الجوس بالكلمات الظلم ظلمات يوم القيامة محمد كامل عبدالرحمن حينما أنشأت الحكومة ميناء بشائر «2» في منطقة هوشيري بولاية البحر الاحمر تضرر عدد من سكان المنطقة حينما نزعت اراضيهم الزراعية التي ورثوها عن الاجداد وظلوا يزرعونها جيلاً بعد جيل، وقالت الحكومة في تلك الايام علي لسان كبير مستشاري وزارة الطاقة والتعدين انها عوضت المتضررين عن ممتلكاتهم المنقولة وان التعويض عن عين الارض ليس من شأنها وانما هو من اختصاص حكومة الولاية والجهات المعنية الاخري او ذات الصلة ولم يتم تحديد جهة بعينها يمكن الرجوع اليها ولذلك احتار المتضررون ولم يعرفوا الي أين يتجهون وكانت تلك بداية مأساة متضرري هوشيري المغتصبة اراضيهم بقوة السلطان وتدابيره المانعة . العم محمد عثمان عيسى هجينة البالغ من العمر اكثر من سبعين عاماً او ناهز الثمانين هو واحد من اولئك المتضررين وهو يملك 65 فداناً من الاراضي التي صادرتها السلطات وادخلتها بواسطة الترهيب في ما يسمي ب « حظيرة الأمن » بعد ان سلمت عمدة المنطقة خطاباً بهذا الخصوص مايزال موجوداً كمستند دامغ ودليل قاطع علي مصادرة الارض المملوكة للمواطن محمد عثمان ، وبما ان المثل الشعبي يقول « المودر بفتش خشم البقرة » فقد بدأ المتضررون وعلي رأسهم هجينة رحلة البحث عن الحق المسلوب فخاطبوا الولاية فردت عليهم بالذهاب الي الحكومة الاتحادية فهي التي نزعت الارض بقرار رئاسي فجاءوا الي المركز يحملون المستندات التي تؤكد مظلمتهم وقد كان لي شرف عرض مظلمتهم علي كافة المستويات بدءاً من وزارة الطاقة ومجلس الوزراء وانتهاءً برئاسة الجمهورية التي اوصت بمراجعة المسألة، ولكن يبدو ان اللجنة القانونية المكونة من مجلس الوزراء لم تهتم بالقضية الاهتمام الكافي فأوصت المتضررين باللجوء الي القضاء . بالأمس هاتفني العم محمد عثمان من بورتسودان واخبرني بأنه لا يقوى ولا يستطيع مجاراة مطلوبات التقاضي والاختصام امام القضاء ضد حكومة السودان وانه لا يملك المال للتقاضي حيث من المعروف ان رسوم التقاضي في مثل هذه القضايا تتطلب في السودان اموالاً لا يملكها الا اصحاب الحظوة من المتنفذين ولذلك ضُيعت - بضم الضاد - بحسب هذه التدابير حقوق خلق كثير من أهل السودان يكفيهم شهادة السيد رئيس الجمهورية في الاراضي المقدسة حينما ذهب للاستشفاء وخاطب الجالية السودانية بأنهم في السلطة ربما أضاعوا حقوق بعض الناس وأنهم يطلبون العفو او شيئا من هذا القبيل ، المواطن محمد عثمان المسمى علي السيد محمد عثمان الختم الكبير او الصغير فكلا الرجلين مباركين يرفع مظلمته الي الله بعد أن أجل مطالبته أيام الاستهداف الاجنبي ضد البلاد وهو يطالب الحكومة في المركز والولاية اما برد حقه المحصور الان داخل حظيرة الامن او تعويضه التعويض المجزي لانه يعول أسرة كبيرة وله ذرية ضعفاء يريد ان يقيهم شرور الزمان بإذن الله . لقد كتبنا عن مظالم المظلومين وما اكثرهم في مختلف بقاع البلاد ولكن اتضح لنا ان قلوب بعض أهل السلطة قاسية بل هي كالحجارة أو أشد قسوة وأنه لا ينفع معهم الا الابتهال الي الله والدعاء عليهم في العشيات والإبكار حتي يثوبوا الي رشدهم ويردوا الحقوق الي أهلها دون تسويف أو مماطلة أو تحوير أوبالعدم يهلكهم المولى عز وجل فهو القاهر فوق عباده وهو العزيز الحكيم ومن المهم ان يفهم اولئك القابضون علي زمام الامور ان ملف متضرري هوشيري لن يسكت اصحابه حتي يتم تعويضهم لأنهم يعلمون ان السلطة استفادت من اراضيهم وانتفعت من تصدير البترول سنين عددا ثم شاءت الاقدار ان ينفصل جنوب السودان ويتوقف ضخ النفط لتعود منطقة هوشيري الي سابق عهدها جرداء قاحلة لا تجلب درهماً ولا دولارا وهجرها المستوطنون الجدد من عمال وموظفي شركات النفط الغرباء ثم هاهي اليوم تستعد لعودة ضخ النفط وعودة المنتفعين من غير السكان البسطاء الذين لم يستفيدوا شيئاً من كل ذلك الزخم، وفي مخالفة واضحة للقوانين والاعراف الانسانية التي تحث علي تطوير وتنمية المجتمعات البشرية المتضررة والمستوطنة قرب مشروعات التنمية الكبرى لم يستفد ابناؤهم من الوظائف حتي العمالية منها بحجة انهم غير مؤهلين في الوقت الذي يتم فيه الصرف علي تدريب المستوطنين الغرباء وتعليمهم قواعد اللعبة النفطية ..ستعود ساقية الشعور بالظلم من جديد مع بداية ضخ نفط الجنوب بعد توقيع الرئيسين للاتفاقية ولكن هل يأمن أهل السلطة مكر السماء ؟ ان تعويض متضرري هوشيري لن يكلف الحكومة عُشر معشار ما تكسبه من الاراضي المغتصبة من السكان فهل من مجيب ؟ . الصحافة