/ لندن [email protected] صوت من الهامش لا يحسبّن أحد أن تأييدنا للثورة يعصمنا من إنتقاد الثوار، ولا يظنن سيئ ظن أن معاداتنا للنظام تعني تلقائيا مناصرة مطلقة للحركات المسلحة ، ذلك أننا نقف من جميع الثوار موقف يمكننا من تقديم الدعم المعنوي لكل من يلتزم جادة القضية أو يخطو خطوة نبيلة في مضمارها ، وفي ذات الوقت لن نسكت عن التجاوزات الثورية المقصودة ، لأن في ذلك خذلان لأهلنا في ربوع الهامش، الذين نذرنا انفسنا على ان نكون مجرد أحد اصواتهم ما استطعنا، بقدر فهمنا وتقديرنا للأمور، وهي نسبية بالطبع قد نخطئ وقد نصيب. وكما قنعنا من "خير" في النظام، ليست لدينا مصلحة مباشرة مع أي فصيل مسلح، تجمعنا مناهضة الظلم والكفاح من اجل دولة المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، ولا يعتقدن غافل أننا نكيل للنظام والثوار بنفس العبّار، كلا، لكلٍ مكياله عندنا، وهل يستوي الشر المطلق الذي يمثله النظام، والخير المرتجى من الثوار؟ الثابت عندنا أننا منحازون أخلاقياً للمواطن، ونامل أن يلتزم الثوار بهذا الانحياز لكي تتعاضد جهودنا في مواجهة الأشرار. نكون مثاليين وغير واقعيين إن تطلعنا لثورة مسلحة ناصعة البياض، والقيادات السياسية للثوار أنفسهم يقرون بوجود تجاوزات، والمرتجى تقليل الأضرار الناتجة عن التصرفات المباشرة من الثوار، وتحجيم الآثار الثورية السالبة على المواطن الذي يتوجب عليه تحّمل جزء من ثمن الثورة، ذلك أن الثورة ليس باستطاعتها الانتصار ما لم تكسب ود المواطن وتنال ثقته و تتلقى الدعم الشعبي دون تحفظ. لكل جواد كبوة، ففي الثاني من شهر يناير الجاري أصدر الناطق العسكري لحركة العدل والمساواة السودانية من الاراضي المحررة بلاغاً عسكرياً جاء فيه أن قوات الجبهة الثورية السودانية متمثلة في حركتهم تمكنت من الانتشار الواسع في جنوب وشمال كردفان، واستولت علي مناطق، وإزاء هذا البلاغ نود توضيح الآتي: أولاً: أن المناطق التي ذكر البلاغ أن الحركة استولت عليها معظمها تتبع لمحليتي اللعيت جاراالنبي والطويشه بولاية شمال دارفور، ومن خلال الإتصال الروتيني بأهالي المنطقة، إتضح لنا أن الأمر مختلف تماماً، فالحركة تذكر انها "استولت على مناطق" والأصح انها اجتاحتها لأن اغلب هذه المناطق، لا توجد بها نقاط شرطة ناهيك عن حاميات عسكرية تابعة للنظام، كما إنها لم تستقر بها إلا لساعات. ثانياً: أن الحركة اجتاحت مناطق كثيرة لم تذكرها في البلاغ ولابد من وجود سبب ورا السكوت عن تضمينها في البلاغ. ثالثاً: حسب إفادات الأهالي أن قوات حركة العدل والمساواة قد صادرت كافة كميات الجازولين المخصصة لتشغيل محطات الدوانكي والطواحين، واستولت على إيراداتها وتركت كامل المنطقة في عطش عصيب. رابعاً: على الحركة أن تعي أن الدوانكي بهذه المناطق تسير بالعون الذاتي، وكان عليها أن تكون رؤوفة بالمواطن، تأخذ الوقود أو المال ان كانت مضطرة، وفي هذه الحالة لا معني للبلاغ العسكري. خامساً: على الحركة ان أرادت الحصول على الرقود أن تجتاح المراكز الحكومية الكبيرة وهي تعرفها ، فوقود الحكومة وأموال النظام حلال عليها، أما جازولين المواطن وإيرادات مرافقها الخدمية الذاتية التسيير فهي محرمة عليها بموجب مواثيقها المعلنة وشعاراتها المرفوعة. سادساً: تزامنت هذه الأحداث المؤسفة مع الذكري الأولى لإستشهاد الزعيم المؤسس للحركة، والذي في عهده لم نشهد مثل هذه التصرفات, فما الذي استجد؟ لا شك أن الزعيم الشهيد نصير المهمشين الذي قدم روحه ثمنا لرفض الظلم تململ في مثواه الطاهر من تصرفات اتباعه قبل أن يجف ضريحه العَبِق. سابعاً: أن لم تصدر القيادة الميدانية للحركة بلاغاً عسكرياً عن هذه الأحداث المؤسفة يوحي بالإنتصار، لاعتقدنا أن المسألة قد تكون نتيجة تصرف قوات فالته ، لذا يتوجب على القيادة السياسية الاعتذار لأهالي المنطقة. ثامنا: حسب إفادات الأهالي، انتزعت قوات الحركة بضائع من تجار بعض المناطق ووزعت الكماليات منها علي مواطني مناطق أخري بغرض الاستعطاف فيما يبدو علي طريقة "الهمباتي" الانجليزي روبن هوود، ومثل هذه التصرفات الصبيانية علي نذالتها تثير الفتنة والكراهية وسط مواطني المناطق. تاسعا: لا اعتراض علي ممارسة قوات الحركة لمبدأ "الحرب خدعة" لكن محاولة خداع الرأي العام مرصودة ومرفوضة، فالقيادة الميدانية للحركة أصدرت بلاغها، لذا وجب سماع صوت الأهالي بعيدا عن محاولات النظام الاصطياد في المياه العكرة، وعلي الحركة أن "تمشي عدل لتحتار عدوها فيها". عاشرا: غالبية أهالي المناطق المجتاحة من قبل قوات الحركة تكاد معرفتهم بها لا تتعدي اسم زعيمها الشهيد المؤسس د. خليل، لذا لا نري سببا يدفعهم لتلفيق أكاذيب ضدها، خاصة أن مصادرنا اناس بسطاء لا علم لهم أننا نتعاطى الشأن العام. عرفنا حركة العدل والمساوة كحركة راشدة ولها قيادات رشيدة كانت في الماضي القريب تربأ بسمعتها عن مثل هذه الممارسات، لذا نأمل من قيادتها السياسية أن تولي هذه المآخذ الجدية والاهتمام دون حساسية فكلنا ثوار، وتعتذر لأهالي المنطقة وتطمأنتهم بعدم تكرار مثل هذه التجاوزات مستقبلا. وليكن شعار جميع الثوار "معا من اجل ثورة باذخة الشرف" وما أردت الا الإصلاح الثوري، وما التوفيق الا بالله. [email protected] آفاق جديدة/ لندن