بقلم : محمد على اونور [email protected] جاء في الأخبار ان وزير المالية على محمود دعا وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعى اميرة الفاضل الى احترام قررات مجلس الوزراء او تقديم استقالتها من منصبها عقب المشادة التى حدثت الاسبوع الماضى بين الوزير والوزيرة بالبرلمان على خلفية اعتراض وزيرة الرعاية الاجتماعية على خلو مشروع الموازنة من اى مبالغ لرفع المعاش واالتامين الصحى ونحن بدورنا ندعو وزير المالية بالقيام بجولة تفقدية فى الاسواق والاحياء ومواقع العمل للوقوف على معناة المواطنين جراء السياسات الاقتصادية والى ما صل اليه الناس من ضائقة معيشية بسبب الارتفاع الجنونى للاسعار التى اصابت البعض بالاحباط واليأس وطردت من مخيلتهم الاحساس بالتفائل والامل والعبارات الشاعرية مثل العبارة التى يستخدمها الشعراء والعشاق عبارة (بكرة احلى) وحلت محلها فى مخيلة المواطن عبارة (بكرة اغلى) حيث اصبحت الاسعار فى حالة هيجان وفوران وتصاعد مستمر لا تعرف التوقف لا يستطيع احد التكهن بمعدلات ارتفاعها والسقوف التى ستبغلها وكذلك فى ظل غياب التخطيط وثقافة الانتاج واللجوء الى الحلول السهلة بمحاولة سد العجز فى الموازنة فى كل مره بفرض المزيد من الضرائب والرسوم ورفع الدعم عن بعض السلع الضرورية فى ظل هذا الوضع لا احد يستطيع ان يتكهن متى ستنتهى المعاناة التى ارهقت المواطن واثقلت كاهله وضاعفت من همومه واخلت ببعض التزامته الاسرية و دفعت المواطن بالتفكير فى المقاطعة والتخلى عن شراء بعض السلع الضرورية مثل اللحوم والالبان والسكر والزيوت التى وصلت اسعارها الى معدلات غير مسبوقة ويحدث هذا فى بلد زراعية تمتلك اكثر من اربعين مليون راس من الثروة الحيوانية وبها اكثر من ستة مصانع للسكر وثلاث سدود لانتاج الكهرباء كلما شاهدت مواطنا يبث شكواه ويعبر عن معاناته المستمرة وفى ذات الوقت استمعت الى تبريرات المسؤولين عقب كل كارثة او حصاد لسياسة خاطئة او تبرير لقرار مجحف فى حق المواطن اصبحت ابحث عن تعريف جديد لكلمة الفشل فمعظم الوزراء خاصة الوزرات التى لها علاقة بمعاش وخدمة وامن المجتمع جلسوا على مقاعدهم لسنوات دون ان يحققوا نجاحات مع ذلك ظلوا يتنقلون من وزارة الى اخرى من موقع اخر مثل الفراشه التى تتنقل بين الازاهير، ماذا يمكن ان نسمى عجز وزارة المالية فرض ولايتها على المال العام ووضع يدها المرتجف على الاموال المجنبه وماذا يمكن ان نطلق على تنافس الوزارات فى تحديث مقارها و المرافق الحكومية بتشيد ابراج اسمنتية تغطيها واجهات زجاجية على اشكال هندسية مثل السفن والطائرات كأن هنالك ليست ازمة اقتصادية وحرب دائرة على الحدود الجنوبية ، بماذا يمكن ان نصف خروج معظم المشاريع الزراعية من دائرة الانتاج بسبب العطش والاهمال وفساد التقاوى وكيف يمكن ان نفسر ارتفاع سعر كيلو اللحم الى اكثر من خمسة خمسين جينها ورطل اللبن الى جنهيان ونصف وقائمة اخرى من السلع لا استطيع ان اضع ارقام لاسعارها عند كتابة هذا المقال خشية من ارتفاع اسعارها عند مثول الصحيفة للطبع هل يمكن ان نقول حدث هذا بسبب عدم احترام لقرارات مجلس الوزراء ام لفشل فى ادارة الموارد وادارة الازمات الداخلية ، لا ادرى متى يستوعب هؤلاء ان وجودهم فى السلطة من اجل خدمة المواطن وليس من اجل إيذائه والتضييق على معاشه وتشريده من وطنه كيف يجد كل من وزير المالية الذى دعا وزيرة الرعاية الاجتماعية تقديم استقالتها وكذلك محافظ بنك السودان المسؤولان المفترضان عن وضع السياسات الاقتصادية والمالية مبررا اخلاقيا لبقائهما فى منصبيهما بعد تسجيل الموازنة العامة للعام 2013 عجز بلغ عشر مليارات من جملة خمسة وعشرين كذلك ارتفاع معدلات التضخم الى نحو 46% فهو احدى مؤشرات الانهيار الاقتصادى ايضا من علاماته تدهور العملة الوطنية مقابل العملات الاجنبية وتعويمها وكذلك هروب الاستثمار وعجز فى الموازنه وتراجع الصادرات امام الورادات وانحسار صرف الدولة فى الصرف على الخدمات والامن وخروج الاموال المرصودة لاقامة مشاريع تنموية من الموازنة وهو ماتعبر عنه الان بعض ملامح موازنة 2013 ، نعم وزير المالية وكذلك محاقظ بنك السودان لا يتحملان لوحدهما ما يحدث من ازمة اقتصادية واخفاق السياسات المالية وعجز فى الموازنة وتدهور الجنيه السودانى هنالك اسباب جوهرية تاتى على راسها الحرب وكذلك لا يتحمل اى مسؤول اخر الاخفاقات التى تحدث فى وزارته او دائرة اختصاصة لوحده وهى اخفاقات مرتبطة بخلل فى منظومة الاجهزة التنفيذية وبعضها موروثه من قبل من سبقوهم فى المنصب تتحمل مسؤليته المنظومة السياسية الحاكمة التى فشلت فى امتصاص تدعيات انفصال الجنوب كما سبق ان فشلت فى وضع سياسات اقتصادية كان من شانها توظيف عائدات بترول الجنوب فى الاستثمار الزراعى والثروة الحيوانية خاصة فى العهد الذهبى سنوات نيفاشا الخمس التى كانت فيها الحرب متوقفه وكذلك بالاضافة الى الاخفاق التاريخى المورث منذ الاستقلال الذى تتحمل مسؤليته كافة النخب السياسية التى فشلت فى ادارة بلد مثل السودان يتمتع بكل اسباب النجاح ويزخر بموارد بشرية وطبيعية من اراضى زراعية وثروة حيوانية ومياه وموارد معدنية مثل الذهب والبترول والحديد بالاضافة الى الكوادر المؤهله وتنوع وثراء ثقافى واجتماعي مع ذلك تحيط به الأزمات الاقتصادية والسياسية والنزعات المسلحة كما يحيط نبات اللبلاب (البلوط السام) بجذوع الأشجار يلعق قشرتها ويمتص رحيقها اذا ما سارت الأمور على هذا النحو وتواصل الإخفاق الاقتصادي والتناحر السياسى والنزاعات المسلحة اخشي ان ياتى يوم تتصاعد فيه الدعوات للاستعانة ببيوت خبرة متخصصة فى ادارة الدول وخبراء أجانب من عينة الوزراء فى الدول المتقدمة الذين يقضى احدهم فى المنصب اربعة اعوام ويمضى خفيفا تاركا خلفه انجاز يدوم لخمسين عاما (لا يبنى عمارة ولا يشترى برادو لمرتو)