- صحفي [email protected] إن المتتبع لراهن حال الواقع السودانى بشتى دروب الحياة يتلمس الحقيقة المرة التى لم تعد تقبل المساحيق القبيحه التى ظلت تقدمها الانظمة المتعاقبة على حكم البلاد من أجل تمديد امد بقائها في السلطه ، وبالرغم من التباين بين الأنظمة المختلفة التى حكمت البلاد منذ استقلال السودان في درجة تأثيرها على مستقبل البلاد سلبا أو ايجابا حتى مجئ هذا النظام (الإنقاذ)1989م . نجد أن النتيجة حالة توهان لاقرار لها تعيشها البلاد وتخبط ينتاب كل سياساته ، وفي كل فترة حكم معينة كان الشرخ يتسع حتى بلغ السيل الزبى بمجئ الانقاذيين فلم يبقى شئ سوى رسم من الكلمات من اسم الوطن والكل يسأل نفسه عشرت المرات عن دواعي تمسكه به !! نعم ندرك جيد التنوع الاثنى والثقافي والعرقي الذي يتكون منه السودان الجغرافي كإدراكنا اليوم بعدم احسان ادارتنا لهذا التنوع والاستفادة منه في بناء الهويه السودانية وربما الكتابة في هذه القضية في الآونة وجدت مساحات كبيرة لاهميتها البالغ في حياة الناس وتساؤلاتهم المستمرة عن حال البلد. صياغة التاريخ وافراغ الهويه: إن أكثر العوامل التى لعبت دورسالبا في عدم بناء الهويه السودانية المتزنه التى نحلم بها هي الصياغة الفاحشه لمجريات احداث التاريخ السوداني القديم والحديث كل على سواء والذي في تقديرى هو المرآة الحقيقية التى تعكس حال المجتمع وحياته المتواصله عبر الحقب الزمنية وإن تلوين هذه المرآة في بعض جوانبها حتى تحجب الصورة هو ما أدخلنا في معتركات الأزمة الحالية التى نعيشها بين كل مكونات هذا البلد من عرب وافارقة ومهجنين والتى يصطلح تسميتها ب(أزمة الهوية) وهو ما يرسف تحته السودان منذ استقلاله لغياب القيادة الراشدة والواعيه لتحريك دفة الامور للإتجاه الصحيح وبالرغم من هذا فقد ظلت ملامح الشخصية السودانية متوافره بقدر ضئيل طيلة الفترات التى سبقت حكم 1989م الذي سعى لتغييرشكل التركيبة الاجتماعية للمجتمع من خلال بث ثقافة القبلية والمناطقية في طريقة الحكم مما ولد التعصب العرقى بين مختلف مكونات البلاد. هذا الواقع ادى الى افراغ الهويه السودانية في ظل تباينات كبيرة تشهدها الاقاليم في محورقضايا التنمية والحقوق الاجتماعية مما أدى الى الشعور لدى العديد من اقاليم السودان الجغرافي بضرورة ايجاد كيانات سياسية خاصة بهم وهذا الأمر ازداد التفكير فيه عقب تجربة انفصال جنوب السودان . ويرى البعض من ابناء دارفور وشرق السودان أن ما يعانوه هم اليوم أكثر من الذي منح جنوب السودان حق تقرير المصير سواء أن كان على مستوى التباين الثقافي أو العرقى ، وربما الاصوات التى تطالب بحق تقرير المصير داخل قوى المعارضة في الشرق والغرب من دولة السودان لم تصبح نشازا ولم تعد الخطوة مناورة سياسية وإنما هي اجندة واضحة وتجد ما يسندها على أرض الواقع. القوى السياسية والبرامج المصممة: من المدهش أن دور القوى السياسية بمختلف مشاربها الايدولجية في السودان وطيلة الخمسون عاما الماضية من حكم البلاد فهى ظلت تدورفي فلك البرامج المصممه والتى اعنى بها سياسات الحكومات التى تهدف من خلالها تمرير اغراضها من دون ضوضاء ولا رقيب ، وغاب عن القوى السياسية الدور الإبداعى في تغيير نمطية التفكير في التعاطي من الشأن العام وإنما ارتكز دورها في ردود الأفعال مما جعل دورها ضعيفا ومهزوزا واصبح بعضها لعبه خاصة في عهد حكم الإنقاذ وبالتالى فالقوى السياسية لم تعد تلعب دورها الحقيقي وبالرغم مايجده البعض من مبررات لقصور دور القوى السياسية واضعين الأمرلعراقيل النظم الحاكمة إلا أنني أجد أن غياب الرؤية لدى قيادات القوى السياسية مرهون بغياب الرؤية أصلا لإتجاه البوصلة التى ينبغى أن تسسير عليها هوية البلاد فهذا الشد بين العروبة والافريقانية أوقف العقل السوداني لانتاج السودانوية ! هذا هو راهن الحال بلد يتمزق كل يوم ويكتسح من كل جانب ومازلنا نعلق ممارساتنا القبيحة على الأخرين لنخدع ذاتنا ليس إلا!!