بسم الله الرحمن الرحيم صبي السلخانة عبدالله مكاوي [email protected] لا يعرف أحد بالتحديد من اين جاء او إبن من او متي التحق بالسلخانة وإنتمي لعالمها كأحد مكوناتها مسطبة ، شنكل ، بكارة ، جنزير، بل هي اشياء افضل حظاً منه فقد يعرف البعض متي وجدت او في أي تاريخ تم إستجلابها، فقد عاش داخل هذه السلخانة كصبي يقوم بمساعدة الجزارين في تجهيز البهائم قبل الذبح وبعد عملية الذبح يقوم بعملية التنظيف وهو يحفظ اجزاء الحيوان كباطن يده الفارغة علي الدوام او اشد معرفة، فهو كمراهق تستهويه البهيمة المكتنزة الأرداف عالية الصدر فتية ومراوغة تثير حقد الأخريات، ويتواصل دوره بعد ذلك في تنظيف السلخانة من مخلفات الذبيح المتراكمة كبقايا معركة لم ينتصر فيها احد سوي القائد الذي يسعي للمجد والخلود بأي ثمن ، فيعمل فيها ادوته البدائية وبعد عرض بطولي وجهد عظيم يحيل هذه الفظاعات الي مكان آخر نظيف وجذاب يغري العشاق علي المسامرة وبذل الأحلام بغير حساب كأمراء ورثوا ثروات العشق دون شركاء، وكل هذا المجهود نظير مبلغ زهيد أو بعض أجزاء الذبائح وغالباً الأقل سعرا في سوق المدينة و رغبات أثريائها البدناء، ورغما عن دوره البسيط في تراتبية العمل داخل السلخانة إلا أنه كان يخلق أجواء خاصة داخل السلخانة فهو يمثل روحها او يعطيها ابعادغير محددة ولا تخضع لمقايس ولكنها تخالط الأحاسيس والدماء وتستعصي علي التفسير، وإحتمال بسبب إخلاصه وإنهماكه في العمل وإستمتاعه به، حيث نجد الكرشة بين يديه كمن يكتب آخر خطاب لمخطوبته وهو يبثها حالة الوجد والهيام، وهو مستغرق في هذا العمل الذي يؤديه بكيفيته الخاصة ويضع بصمته عليه كعلامة تجارية او ماركة مسجلة، لأ يكترث كثيرا لصيحات الغضب واللعان التي تأتيه من بعض الجزرين الغاضبين وهم في عجلة من امرهم للحاق بالسوق باكرا لجني أكبر قدر من الارباح! كان حدود العالم لديه ينتهي بمحيط السلخانة وبعض الزيارات الخاطفة الي السوق للتزود بمتطلباته الحياتية البسيطة ويغادر بأسرع ما يكون الي رحم أمه الحنون جوف السلخانة حيث الدفئ والشعور بالأمان والإستقرر النفسي، وكان قمة طموحه الذي يعادل رغبة ضابط صغير في القيام بإنقبلاب وتمديد رجليه من فوق سرج الحكم رافعا راسه بشموخ يحاكي قدلة الطاؤوس وإلتفاتة فتاة حسناء ارهقت الشباب والمعجبين بالتهميش والازدراء، أن يصبح ضباح يحرك سكينه علي رقبة الحيوان كريشة في يد فنان يحملها كل مخزونه من التوتر والشغف والحنينن ثم يواصل توقيعاته الفنية وهو يخلص الجلد من الحيوان كعريس يضع بدلته برفق في يوم الزفاف ليطمئن زوجته وهي تترقب بحذر لحظة الإنفجار العظيم وإنكشاف المجهول بعد طول ترقب وإنتظار مزين باطار من الوعود الرومانسية والحنان، ثم يقوم بتوضيب اللحم وتقسيمه ثم حمله ووضعه في العربة المغادرة الي السوق وهو ينظر اليه بشفقة وحزن كمن يفارق إبنه الراحل مكره الي المجهول في دروب الهجرة حيث تستقبله مدنها الأسمنتية ببرود وحياد، ثم يجلس بعد إنتهاء عمله ويشعل كانونه لعمل كوب من الشاي السادة وبقية الفحم المشتعل يضم المعسل اعلي الشيشة ويتحالفا ليرسلا الي جوفه دخان مخدر ولذيذ يتخلل خلاياه ليثير فيها نشوة وغموض يلف حياته ككائن وجد من غير إرادة وعاش بغير تساؤل ويمضي في دربه بغير غاية محددة، كجسمٍ طافٍ لا لون له ولا وزن عالق بنهر الحياة المتدفق تتلاعب به الامواج ولأ يحس به أحد!