[email protected] نهتم بالشأن المصرى كما ذكرنا فى أكثر من مرة لأننا نتاتثر بما يدور فى مصر، وبسبب الأخوه الأنسانية التى تجمعنا، ومن عجب فهذه المره مصر تتاثر بما حدث فى السودان. والأصدقاء فى مصر، كتاب وصحفيين وسياسيين وأناس بسطاء نعرفهم، كانوا يندهشون ويستغربون لأنفصال جنوب السودان عن شماله، وهم لا يعلمون أن التسامح الدينى فى السودان، قبل وصول الأخوان المسلمين للسلطه، لم يكن له مثيل فى كآفة دول العالم ولا حتى فى مصر، التى يعتبرونها نموذجا للتسامح .. وأعلم أنهم لا يستيطيعون أن يتخيلوا امكانية أن يتحدث مصرى عن انفصال، وهذا حدث فى الأيام الأخيره ولو على صوت منخفض فى المحله والأسكنريه، وعليهم أن يهيئوا انفسهم من الآن لمثل هذا الحدث، والا يقللوا منه أو يستهينوا به والخطر يأتى من مستهون الشرر، وطالما الأخوان المسلمون سيطروا على السلطه وبدأوا فى الهيمنة على كل جوانب الحياة فى مصر، فسوف يمارسوا الظلم على ابشع صوره والمظلوم لا يميز بين الحق والباطل، ولا يعرف الصحيح من الخطأ. وما يجرى الآن فى مصر تحقق فى السودان وبالتفاصيل الدقيقه مع بعض الأختلافات الطفيفه خلال 23 سنة. والفرق الوحيد أن نظام الأخوان فى السودان جاء عن طريق انقلاب عسكرى بعد أن دخل منهم فى البرلمان لأول مرة أكثر من 50 عضوا، بينما وصل الأخوان المسلمون فى مصر للسلطه عن طريق انتخابات ديمقراطيه ساندتهم فيها القوى المدنيه والليبراليه وحسمت معركة الرئاسه، لصالح مرشحهم (مرسى)، فانقلبوا على تلك القوى وتنكروا لها ولصوتها وصاروا يكفرونها مع ان مصر كلها بمسلميها ومسيحيها، وسلفيها وعلمانيها، لا يختلفون على (مبادئ الشريعة) ولا أحد فيهم يستطيع أن يجروء – بوعى أو لا وعى - للحديث ضد (الشريعه) أو يرفض أن تكون مصدرا رئيسا للتشر يع. الشاهد فى الأمر أن الأخوان المسلمين فى السودان وبأغتصابهم للسلطه وبتحالف مع الوهابيه والأنتهازين من أدعياء التصوف، اعلنوا حربا جهاديه على اخواننا وشركائنا فى الوطن (الجنوبيين) وابادوا منهم أكثر من 2 مليون انسان، مما أدى فى نهاية الأمر لأنفصالهم فى استفتاء بنسبة 98%، وعددهم لا يزيد عن 8 مليون، المسيحيين منهم لا يتجاوزوا 4 مليون، بينما نجد فى مصر أكثر من 10 مليون مسيحى. وما حدث فى السودان سوف يحدث فى مصر بسبب الدستور غير العادل المعروض يوم السبت للأستفتاء والذى يمارس بسببه (الأخوان) و(السلفية) ، ارهابا وخداعا كبيرا، ويدعون بأنه يحقق العداله والمساواة وأنه نص لأول مرة على أن تطبق فى المسيحيين واليهود شرائعهم، وهذه (رشوة) لأخذ مقابل أكبر منها بكثير، بل ذلك المقابل يبطل هذه الرشوة تماما. والذى منح للمسيحيين مفهوم، ويأتى فى جانب ممارستهم (لأحوالهم الشخصيه) وفق شرائعهم، يعنى الزواج والطلاق، وتنصيب البابا وخلاف ذلك من شعائر. لكن ذلك المسيحى محاصر (بأحكام) الشريعة الأسلاميه فى جميع الجوانب ،وما هو خطير للغاية هز الأصرار على المادة رقم 219 التى بموجبها لا يستطيع قاض أن يحاكم مسلما قتل مسيحى بل لا تقبل شهادة مسيحى ضد مسلم، وكثير من الأحكام التى تجعل المسيحى مواطنا درجة ثالثه وتجعل المرأة المسلمة مواطنا درجه ثانية، غير مسموح لهما بتقلد وظيفة رئيس الجمهورية والعديد من الوظائف الأخرى. للأسف خرج على أحدى الفضائيات أحد فقهاء الأزهر الذى يثق فيه (الأقباط) وهو الدكتور/ عبد الرحمن البر وهو عضو فى جماعة الأخوان المسلمين وعضو فى الجمعية التأسيسيه، لينفى ذلك بالكذب والخداع، ويضيف بأن أحد المذاهب الأربعه هو الذى يرفض اعدام مسلم قتل مسيحيا، والحقيقة هى أن المذاهب الأربعه (المعتبره)، المالكى والحنبلى والشافعى والحنفى، ترفض ذلك بل ترفض مجرد محاكمة مسلم اذا قتل مسيحيا دعك من أن تعدمه. ثم حاول أن يستدل بآية أخرى فقال أن بعض الفقهاء يأخذون بها وهى التى تقول (الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى)، ذكر (الفقيه) الأزهرى تلك الايه كدليل على أن من قتل نفسا فيمكن قتله قصاصا دون اعتبار لدينه، وهذه الايه تقرر أن يقتل عبد من طائفه أو جماعه اذا قتل عبد من طائفة أو جماعه تحاربها حتى لو لم يكن العيد هو القاتل، يعنى لو قتل (حر) عبدا من قبيلة، فالقصاص يتم فى عبد لا فى ذلك الحر. ولذلك نقول بكل وضوح بأن (احكام) الشريعة لا تناسب انسانية العصر. والدستور المصرى المعروض الآن فى اربعة مواد منه يرسخ لتأسيس دوله دينيه، الكلمة الأخيره فيها للفقهاء لا القضاة. وأخيرا .. لا اريد أن اطيل فى هذا المقال لكنى أذكر بأن ما حدث فى السودان أراه يتحقق فى مصر خطوه بخطوه، وشبرا بشبر، فحتى الضرائب التى اعلنها النظام المصرى وجمدها (مؤقتا)، بسبب الأزمه القائمة الآن بسبب التغول على السلطه القضائيه وبسبب (الدستور) والتى سوف تؤدى الى غلاء فاحش، يرهق البسطاء، فعلها من قبل نظام الأخوان فى السودان، فالمنهج واحد ومتطابق. واذا كان البائع المتجول البسيط فى مصر رفعت مخالفته من 4 جنيهات الى 4 الف جنيه، فمن قبل فرضت فى السودان ضرائب على بائعات الشاى فى الشوارع وهن من الأرامل والمطلقات، وفرضت كذلك ضرائب على الباعة المتجولين. والأخوان المسلمين .. لا يهمهم ذلك كثيرا لأن منهجهم أن تجوع كلبك ليتبعك، أى أفقر الشعب وجوعه لكى يصبح مستكينا همه كله أن يوفر الأكل والشرب لعياله، دون طموحات أخرى .. وكل شريف وحر سوف يجد على يدهم الذل والأهانة والأفقار والتشريد والقتل والتعذيب وسوف يغتنى (فقط) انصارهم والأرزقيه والمأجورين. وأكرر مرة أخرى أن استهداف القضاء حدث بالضبط فى السودان مثلما يحدث الآن فى مصر، مما أدى الى تشريد القضاء الشرفاء، بعضهم هاجر للعمل فى دول الخليج وبعض آخر للعمل فى الدول الأوربيه فى اى مجال آخر غير مجال القانون. وما هو انكأ من ذلك أنهم لم يتركوا حتى مؤسسة الجيش والشرطة، فقد تم افراغهما من كل سودانى وطنى حر، وتم استبدالهما بالموالين (والتبع) بل اسسوا الى جانب الجيش السودانى مليشيات وكتائب، لعدم ثقتهم فى مؤسسة الجيش ولانهم لا يضمنون ولاءها رغم تفريغها من رموزها الشرفاء. هذه نصيحتى لشرفاء مصر فى القوى المدنيه والليبراليه والبسطاء والمسيحيين والمسلمين العاديين أو المخدوعين الذين يظنون أن الأخوان المسلمين (بتوع ربنا) .. اقول لهم أن تصويتكم (بنعم) فى الأستفتاء يعنى أن ترتكب جريمه وتتوقع انفصال بلدك الى دولتين (أسلاميه) و(مسيحيه) أو دوله للقوى المدنيه كآفة فى مصر مسلمين عاديين ومسيحيين، ودولة ثانية للأخوان المسلمين والسلفيين والمتطرفين. اللهم هل بلغت، اللهم فأشهد.