عبدالله رزق من المتوقع ان تواجه الحكومة بازمة جديدة ،وتعقيدات فى علاقتها بأطراف من المجتمع الدولى،خصوصا ، الاتحاد الافريقى،الذى تعول عليه وتمحضه ثقتها فى التوسط لحل النزاع مع جنوب السودان. وليس مستبعدا ان تتعرض الحكومة ايضا،لمزيد من الضغوط الدولية بعد رفضها دعوة الاتحاد الافريقى والامم المتحدة، للبدء فى تفاوض مع الحركة الشعبية - قطاع الشمال، التى وافق عليها القطاع، وهو ما سيظهر الحكومة بموقف المتعنت الرافض للسلام. فقرار مجلس الامن الدولى ،فى هذا الخصوص ، صدر ، فى واحدة من اللحظات النادرة، باجماع اعضائه، بمافى ذلك الصين وروسيا، البلدين الصديقين للسودان. مما يعنى ان موقف الحكومة الذى يصادم الارادة الدولية ، سيضعها فى خانة العزلة. وبالمقابل ، فان قطاع الشمال، الذى اكتسب مشروعية دولية من خلال القرار،سيكسب مزيد من التاييد والتعاطف الدولى مع قضيته. لايتعلق الامر بالنزاع فى ولايتى النيل الازرق وجنوب كردفان،فى جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، حسب، وانما بالجانب الانسانى المتعلق بحالة النازحين واللاجئين الذين شردهم القتال، وتجد قضيتهم اهتماما متزايدا ايضا. ففى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لتحسين علاقاتها بالمجتمع الدولى وباطرافه النافذة، فانها تضمر فى نفس الوقت قدرا من الشعور بعدم الثقة حياله. وهو مايجعل سلوكها السياسى تجاهه يتصف بالازدواج. مثل موقفيها من مقترح مبيكى بشأن ابيى. وفى مايمكن اعتباره مسعى لاستعادة تلك الثقة المفقودة ، التى يتحمل المجتمع الدولى جانبا من المسؤولية فى حدوثها، بادر كل من الاتحاد الاوروبى والولايات المتحدةالامريكية، بنفى اى علاقة لهما بالمعارضة او اى مخططات لاسقاط النظام، وذلك على خلفية اتهامات وجهتها الحكومة للطرفين بتمويل اجتماعات عقدتها المعارضة مع الحركات المسلحة فى كمبالا مؤخرا،وثيقة الفجر التى صدرت عن تلك الاجتماعات. واكد الطرفان معارضتهما لاى عمل مسلح يستهدف الاطاحة بالنظام، وابدى الاتحاد الاوروبى استعداده لطرح مبادرة لاجل تحقيق التوافق بين الحكومة والمعارضة. ولايقتصر الامر على بلدان الغرب . فالحكومة تعتبر ان جنوب السودان ضالع فى مخططات معادية للسودان.وان عمليات التفاوض مع الجنوب،التى تكاد تكون امتدادا لساحة الحرب الماضية، تستبطن -فى كثير من الاحيان- محاولات لاضعاف النظام او تفكيكه . ويستند موقف الحكومة برفض التفاوض مع قطاع الشمال،بنبرة تخلو من الكثير من الديبلوماسية ، وان لم تفتقر لمسحة التحدى ، الى نظرتها الى القطاع باعتبارها جزء من الجنوب. ويطالب جنوب السودان بفك ارتباطه بالحركة الشعبية قطاع الشمال وتجريد مقاتليها من السلاح.وهو امر يرفضه الجنوب بحجة ان ذلك شأن سودانى محض. فقد قال السفير رحمة الله محمد عثمان وكيل وزارة الخارجية انهم متمسكون بموقفهم الرافض للتفاوض مع قطاع الشمال، وشدد فى تصريح صحفى - حسب سيتزن - بان "هذا الموقف لن يتغير مهما حصل".وحول مطالبة مجلس الامن الافريقي للحكومة بالدخول فى مفاوضات مع القطاع منتصف الشهر المقبل قال "ليست هناك جهة تلزمنا بالتفاوض". أكد حزب "المؤتمر الوطنى" الحاكم بالسودان تمسكه باستمرار الحوار مع دولة الجنوب فى الإطار الأفريقى، ورفض الحزب فى ذات الوقت أى إملاءات خارجية لإجبار الحكومة على التفاوض مع قطاع الشمال. وفى ذات السياق ،اكد أمين الإعلام بالحزب د.بدر الدين أحمد إبراهيم فى تصريحات صحفية- عقب اجتماع للقطاع السياسى امس الاول- رفض حزبه " أى املاءات خارجية لإجبار الحكومة على التفاوض مع قطاع الشمال الذى اعتبره كيانا لا يزال تابعا لدولة أجنبية فى إشارة لدولة جنوب السودان". وقال "أن معالجة وضع قطاع الشمال يجب أن تتم فى إطار المعالجة الكلية للقضايا العالقة مع دولة جنوب السودان." ويلزم القرار2046 الصادر من مجلس الامن الدولى، الحكومة، التى قبلت به، بالتفاوض مع قطاع الشمال، فى اطار اتفاق نافع –عقار الذى تم التوصل اليه فى 28 يونيو الماضى فى اديس ابابا. كما يلزم الاتحاد الافريقى بتقديم تقارير للمجلس بشأن عملية التفاوض وسير تنفيذ مايتم التوصل اليه من اتفاقات وفق اجال محددة. ومن المقرر ان يتلقى المجلس تقرير ا فى مارس المقبل. هذا الموقف الجديد للحكومة ، فضلا عما يمكن ان يضيفه من عقبات فى مجرى التفاوض مع جنوب السودان، فانه يتناقض مع رهان الحكومة على الاتحاد الافريقى ودوره فى تسوية قضايا السودان "داخل البيت الافريقى". اذ اكد الناطق باسم الخارجية السفير العبيد احمد مروح، قدرة الأفارقة على حل مشكلاتهم الداخلية ذات التعقيدات التي يصعب أن تحل في الإطارالدولي.ووصف موقف حكومة الجنوب بأنه محاولة لنقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي وفق الإستراتيجية الأمريكية. لكن الموقف الرسمى الرافض دعوة الاتحاد الافريقى للتفاوض مع قطاع الشمال، قد يعجل باعادة كل قضايا الخلاف والنزاع المحددة بالقرار الدولى الى مجلس الامن الدولى ثانية.ومع ذلك قد يكون ثمة مخرج فى تفاوض ثلاثى تحت رعاية الوساطة الافريقية، يشارك فيه قطاع الشمال بجانب السودان وجنوب السودان،للتوافق على ماهو مشترك بين الاطراف الثلاثة. [email protected]