مع الأحداث حتى تزدهر الثورة بابكر عيسى [email protected] بعد ساعات قليلة ينقضي عام ويهل عام جديد، سنوات تتسرب من بين أصابعنا دون أن نرصد حجم الإنجاز على الصعيد الشخصي، ويبقى الشأن العام هو الشاغل الأعظم للجميع، في عام تساقطت فيه قلاع التسلط والديكتاتورية والاستبداد، عام ما زالت فيه جمرة الثورة المقدسة متّقدة في الصدور، وفي أحشاء الواقع المُتخم بالمحن والكوارث والمآسي، فالموروث من سنوات التيه ما زال يثقل الخطى نحو المستقبل، وشياطين الحاضر الجديد يتقافزون بانتهازية مطلقة ليرثوا الماضي القديم ويبنوا إمبراطورية مستحدثة باسم المقدس في حياتنا.. الانتهازية ستبقى العنوان إلى أن يفيق الجميع من حالة الحذر ومن سطوة الدراويش الجدد، ويعيدوا للثورة ألقها وللوطن مجده وللمستقبل وجهه المشرق المملوء بالأمل والعافية والرجاء. عام تكاثرت فيه المحن.. تونس الخضراء التي أشعلت فتيل الثورة وأضاءت الربيع العربي ما زالت تئن تحت عبث القادمين الجدد لمقاعد السلطة، وليبيا التي تخلصت من زمن الطاغية ومن جبروته ومن هوسه الذي أضاع المليارات وأفقر البلاد وورطها في صراعات عبثية، وتسعى للتطهر من عصره ومن ناسه ومن كل أزلامه الذين لوثوا الهواء والتاريخ، ليبيا ما زالت تنزف في صمت، حيث الصراع ما زال متقداً بين القادمين والقدامى وما زال صوت الرصاص مسموعاً في المدن الليبية حيث الثارات القديمة ما زالت متقدة. نقفز عبر التاريخ والمكان إلى اليمن حيث الثورة المسروقة وحيث ضاعت التضحيات الجَسور للشباب اليمني هباء منثورا بعد أن تمت إعادة طلاء الواجهات وبقي الواقع السياسي المتمدد في القصور القديمة قائماً، والرئيس الذي أطاحت به الثورة يمشي مزهواً في الردهات وهو يستمع إلى الهتاف عبر الساحات المتعَبة والتي أضناها الانتظار. نعود إلى الوهج المتجدد في صدر الأمة إلى أرض الكنانة، إلى مصر العزيزة التي ما زالت تبحث عن كنزها المسروق، وعن ثورتها التي تسربت من بين الأصابع، ليبزغ فجر جديد –هلامي لا ملامح له- ليُدْخِل أرض الكنانة في نفق مظلم، لا ضوء، لا هواء، لا ديمقراطية، ولا قبولَ بالآخر.. استحواذ على كل شيء في زمن قياسي – إنه زمن التمكين وزمن الإقصاء وزمن التجربة السودانية الشائهة التي حولت وطناً عظيماً إلى أنقاض- وما زال الحراك متجدداً في كل الاتجاهات، لأن الصمت معناه استحكام الكارثة ووقوع المصيبة وضياع البلد. لنعبر حيث الجمر واللهب، حيث الموت في الطرقات وفي أزقّة المدن وفي الضواحي.. حيث إرادة الثوار لا تتراجع رغم الموت القادم من السماء ورغم القصف الأعمى الذي دمر المساجد والمخابز والبيوت.. ورغم العار الدولي الذي يتدَثر بعجز المنظمات الدولية، ويتستّر وراء الفيتو الروسي – الصيني في مجلس الأمن، فإن ثوار سوريا خرجوا ولن يعودوا إلى حطام منازلهم ومدنهم إلا وهم يحملون النصر والحلم بدولة ديمقراطية تعددية تحتضن الجميع وتبني وطناً للأجيال. عام 2012 لم يكن عامًا للفرح ولم يعرف البهجة وإنما كان عامًا للمجاهدة وعاماً للصبر والدعاء بأن تتواصل إرادة الشعوب لتصحح الأخطاء ولتكتب صفحة جديدة من تاريخ الوطن العربي، وليبقى الإنسان هو العنوان، وأن تزدهر حقول الوعي والمعرفة في عقول الجميع.