[email protected] منذ وقت ليس بالقصير ظلت الحكومة تستثمر فى كل الازمات والمحن ( المسماة دلعا بالابتلاءات ) التى مر بها السودان . تنتج بعضها وتعيد انتاج البعض الاخر وتنسج الغالب منها . قصة محمود والنمر التى كانت من ضمن مقررات كتاب المطالعة للمرحلة الابتدائية لم تتجاوز اهدافه من صراخه ( هجم النمر .. هجم النمر ) حدود التسلية والترويح عن نفسه من ملل مهنته . على النقيض تماما من محمود كانت الحكومة تختلق معظم الازمات لتلبس ثيوب الضحية متسولة التعاطف والنظر الحانى والاشفاق . يقول الدكتور Phillip Macraw فى كتابه Self matters ان دور الضحية الذى يتقمصه او يلعبه البعض هو نوع من الهروب من مواجهة التحديات ومحاولة لحجب الاخفاقات والخيبات والهدف منه هو استدرار التعاطف واظهار الاخرين بانهم هم الجناة وانه هو المجنى عليه وانهم هم سبب كل المشاكل التى تعترضه وتعرقل انجازاته . بالنظر فى مسيرة الانقاذ وتعاملها مع كل الازمات الحقيقية والمفتعلة اى المصنوعة نجد انها قد وجدت ضالتها وخرجت عارية كما ولدها ذلك اليوم الاسود بعد سفك دماء الديمقراطية على مقصلة ( الحبيس والرئيس ) تصيح وجدتها وجدتها. قالها دون مواربة احد الذين يملؤن الشاشات عواء بحجة التحليل السياسى ( احتلال هجليج اسهم فى التفاف الناس حول الانقاذ مثلما سيفعل قصف مصنع اليرموك ) الاحداث الاخيرة والاخيرة جدا ( المحاولة التخريبية ) ( الجماعة الدينية المتشددة بالدندر ) وبالامس ( محاولة قصف الفاشر ) التى ملاء بسببها كبر الدنيا صياحا وعويلا . كل هذه الاحداث للناظر بالعين المجردة هى ايضا مصنوعة ولم تحسن الحكومة صناعتها فخرجت كالسلع الصينية التى قال احدهم ( ما بتصبح الواطة ). المحاولة التخريبية التى تناقضت عنها وفيها وحولها تصريحات اقرب الاقربين لدرجة ان المؤتمر الوطنى نفسه فى اجتماعه الاخير بقيادة نافع ( يطالب بمزيد من المعلومات بما لا يتعارض مع مسار التحقيق ) نسمع عنها فى كل يوم رواية جديدة ومختلفة تماما . فى اول مؤتمر صحفى لوزير الاعلام قال وبالحرف (السلطات وجهت لهم تهم التحريض على الفوضى واستهداف بعض القادة ونشر الشائعات عن صحة الرئيس ) تهم لا ترقى لان تتطور وتصبح بين عشية وضحاها ( انقلاب كامل الاركان ) كما جاء على لسان مدير الامن يعنى ليس ( الشروع فى الانقلاب ) كما ساد الاستخدام ايام العدالة الناجزة . المعتقلون كانوا 12 وكل يوم تأتينا الاخبار باضافة اثنين او ثلاثة رغم تأكيد وزير الاعلام والناطق الرسمى للقوات المسلحة بأنه لا ( امتداد ) لها. الغريب وهو القاسم المشترك بينها وبين الجماعة المتشددة هو عدم ذكر الاسماء. الذين اعلن عن اسماءهم لم يتعدوا الخمسة وكأن اعلان الاسماء يتعارض مع سير التحقيق. نفس الشيئ انطبق تماما على الجماعة المتشددة فعندما سئل والى سنار على الهواء عن اسم قائد المجموعة ذكر ( انا ما عندى الاسم ) لكنى اعرف انه حاصل على الدكتوراة فى الكيمياء من جامعة امريكية . ايهما اصعب ان تعرف الاسم ام ان تبحث عن سيرة اكاديمية . الاخرون غير ان اعمارهم تتراوح بين 19 و25 لم تتوفر اى معلومة اخرى . لا اعتقد ان ذكر الاسماء فى هذه الحادثة يتعارض مع مسار التحقيق ويعيقه وما قصة الخليفى ببعيدة عن الاذهان .وهل ذكر اسم قوش اعاق مسار التحقيق ؟ الحادثة الاخيرة والمتعلقة ب ( النية فى الشروع فى قصف الفاشر ) لم تسبك على النيران الهادئة حيث فجاءتها النيران الصديقة من السيسى وجماعته بالقول بان الادعاء بان القوات التى تم الهجوم عليها تابعة للجبهة الثورية محض افتراء فهى قوات تتبع للتحرير والعدالة وكانت فى مهمة دورية ( شنو يعنى مهمة وشنو يعنى دورية ). وان الهجوم على قواتهم ( غاشم وغادر ومن شأنه تعريض اتفاق الدوحة للانهيار ) كشفت هذه التصريحات بعد ان قتلت الازمة داخل الرحم وكسرت لكبر (الماسورة بتاعت الدش فى يده ) عن مصيبة اكبر من كل ما جاء وما سيجئ وهو وجود اكثر من حكومة واكثر من جيش بدارفور والسلطات على علم بكل ذلك . لا ادرى ان كان ذلك قد نص عليه فى اتفاقية الدوحة ام لا لكن وضعية الكتيبة 9 و 10 تستنسخ نفسها . الحدث الاخير والذى اعتبره الاكثر خطورة تنازل فيه الناطق الرسمى باسم الحكومة تاركا الملعب والكرة للسيد عثمان كبر لعل ذلك يسترد به ما انخطف عنه من اضواء بعد رحلة الحج والحديث الذى رافق تلك الرحلة . محمود استفاق ذات يوم ليجد امامه النمر بشحمه ولحمه ولم يجد من كان يتسلى بهم وستعيد القصة نفسها برواية ربيع او قطبى او الصوارمى وتستفيق الحكومة لا لتجد النمر ولكن لتجد ان العطف والتعاطف الذى كانت تتسوله باختلاق الازمات قد تحول لغضب عارم يقضى على الاخضر ة واليابس . فهل من استفاقة قبل ذلك ؟؟