عن مدرسة " الوحدة فى التنوع " .