[email protected] الأستاذ حسين خوجلى من أبناء دفعتى فى المرحله الثانويه وأن كنت اسبقه بسنة أو (فصل) كما يقولون وتجمعنا (أم درمان) رغم اختلاف الأفكار والرؤى والمبادئ وبسطة الجسم وسعة المال. تحدث (حسين خوجلى) .. فى قناته الفضائيه (أم درمان)، فى برنامج يقدم فيه زاوية تحت أسم (عمود على الهواء)، وفى شئ من الحزن والأسف أرجو أن يكون صادقا فى مشاعره، لا أن تكون أحاسيس (كيزان)، على ما جرى للوطن مؤكدا ان رفاقه فى مراحل الدراسه الذين يعرفهم من ابناء دارفور، لا يمكن أن (يتمردوا) اذا صحة الكلمه بأنها (تمرد) وليست ثوره! فاذا تمرد نفر من أبناء (أم درمان) يا حسين، فكيف لا يتمرد (الدارفوريين)، لا تقليلا من شأنهم أو مكانتهم وأنما لأن الحق معهم بسبب التهميش (الجماعى) طويل المدى، الذى شمل معظم أهل الأطراف فى السودان ومنذ زمن بعيد، ثم جاءت الأنقاذ (نظامكم) حتى لو ابتعدتم عنه، وتتحملون مسوؤلية المشاركه فيه، فاضافت الى ذلك (التهميش)، القتل الجماعى وحرب الأباده واغتصاب الحرائر، وسياسة فرق تسد التى جعلت جزء من بنى تلك المناطق يتنكرون لأهلهم وللحق ويشاركون فى تلك الجرائم الأنسانيه على نحو مباشر أو بالصمت الجبان أو بتأييد المصلحه والمنفعه الذاتيه. فكيف لا يثورون، بعد كلما جرى ونفر من ابناء ( ام درمان) ثاروا وحملوا السلاح بسبب ظلم أقل درجة من ذلك، فى غالبه (فردى) وفكرى أكثر منه (مطلبى)، تسببت فيه ثقافة النظام الفاشى التى تشبه ثقافة (بوش)، من ليس معنا .. فى الدجل والتزييف الدينى وتضليل البسطاء وممارسة التمييز الدينى والعرقى، أو كان طاهر ونظيف اليد غير قابل للشراء، فهو ضدنا. لماذا يا حسين .. تدفنون روؤسكم تحت الرمال، ولا تقولون كلمة الحق الا (مواربة) ومن وراء خمار أو حجاب أو نقاب، تسبقها اشادة برمز متغطرس ومتجبر أو فاسد، وفى هذا الجانب لا فرق بينك وبين أحمد البلال الطيب أو اى اعلامى فى النهايه يدور فى فلك النظام. تمرد أبناء ام درمان .. والتمرد على مثل هذا النظام (شرف) لا جريمه، رغم ما تحمله (ثقافة) أهل أم درمان لا سكانها من قيم الوحده والتسامح وجمع الصفوف وكلما هو وسطى ومعتدل، ورغم ما نعرفه من (أم درمان) التى تمازجت فيها كأفة الأديان والمذاهب والأفكار والقبائل، وأثمرت تلك الحديقه قبيلة واحده لا شايقيه أو جعليه أو دنقلاويه أو نباويه أو دينكاويه أو فوراويه أو زغاويه هدندويه .. الخ وأنما قبيلة (أم درمان) التى لا تنحاز الا الحق والعدل، ولذلك أقترحت فى مرة من المرات أن تدرس منظمات الأممالمتحده ذات الصله والمعنية بفض النزاعات والصراعات فى الدول التى تعانى من تمييز قبلى أو عرقى، أن يدرسوا ثقافة أهل أم درمان وكيف كان أهلها يتعائشون ويمتزجون، وأن يستخدموا تلك الثقافه فى حل تلك النزاعات والصراعات. وأنت تعلم أم درمان كلها لم يكن فيه أكثر من 5 مراكز شرطه، وألان فى كل حى بل كل شارع ام درمانى (كشك) بسط أمن شامل، رغم ذلك لا أمن ولا امان ، لأنه يتحقق داخل النفوس لا بنصب (الأكشاك) ، والأمن لا يتوفر طالما الحياة أضحت ضنك وقل التراحم وكثر المال فى ايدى قلة فاسدة ، وأنعدم فى ايدى ألأغلبيه الفقيره، وأهل أم درمان فى معظمهم كانت غاية طموحاتهم (سترة) الحال، لا يسعون للسعة المفرطة أو للغنى ولا يتهافتون على الأغنياء. فمن تسبب فى كل ذلك؟ السبب فى ذلك يا حسين هو (انت) ومن هم فوقك أو تحتك كبارا وصغارا الذين جئتم الينا بثقافة دخيله وفكر مستورد لا يشبه ثقافتنا السودانيه على نحو عام وخاصة ثقافة أم درمان التى تنتمى لها وتجعلك تبدو مختلفا عن باقى رفاقك على الأقل فى الأسلوب وطريقة الحديث، ولا يمكن اختلافنا معك يجعلنا نشبهها بطريقه حديث ربيع عبد العاطى و (على عثمان) و(نافع) أو رئيسهم (البشير) التى هى أكثر عفونة من (لغو) الحديث ومن (فسو) الكلام. السبب فى ذلك هذا الفكر الذى سمى بفكر (الأخوان المسلمين) ولقد كنت احد اساطينه فى مدرسة أم درمان الأهليه. ونحن اليوم نشهد اصحاب الفكر انفسهم حينما وصلوا للسلطه كيف فعلوا بوطنهم خلال 6 اشهر. لم يفعل (مبارك) مثل ما فعلوا فى 30 سنة وكيف مزقوه وفرقوا شمله وهددوا وحدته الوطنيه وكيف اصبح السلاح أكثر من الخبز فى ايادى 90 مليون مصرى، الواجب عليكم جميعا بعد كل ما حدث أن تخرجوا على العلن وتعتذروا للشعب السودانى بكل وضوح بدلا من المواربه واستخدام العبارات المعسوله. للأسف ذلك الفكر الأخوانى (القطبى) المختلط (بالوهابى) لم يكتف بادبياته وثقافته وحدها وأنما جر علينا كل اشكال التطرف، السلفى الجهادى وما هو أكثر من متطرف وجهادى، وطغى هذا الصوت النشاذ مجتمعا على صوت الصوفيه (الأصلاء) ومدائحهم، التى كنا نسمعها فى اذاعة امدرمان من الشيخ (ألسمانى احمد عالم) أو فى (المولد) من الشيخ (تاج السر على الشيخ)، مثلما كنا نسمع فى الصباح الباكر وقبل أن نعرف الدين صوت الشيخ (عوض عمر) وهو يتلو القرآن من مسجد أم درمان الكبير، ثم تنطلق اصوات الأجراس من أحدى الكنائس فى حى المسالمه، ونشعر بنفس الأحساس الدافئ الذى نشعر به حينما ينطلق صوت مؤذن شجى. هذا الفكر (الظلامى) الذى يحرض على الظلم والكراهيه والتمييز، يا حسين هو المشكله الأساسيه، ولابد أن نعترف من قبله الطائفيه البغيضه واستغلال البسطاء، كذلك باسم الدين من أجل الدنيا، اؤلئك استغلوا جدود واباء الدارفوريين وغيرهم من ابناء الهامش، وجزء من اهلنا فى الوسط وأنتم وشيعتكم قتلتم اخوانهم وأغتصبتم اخواتهم وابدتم مئات الالآف، فقط لأنهم قالوا (لا)، ولأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة كسودانيين. ولا زالت سياسة فرق تسد مستمرة ، كبر والسيسى، ومحمد محمود، ودوسه وابو قرده .. الخ الخ، ثم بعد كل ذلك تنتظر الا يتمرد الدارفوريون وصعبت عليك كلمة حق تنطق بها فتقول أنهم (ثاروا) وأنتفضوا .. وأن من لم يثر أو ينتفض منهم، من الذين تعرفهم حتى ولو بأضعف الأيمان، فعليه أن يجرى عملية زراعة (ضمير). يا حسين .. مثلما قال النائب البجاوى (بامكار) لأهل الأنقاذ فى بدايتها ((رجعونا محل انقذتونا))، اقول لك بلسان أهل أم درمان واتكاء على ثقافتهم رجعوا للسودانيين دينهم، الذى لم يعرف الغلو أو التطرف و لم (يتلوث) فى السياسه، فالدين له رب يحميه أما نحن فلنا سوداننا وأم درماننا، ونحن لسنا أكرم أو اعز من جد الرسول الذى قال كلمة مثلها لأبرهه حينما استولى على ابله. مسك الختام: جلست ذات مره مع رفيقك فى (الفكر) الدينى، والأم درمانى الأنتماء، (المحبوب)، فى مقهى من مقاهى القاهره، قبل أن يحل عليها (الظلام)، وخلال نقاش فكرى، طلبت منه ان يلتفت وينظر وراءه لمكان هادئ بابه مغلق لا يبعد عنا كثيرا، وقلت له هل تعرف ما هذا المكان؟ فقال لا، قلت له هذا (بار)، هل سمعت صوتا خرج من داخله، قال لآ! قلت له انهم هكذا دائما، لا يزعجون احدا يمضون ليلهم فى ذلك المكان ونحن نمضى ليلنا نشرب الشاى والقهوه وكثيرا ما يعلو صوتنا ويرتفع بسبب خلاف فكرى أو سياسى، فيخرج بعضهم مندهشا من سلوكنا ثم يعود لمكانه، وفى آخر الليل يتجهون لمنازلهم بكل هدوء وأدب. الشاهد فى الأمر أنى لا لريد أن ادعو لأباحية أو فوضى، أو فتح (البارات)، لكن تلك صوره ذكرتنى بأهل ام درمان، كانوا هكذا (كل فى حاله)، يمارس حريته وديمقراطيته، دون أن يعتدى على حرية الآخر. ومن ثقافة أهل (ام درمان)، ما سمعته ممن لا اشك فى صدقه، قال لى خلال فترة حكم (عبود) التى كان يطارد فيها الشيوعيين ويسجنون، كان ضباط المباحث من ابناء ام درمان يحمل الشيوعيين من ابناء حيه فى سيارته لكى يبعدهم الى مكان آخر حتى لا يقبض عليهم فى حمله من الحملات التى تداهم بيوت الشيوعيين، فمن العيب فى نظره أن يقبض عليهم وهم من ابناء حيه. هكذا كان اهل أم درمان وهكذا كانت اخلاقهم وكان دينهم، وأم درمان (ملخص) للسودان كله، أخذ اهلها من بعضهم افضل ما لديهم من صفات وتخلوا ما هو سلبى، فهل اعدتم لنا ديننا بعد ما ضيعتم دنيانا؟؟