بقلم: د. صدقي كبلو عبد الخالق ونظرية تأسيس الحزب وتطوره وبنائه في المقال تناول الكاتب قضية التكوين الماركسي للعضوية وقال : ان عبدالخالق في الماركسية وقضايا الثورة السودانية لا ينظر لهده المسألة كقضية نظرية فقط ، بل كخلاصة لتجربة الحزب، فبينما جذب الحزب في نضاله ضد الاستعمار عن طريق برنامجه السياسي ووقائع نضاله اليومي “طلائع متعدد من بين جماهير الشعب" الى صفوفه، فشل في تحويل عدد كبير منهم الى شيوعيين فكريا، فبينما “نالت الأقسام الأولى من كادر الحزب في تأسيسه، وعندما كان التلاحم مباشرا بين كادر المثقفين الشيوعيين والكادر الشعبي المناضل، قدرا لا بأس به من التكوين الماركسي واضاف : ورغم أن عبدالخالق يشير الى وجود عوامل أخرى قد أدت لهذا الابتعاد إلا أنه يرى أن عدم تقوية التكوين الماركسي لتلك الكوادر كان احد الأسباب المهمة لذلك. ويطرح عبدالخالق المسألة على أساس قدرة الحزب على “رفع لواء الماركسية في داخله ووحدة تفكيره، لا على أساس البرنامج السياسي وحسب بل على الأساس الآيديولوجي، ستظل مهمة أساسية باستمرار اذ كان لنا أن نقدم للجماهير حزبا قادرا على قيادة الثورة الاجتماعي." وكما هو واضح لاحظ عبدالخالق كيف أصبحت امكانيات الحزب وسط المثقفين شحيحة بعد الحكم الذاتي والاستقلال، وأن ما تبقى من كوادر المثقفين قد ارهقه النشاط الجماهيري السياسي والتنظيمي الداخلي وفي مد الحزب بالمعارف الماركسية، وهذا الوضع لم يكن ليلبي الاحتياجات الناتجة عن التحولات التي جرت في البلاد والتي طرحت فيها قضايا التغيير الاجتماعي، مما طرح ضرورة تنمية قدرات الحزب وسط المثقفين وتنمية قدرات المثقفين الشيوعيين (الماركسية، ص 167) ومن الجانب الاخر فقد لاحظ عبدالخالق أن ثورة أكتوبر 1964 أظهرت ميلا من المثقفين وسط الحزب، وأن عدد المتعلمين قد زاد وأتسعت دائرة التأثر بالعالم الخارجي، كما اتسع نطاق البعثات للجامعات الإشتراكية، وكل هذا يوفر “أجيالا جديدة من المثقفين تتطلع للوجود، وهي أجيال جادة ترغب في المساهمة في العمل الثوري بقدراتها على البحث والقراءة وإعمال الذهن، ولا بد لحزبنا أن يجند طلائعها لصفوفه فيصلب من عودها وقدرتها على النضال" (ص 167). ولم ير عبدالخالق في العمل وسط المثقفين فائدة للحزب فقط، بل رأى أنهم يمكن أن يسهموا “في حركة النضال للتقدم الاجتماعي على نطاق الحركة الثورية وتنيماتها الديمقراطية" ملاحظا أن هذه القوى لاتنمو في مجال السياسة فقط بل تنمو في “مجالات التنظيم النقابي المهني والتعاوني والنشر والمحاضرات والأندية الثقافية ألخ" (167-168)، بل أن استيعاب المثقفين في كل ذلك يبعث في وسطهم “قيم التزام بقضايا الشعب والمسئولية الاجتماعية وهما درع واق ضد الافساد" (168) وقد أدى ذلك بعبدالخالق للمطالبة بتحسين وضع الكادر المثقف في الحزب وتهيئة الجو المناسب له للإنتاج الفكري في مجاله: "ونحن ندرك الآن أي نوع من الكادر المتفرغ نريد في هذا الميدان. من المهم في رأيي أن نقر إن هذا النوع من الكادر يحتاج إلى ظرف مختلفة عن كادرنا العامل في ميادين النشاط العملي الأخرى فالعمل النظري يتطلب استقرارا وشروطا ملائمة له." (في سبيل تحسين العمل القيادي بعد عام من المؤتمر الرابع ص 34) ويتناول عبدالخالق قضية الاهتمام بالعمل الفكري وكوادره من المثقفين من مدخل آخر في وثيقة “قضايا ما بعد المؤتمر"، إذ يلاحظ أنه في الفترة بين المؤتمر الثالث والرابع (حوالي 12 عاما) “أن بلادنا قد دخلت بها تيارت فكرية كثيرة" (ص 28) و “أنه على هذه المدة نمت أجيال جديدة إتصلت بهذه التيارات وخاصة بين المثقفين والطلاب والأقسام المتقدمة من الطبقة العاملة" وهذا في وجهة نظر عبدالخالق يضع واجبا على الشيوعيين، وخاصة وسط الحركة الطلابية حيث تنتشر الأفكار الجديدة أن يدخلوا في مناقشات تقرب هذه التيارات من الماركسية، بمعنى الارتقاء بالعمل في هذه الجبهة للميادين الفلسفية والاقتصادية الى جانب ميدان النضال العملي (ص32) قضية القيادة والقيادة الجماعية يناقش عبد الخالق قضية القيادة والقيادة الجماعية في الحزب على أساس أنها قضية تستند على تطوير الكادر من خلال تأهيله وتدريبه والارتقاء بقدراته الفكرية والنظرية ورفده بالكوادر الجديدة، ذلك أن الكادر القديم تحت وطأة أعباء النشاط والنضال اليومي دون أن تتاح له فرصة لتطوير نفسه فكريا ونظريا، ودون أن يتم مساعدته وتبديله بكادر جديد مدرب ومؤهل بشكل واعي ومخطط، وبدلا عن ذلك ظلت عملية رفد النضال بكوادر جديدة يتم بشكل عفوي وأحيانا يمثل انقطاعا مما يجعل الكادر الجديد ضعيفا في مواجهة بعض القضايا المعقدة للحركة الثورية لافتقاده للخبرة ولانقطاعه عن تجارب الكادر القديم وعدم اعداده وتأهيله قبل توليه مسئوليته. واقترح عبدالخالق أن يقوم الحزب بوضع وتنفيذ “خطة واضحة لتوسيع حلقة الكادر العامل في الحركة الثورية وفي مسئوليات الحزب الشيوعي المختلفة" (الماركسية وقضايا الثورة ص 181). ومضى عبد الخالق إلى أن ذلك “يمكن أن يرتفع إلى أعلى مستويات القيادة الجماعية والتي رأى أنه لا يمكن حصرها في الاجتماعات المنتظمة للهيئات أو توسيع العمل القيادي في شكل مكاتب تخصص للجنة المركزية مع استحسانه لذلك، فهو يرى أن القيادة الجماعية تتحقق برفع “مستوى الكادر وقدرته على المشاركة الحقيقية في رسم سياسة الحزب"(ص 181)، بل أنه يذهب لتقرير أنه “طالما بقي التفاوت واسعا بين مستويات الكادر من ناحية قدراته على امتلاك ناصية الماركسية اللينينية. وطالما بقى تطوره في مستوى القيادات معتمدا على طاقاته الذاتية، فان العمل القيادي سيعبر عن مستوى هذا التفاوت لا على مستوى العمل الجماعي." (ص 182) الميدان