مدى ومداد إشراقة شاع الدين [email protected] المدينة الخرساء صوتي لم يكن صوتك حين صرخت..كان صمتي أعلى من الصراخ أو صراخي أعلى من الصمت فصرخت بأعلى صمتي.. نحيبي لم يكن نحيبك يوم بكيت.. لم يكن البكاء تعبيراً عن الوجع ولكنها اللغة التي حصرتني في إطار مفردة البكاء.. صمتك أضجرني إبتسامتي لم تعد تحمل ضوئها ولا إشعاعها .. ولم تعد تحمل لونها.. مدينتي الخرساء.. سكنتها وروعت في مخاوف المردي.. أرجأتني في محافل النوى.. وبُعيد المنال.. رغم القداسة التي طغت عليها.. منذ حكم أول سلاطين الفونج.. إلا أنها كانت سراً تعبد إلهاً آخر.. فنار التقابة.. ومكامن الكجور.. وبواطن الأمور.. وصراعات خفية والجلسات التامرية.. وعهود من ظلام تتطوف به أطياف به.. أطياف من نور.. وأطياف تمر مروراً سريعاً.. خفياً.. مؤنساً حيناً.. وأحيانً موحش.. تشع في لحظات سامرية .. وتنطفئ في هنيهات شاعرية.. ممزوجة بعدم الثقة.. كلمات مقرؤة لكل عابر سبيل.. نبذت وليدك المجلوب من شبح المساء.. انهرت صريعة ملهوفة للقاء.. تفارقك البشاشة منطقاً.. وتتوشحه عباءة النساء.. تستنطقيني تستلزمين الصبر عندك.. وحينها تصلين.. تركعين.. تؤدين فروضك الخرساء خلف الإمام.. فطفقت أناديك.. بحثت عنك في أعماقي الدفينة .. وجتها.. مدينتي الخرساء.. فتداعت الوعود على الدروب.. حملتني إليها الإلفة وحسن الخاطر.. كلما أحاول الذوبان فيها لتشكيل نفسي معها لنصبح صيغة واحدة.. لروح واحدة.. ونسمو بعدها لروح أكبر.. تماسك حنايانا وتدوزن ألحاننا بصدق النوايا.. بضرب النحاس.. ونعلن الحرب التي لطالما سكنت روحها في الأشجار وفي عيون الصغار.. وفي خرير المياه.. والذي كان يحملها طيلة السنين الفائتة إلى بلاد بعيدة.. لكنه عجز هذه المرة وإنفلتت منه وتكونت من كرسي المانجلك وأصداء النحاس ومن سيف المكوك الذي عبر به الزمن من قلب الممالك المجاورة إلى غزو أبناء مدينته.. وصارت دقات النحاس ترسل صدي أصوات أبناءها. قائلاً: الحلم يعرف أوكاري.. والمدن تعرف أحلامي.. فيحدوني ركاب الصمت.. عند قوافل الكلمات..معي تواريخي.. اسمائي.. وقمة حضاراتي.. بأي أرض بعدك ستكون.. وأي سماء ستأوينا.. فأنت حبلنا السري.. وماؤانا الذي يبقينا.. بربك لا تكلمينا.. بالأساطير واللعنات.. صارحينا بصدق.. هل كانت مقولة جدك.. أن لعنة الشيخ فرح ود تكتوك.. بأن لا نغني نفوت.. ولا نجوع نجوع نموت.. حقيقة قد اصابتنا.. واين أنت من حبنا اليك.. وعشقنا فيك.. اتفه ما في الحياة موطني.. وأجمل ما في الحياة هو موطني.