إليكم الطاهر ساتي [email protected] وطنك، ثم .. غزة ..!! ** ما لم تحررك نفسك من قيود الخوف والظلم، فلا تصدقها لو خدعتك بأنك قادر على تحرير أي كائن آخر من تلك قيود أو أخرى..وعندما تحدق في ملامح أنظمة وشوارع الدول العربية منذ بداية أحداث غزة، تكتشف الفرق بين الأنفس الحرة والأخرى المقيدة بسلاسل الخوف والظلم..نعم، كتائب القسام لم تعد تقاتل وحدها بفلسطين، بل إصطفت معها شعوب ثورة الربيع العربي وأنظمتها بمشاعر صادقة وغير مزيفة بأي دبلوماسية..وتلك هي مشاعر أي (شعب حر)..وعلى سبيل المثال، مصر اليوم لم تعد مصر البارحة..(غزة لن تكون وحدها)، قالها الرئيس مرسي بوضوح لم تعهده مصر وشعبها في عهد الرئيس مبارك..وكذلك قالتها تونس بعد سنوات من الصمت : (ما كان مسموحاً لإسرائيل بالأمس لم يعد مسموحاً لها اليوم)، أوهكذا يغضب وزير خارجيتها أمام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومثل هذا الغضب الرسمي لم يكن مألوفاً - ولامسموحاً - بتونس في عهد الرئيس زين العابدين..!! ** وثورة الربيع العربي لم تؤثر في مواقف أنظمتها فحسب، بل تجاوزت تأثيرها لأنظمتها إلى أنظمة أخرى لم تكن مبالية بالقضية الفلسطينية ومآسي معاركها،رغم أنها هي الأقرب - وجداناً وجغرافياً- إلى فلسطين..ونعني الأنظمة التي تمسك بعصا المواقف (من النص) في مثل هذه الإختبارات.. هي لم تعد كذلك (على الأقل إعلاميا)..نعم، تلك الأنظمة التي ظلت مواقفها- في أحداث كهذه - تؤثر السلامة والإستنجاد بأمريكا و(لغة الطبطبة)، وكذلك اللعب على الحبلين الفلطسيني والإسرائيلي بحياد فاضح، لم تعد كذلك، كما كشفتها أحداث غزة الدامية..لقد تغيرت خطب ساستها الموجهة لإسرائيل، بحيث مزجت الخطب السياسية ببعض عبارات الغضب والإستياء و(التهديد المغلف بالدبلوماسية)، وهذه خطوة في الإتجاه الصحيح، والعافية - كما نعرفها - بالدرجات..لقد تأثرت - أو فلنقل تشبهت - بالأنظمة المنتخبة التي إستلهمت قوة مواقفها من (صناديق الإقتراع)..!! ** لم يعد هناك خيارا لكل الأنظمة العربية - منتخبة كانت أم جاثمة على صدور شعبها-غير مناصرة الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة بالأعمال وليس بالشعارات والأشعار، أو هكذا رغبة ثورة الربيع العربي..وكان - ولايزال - لافتاً للأنظار والعقول أن ثورة الربيع كانت تتخذ موافق تلك الأنظمة المخلوعة في القضية الفلسطينية كإحدى دوافع التغيير..ثم كان – ولايزال – لافتاً للعقول والأنظار بأن الأنظمة المنتخبة ما فازت بالقيادة إلا بعد تعهدها بتحقيق رغبات وطموحات ثوراتها، ومنها عدم الحياد في القضية الفلسطينية، وما يحدث حالياً من مواقف واضحة لهذه الأنظمة نوع من (الوفاء بالعهد).. وتخطئ إسرائيل كثيراً لو ظنت بأن مصر اليوم هي مصر البارحة، أو تونس اليوم هي تونس ما قبل الثورة، بل ما عاد الشارع العربي هو ذاك الشارع الذي يكتفي بالدعاء - والأسف - أمام العدوان الإسرائلي..وهذا الغضب الصارخ - وليس الصامت كما في عهود الأنظمة المخلوعة - من أهم ثمار ثورة الربيع العربي.. وعليه، فلتتعلم بقية الشعوب - بما فيها شعبنا - الدورس من مصر وتونس، وعليها أن تعلم بأن تحرير الآخر من القيود يجب أن يبدأ بتحرير الذات من تلك القيود ذاتها.. مآسي الناس والبلد هنا لاتختلف كثيراً عن مآسي غزة وأهلها، فلاتخدع نفسك .. أي ما لم تدافع عن قضية أهلك وبلدك بصدق، فلن تجد طريقك مفروشاً بالصدق والعزيمة حين تقصد ( غزة)..!!