د. عبداللطيف محمد سعيد [email protected] لقد وقفنا كثيراً في مقام الفتاوي وقلنا انه يجب معرفة مقاصد الشريعة قبل الولوج الى الفتوى، وان بعض الامور لا تحتاج الى فتوى لعدم فائدتها او لانها لا تحقق فائدة للمسلم. ولكن مازال البعض يصر ان يفتي في كل الامور كلما وجد المنبر مريحاً والكلمة مواتية. اذا وقفنا في مقام الفتاوي التي صدرت مؤخراً نجد بعضها تحدث عن امامة المرأة للرجال في الصلاة وعن سجدة لاعب الكرة عند تسجيل هدف وبعضها ان اغلاق المتاجر وقت الصلاة، وبعضها عن زواج القاصر، وبعضها عن استعمال مادة البروميد في الخبز، وبعضها عن سفر الرئيس بعد قرار المحكمة الجنائية، وبعضها عن الوقوف للسلام الجمهوري، وبعضها عن استعمال الواقي الذكوري، وبعضها عن اباحة الفطر للاعب الكرة في رمضان، وبعضها عن افطار سكان بورتسودان بسبب ارتفاع درجة الحرارة اثناء شهر رمضان، وبعضها عن زواج الميسار وزواج ملك اليمين، وبعضها عن الاشتراك في الاضحية او استدانة ثمنها... وتطول القائمة! ماذا اصاب الامة المسلمة حتى صارت بين عشية وضحاها لا هم لها غير الفتوى؟ والفتوى في كل شيء واي شيء وبلا ضرورة. انها فتنة يجب الانتباه لها فقد ترتفع السيوف لتدعم الرأي، كما حدث في السابق والتجارب الاسلامية تشهد بذلك، وتشهد ان خلاف الرأي الذي كان لا يفسد للود قضية صار يفسد كل الود وصار هو القضية... وسالت دمار وفقدت ارواح. اننا لا نحتاج الى فتوى زواج القاصر لانها ليست المشكلة وانما المشكلة تكمن في الزواج نفسه وعزوف الشباب عنه وارتفاع نسبة العزوبية بين النساء، وارتفاع عدد النساء مقارنة بالرجال فهل زواج القاصر يحل المشكلة ام يفاقمها؟ انني وجهت الي دعوة لذلك اليوم الذي اعنت فيه فتوى زواج القاصر ولظروف خاصة لم استطع الحضور وليتني حضرت! ان هيئة علماء السودان في رائي ليس عليها ان تتصدى للفتوى إلا اذا طلب منها او اذا خافت الفتنة اما اصدار الفتاوي بلا سبب وبلا ضرورة فانه من اسباب الفتنة... انظروا الى ما كتب عن زواج القاصر لا تكاد صحيفة او موقع تراسل اجتماعي إلا وتناول هذا الموضوع وهذا التناول في الكثير من الاحوال مجرد خواطر او انطباعات لا سند لها من الدين ولا ابالغ ان قلت من التفكير في تناول الموضوع... بل خلط الموضوع بالسياسة وحاول البعض جعله اختلافاً كبيراً يهدد الامة المسلمة فارتفعت نبرات الاستنكار، ونحن نقول الدين النصيحة والدين حسن الخلق والدين لا يسعى الى الفتنة والضرر فانه لا ضرر ولا ضرار... والدين يحترم العقل ويجعله مدار التكليف فاذا ذهب العقل سقط التكليف، فلماذا لا نطرح الموضوع على طاولة البحث؟ نعود ونقول انه يجب تقييد الفتوى وعدم التوسع فيها وان تكون الفتوى في الامور التي تعود بالنفع على الامة المسلمة فهي اما لجلب منفعة او لدفع ضرر وليس لمجرد الافتاء. والله من وراء القصد