رأي الزين عرس ونوّر بيت العمدة (22) وهبة محمود دياب: والفن والأدب السوداني له نكهته لأنه يعرض صوراً إنسانية غير تلك الصور التقليدية التي أدمن العالم رؤيتها والتشبع منها، فالأدب والفن السوداني يعرض شخصية الانسان السوداني الاصيل المفتقدة في الاعلام حتى الاعلام المحلي عندنا الذى تسيطر عليه اعمال سوريا ومصر وتركيا، ويساعدهم ضيوف دائمون من الخبراء الاستراتيجيين، وبروفيسورات في علم السياسة، والسياسيون والخبراء الأمنيون والعلماء الاقتصاديون.. ولا أدرى لماذا لم تنعكس خبرات اي منهم هذه على حياتنا اليومية؟!! وكنت اتمنى أن تقوم قنواتنا بالاحتفال بهذه الانتصارات، لكن الحمد لله فالقناة الفرنسية قامت بالواجب نحو علي مهدى. ولا اعتقد ان طلب الدعم الحكومي للاعمال الثقافية امر يحبذه اصحاب السياسة في بلادنا، وقد تجد الفكرة رواجاً ويتبناها أحد السياسيين «ليقشر بها» ولن تتجاوز ذلك كثيراً، ولكني اتمنى ان اجد من المواطنين العاديين ناس محمد احمد المسكين من يتبنى شعار «اعطني قرشاً اعطيك مسرحاً»، او برنامج يوم التعليم او حتى «سودان كول» فانتظار ان تقوم منظمات الاغاثة باغاثتنا في امر كهذا، وتصديق ذلك فيه الكثير من قصر النظر. ان الحركة الثقافية السودانية وعلى الرغم من بؤسها الاقتصادى وانعدام المجالات الطبيعية للانطلاق بها من مسارح ودور نشر واذاعة وتلفزيون الى جانب التضييق عليها من اصحاب الرؤية المنكفئة، فهي بخير، وبقليل من الجهد الشعبي تستطيع أن تحلق عالياً. إلا أن هناك رافعة ثانية وجناحاً آخر فاعلاً له دوره بوصفه رسولاً للسلام والمحبة والتآخي بين البشر، ألا وهو الرياضة، فهي تحتاج منا لجهد كبير، وما لم نطور الفرد الممارس للرياضة فكرياً فلن يكون لهذا القطاع دور غير الذى يقوم به الآن من الذين يستنوقونه من الساعين للصيت والجاه. ومثال لحاجة هذا القطاع الحيوى للانهاض، أذكر وفي مرة من «المرائر» كما يقول الاستاذ الفاضل سعيد هناك مباراة مقامة في احدى الدول الافريقية، والفريق السوداني كان يؤدى المباراة بطريقة افقدت حتى المذيع وقاره، وقال من خلال المايكروفون «ان اللاعب السوداني يفتقد الحس الوطني»، وحينها قلت في نفسي ان هذا المذيع لن يستطيع ان يعود حياً في نفس الطائرة مع هؤلاء الشباب، لكن مر الامر بسلام وحضر الى السودان وواصل عمله، وانتظرت ان اسمع انه قد رفعت عليه دعوى برد الشرف او اى شيء من هذا القبيل، الا ان الأمر قد مر بسلام ايضاً ولم يسأل احد. وعندها قلت لا بد ان هناك نقيصة في مكان ما، وبعدها وهذا فيما فات من ايام طلبت من الاستاذ اسماعيل كارورى رئيس اتحاد كرة القدم بالجزيرة سابقاً واحد مؤسسى شعار شعبية وجماهيرية كرة القدم طلبت منه ان يحاولوا تأهيل اللاعبين على الاخص الذين ينتقونهم من الميادين التي تقام فيها تمارين شبيهة بتمارين «الساحات غير المؤهلة»، وان يحاولوا ان يضيفوا للائحة ما يفرض على الاندية تأهيل اللاعبين بمحو الامية قراءة وكتابة، وإعطائهم جرعات ثقافية تساعدهم على الاقل في مخاطبة الاعلام والمعجبين. غير أن رافعة لاعبي شارع «الساحات عديمة التأهيل» كانت الاقوى، فاطاحت باسماعيل كارورى وجماعته ومن لف لفهم، وذهبت الى غير رجعة بفكرة المدارس السنوية والتجارب الجميلة في الدورة المدرسية او دورى الجامعات، ودخلت بيت الاعلام، وذهبت بالعديد ممن تبقى من الكتاب الجميلين الذين كانوا يملأون صفحات الصحف بالغرس الطيب من القول الجميل في مساجلاتهم حتي في الهجو، مثل قوله «يا حاج حسن الجبتو ده ما عاصمي من وين نكتو يا حاج حسن؟» كان هذا الاستاذ ابو آمنة حامد «الهلال» يخاطب الاستاذ حاج حسن عثمان «المريخ». وقد اتت قوة لاعبي الساحات غير المؤهلة باعلاميين من عالم لا قبل لنا بهم، وصار لدينا إداريون لا يرهقون أنفسهم حتى بقراءة شروط المنافسات، ويتنافسون الآن في استجلاب لاعبين من الأزقة في مجاهل أفريقيا، وينسون أن يخضعوهم حتى للفحص الطبي العادى الذى ينبغي ان يقوم به ادارى في الروابط، دعك من اختبارهم بوصفهم لاعبين ذوى كفاءة. ترى هل الجهد الشعبي يصلح في شأن الرياضة أيضاً؟ وكما يعلم الجميع فإن أسرع طريق للسياسيين الغفل للشهرة، أن تكون رئيساً لنادي الهلال أو المريخ. الصحافة