في وقت سابق وقبل الانتخابات الماضية وبسبب السياسات الخاطئة غادر عدد كبير من أميز أبناء ولاية البحر الاحمر مدينة بورتسودان مغاضبين بعد ان فقدوا الأمل في الإصلاح وبعد ان رمت السلطات المركزية المذكرة الاصلاحية الشهيرة التي كتبوها في سلة المهملات ، غادر موسى كجر وغادر سيد ابو آمنة ومحمد الامين كباشي وغيرهم وغيرهم ولم تفلح الوصايا الحكيمة في إثناء الولاية عن المضي قدماً في تفريغ الولاية من اهم ابنائها وكوادرها المميزة ولذلك نشأت الأزمات تتبعها الازمات وكان آخرها علو نبرة الإنفصال من داخل صحيفة المؤتمرالوطني التي يرأس مجلس إدارتها نائب رئيس الحزب وتوزع بواسطة عربات الولاية في الداخل والمركز . ان المؤتمر الوطني بولاية البحر الاحمر هو الذي فجر فيما مضى أزمة مذكرة الثلاثمائة قيادي وهو الذي فجر اليوم أزمة مقال ( البيان الأول ) بإعتبار ان الازمة الاولى تبناها القياديون بالحزب والثانية تبنتها صحيفة الحزب رغم إصدار المكتب القيادي بالولاية لبيان أنكر فيه صلته بالمقال الكارثة ولكن هذا لا يعفي نائب رئيس الحزب من المسؤولية بإعتباره رئيس مجلس إدارة الصحيفة ومن المفترض إطلاعه بكافة ما ينشر فيها ، صحيح انه ليست لديه مهمات صحافية او تحريرية عرفاً وقانوناً ولكن الصحيفة ولائية وتصدر اسبوعياً وهي لسان حال الحزب وبالتالي المسؤولية تكون تضامنية وكبيرة بحيث لا يتملص منها احد خاصة اذا راجت همسات تشير الى تورط قيادات الصحيفة في السكوت عن المقال حتى بعد نشره . ان الفعاليات المتعددة من أبناء الشرق التي اصدرت بيانات الشجب والإدانة ضد النعرة الإنفصالية انما تعبر عن رغبة الجماهير في الحفاظ على وحدة السودان رغم ان كثيراً من تلك الفعاليات ظلت ترزح تحت خط الفقر والتهميش على مدى عقود بيد ان الضمير القومي عندها ما يزال صاحياً وهي تقدر الظروف التي تمر بها البلاد اليوم ولا تريد إضافة المزيد من التعقيدات الى تعقيدات الظرف الراهن ولكن هذه المشاعر الوطنية الصادقة ينبغي ان تقابلها من حكومة الولاية والحكومة الاتحادية ما يناسبها من سياسات رشيدة تستجيب لقضايا الولاية الملحة مثل معالجة آثار الفيضانات والأضرار الجسيمة التي سببتها للأرواح والممتلكات في طوكر وفي بورتسودان وغيرها من المناطق المتضررة وتعويض المتضررين الحاليين واولئك السابقين من سكان منطقة هوشيري جنوببورتسودان الذين طرقوا كافة الابواب الرسمية بدءاً من حكومة الولاية ومروراً بسلطات وزارة النفط ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية بحثاً عن تعويضات اراضيهم المنتزعة لصالح مشروع بشائر ، لقد حفيت اقدام سكان هوشيري بحثاً عن حقوقهم السليبة دون جدوى حتى ذهب البترول اليوم مع ذهاب جنوب السودان وفي ذلك ظلم ما بعده ظلم . ان المدخل الى معالجة أزمات ولاية البحر الاحمر يكمن في تغيير الطريقة التي تدار بها الامور في تلك الولاية ، يجب علينا استرجاع شريط الذكريات وتقييم نتائج السياسات الخاطئة التي أقعدت الولاية وإشراك كافة أبناء الولاية في صناعة السياسات إن لم نستطع إشراكهم في اتخاذ القرار لأن السياسات الرشيدة تساهم في تبصير متخذي القرار ولكن العقلية الآحادية الفردية لا تخدم غرضاً ولا تفرز الا الأزمات خصوصاً والولاية تعيش اوضاعاً مربكة في محلياتها وفي وزاراتها وفي طوكر وحلايب وعلى صعيد الاستقرار الوظيفي وصرف المرتبات والاستحقاقات المالية واذا اضفنا الى ذلك إخفاق الموسم السياحي فإن الصورة تبدو اكثر قتامةً ومن المهم ان يتدارك المركز الامور قبل ان تسير في الإتجاه الذي يرسمه لها البعض ، لقد ساهمنا مراراً في اسداء النص لحكومة البحر الاحمر عبر الإشارة الى مواطن الخلل وتوجيه الإنتقادات البناءة ولكن لا حياة لمن تنادي ومن الواضح انه لم يتبق بعد ذلك الا آخر العلاج فهل تسهم حكومة المركز في إيجاد الحل الناجع لأزمات الولاية المزمنة ؟ هذا ما يأمله السكان البسطاء الصابرون والطيبون في ولاية البحر الأحمر ولنا عودة .