شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتبرز مؤخرتها للجمهور وتصرخ: "كلو زي دا" وساخرون: (دي الحركات البتجيب لينا المسيرات)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    المريخ يكثف درجات إعداده للقاء سانت لوبوبو    تمديد فترة التقديم الإلكتروني للقبول الخاص للجامعات الحكومية وقبول أبناء العاملين    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    (في الهلال تنشد عن الحال هذا هو الحال؟؟؟)    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    الإرصاد في السودان تطلق إنذارًا شديد الخطورة    الزمالة أم روابة في مواجهة ديكيداها الصومالي    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكري الثانية لموقعة الحمير والبغال والجمال والسيوف والسنج والحجارة في ميدان التحرير
نشر في الراكوبة يوم 04 - 02 - 2013

في اوائل شهر فبراير قبل الماضي سنة 2011 ، والتي أثارت امتعاض وانتقاد الرأي العام العربي والعالمي والتي أاثبتت ان الصراع ليس فقط حول سلطة وثروة وعدالة اجتماعية أو بين حق ووباطل بل أنها بين ثقافتين متناقضتين في طريقيين متوازيين لا ولن يلتقيان أبدا ، الاولي هي ثقافة الحمير والبغال والجمال ومؤداها الخزي والندامة والفساد في الارض وعذاب يوم القيامة ،والثانية ثقافةالعلم والتطور والشبكة الالكترونية والاتصالات الحديثة ومؤداها الحرية والكرامة والعدل والمساواة.وحقوق الانسان الاساسية .
وبعد استرجاع مشاهدة الكثير من الصور ومقاطع الفيديو المختلفة ارتفع خلالها ضغط دمي مرارا وانهمرت الدموع مدرارا وفي غفوة مابين الصحوة والنوم وفي ظل خطرفة من حمي الغضب والالم تخيلت ان الحمير والبغال(عدم المؤاخذة ) قداستاءت من استهدافها والهجوم عليها والربط بينها وبين الانتهازيين من البلطجية والرجرجة والدهماء الذين قاموا باعمال همجية ارجعتنا للعصور الوسطي ولتبرئة نفسها من ذلك قامت منظمة حقوق الحمير والبغال بارسال البيانات والرسائل التاليةللشعب بالمواقع الالكترونية المختلفة ووسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية .لتبرأة ذمتها من تلك الاحداث بعنوان (-تأييدنا من منطلق مشاركتنا في الحكم )
لقد شاركنا نحن الحميروالبغال بارادتنا الحرة المنفردة في التعبير عن رأينا والدفاع عن مصالحنا ومكتسباتنا ،ولكننا تعرضنا للسرقة والاستغلال من الانتهازية المتمثلة في البلطجية وارباب السوابق الذين استعنا بهم لقيادتنا لموقع ميدان التحرير ،بالاضافة الي المؤامرة الدنيئة من بعض اعضاء الحزب من رجال الاعمال الذين قاموا بتأجير الجمال لهم و أغروهم بالمال ليقوموا بضرب وقتل الشباب العزل بدم بارد وعلي حين غرة وبخسة ودناءة نتبرأ منها ،فنحن شركاء وجزء أصيل في الحكم ممثلين بالسياسي العريق من بني جلدتنا(حمار بيك )الذي كان له الحل والعقد لأكثر من 30 عام وكان يرجع اليه الرئيس في كل كبيرة وصغيرة ولعلكم تتسألون ما الذي جمع بينه وبين الزعيم حتي تبوأ مركزه المرموق الذي سيتعرض للضياع اذا تنحي الزعيم ؟
فاليكم القصة بالتفصيل (القصة مقتبسة من مقالة بعنوان حوار بين حمار وزعيم عربي منشورة في مواقع الكترونية مختلفة مع التنويه بانها خيالية قد حدثت في احدي الدول دونما تحديد وان تشابهت الشخوص والاحداث فهذا من قبيل الصدف والتشابه ويخلق من الشبه اربعين ولا نقصد زعيم بعينه ولكننا نقصد الرمزيةوالاستنتاج أو القياس من مسئولية القارئ)
(ذات يوم قررالحمارٌ أن ينتظر الزعيمَ في بيته، وتسلل بالفعل دون أن يشتبه به أيّ من رجال الأمن، ودخل غرفةَ مكتب القائد، وانتظر عودتَه كانت المفاجأةُ كبيرةً، وقبل أن يرتفع صوتُ الزعيم مطالِباً الحرسَ الخاصَ باخراج هذا الحيوان من مكتبه، نظر إليه الحمارُ نظرةً مُذِلة وقال في مَسْكَنَة اعتاد الزعيمُ أن يراها في عيون المحيطين به:
(سيدي، هل لك أن تستمع إلي قبل أن يطردني حرسك الخاص، فلديّ عرضٌ مثير للاهتمام يستفيد منه كلّ مِنّا حسب موقعه؟
وبدأ الهدوء يعود للزعيم، ثم جلس على مقعد مريح بعدما أغلق بابَ المكتب جيدا.
الزعيم: تكلم فليس لديّ وقتٌ، وقُلّ ما عندك رغم ثقتي بأن حمارا مثلك لا يمكن أن يكون لديه عرضٌ يُغريني بقبوله.
الحمار:أريد أن أعمل لديك مستشارا خاصا يفوق في كفاءاته وقدراته كلَ مستشاريك ومديري مكتبك السابقين والحاليين.
الزعيم: حمار وغبي وأيضا متخلف! كيف استبدل رجالي الذي صنعتهم من قاع العبودية، والذين لا يساوى الواحد منهم ورقة صغيرة تخرج من مكتبي فيجلس بعدها على مقهي أصحاب المعاشات يجتر ذكريات رضائي عنه ،إن لدي رجالا في كل مكان من القصر إلى رئاسة تحرير أهم الصحف الرسمية، ومن الرجل الثاني إلى معظم وزرائي، وأنا أراهم أكثر منك طاعة، وأشدَّ قدرة على تحمل اهاناتي لهم، ويبتهجون بالمذلة، وتتقوص ظهورهم وهم يسيرون خلفي طالبين الرضا ونصفَ ابتسامة وإيماءةً مني ولو كانت احتقارا.
الحمار: لكنهم، سيدي الزعيم، سينضمون لأول حركة ناجحة تطيح بك، وسيبيعونك لمن يدفع أكثر، وسيبصقون على يديك إن طلب منهم الزعيمُ الجديدُ ذلك. أما أنا فلن أفعل أكثر من الطاعة للكرباج، والصمت على الآلام، والسكوت على خواء البطن ولو مت جوعاا
الزعيم: أنا لا أنكر أن فيك صفات تنطبق تماما على المواصفات المطلوبة لمن يخدمني، لكن المستشارين في القصر أصبحوا مركز قوة، بل إنني أكاد لا أعرف أحيانا ما يدور إلا من خلالهم، وأنا سعيد بهذا فهم يتذللون ويقومون بحمايتي، وأنا أستبد بهم وأتولى حمايتهم. إنها معادلة الطاغية والمستبد والديكتاتور والسيد على مدى التاريخ.
وهنا بدت نظرات الحزن والأسى في عيني الحمار، ولأول مرة يرق قلبُ الزعيم لمن يستجديه ولو صامتا.
الزعيم: هل تقبل أن تكون وزيرا للزراعة والري والثروة المائية؟ا
الحمار: معذرة سيدي الكريم فأنا لا أستطيع أن أنافس رجلك في الوزارة، فهو ظلك في الحكومة، وهو لسانك الذي تبطش به، وهو القادر على أن يحدد لرعيتك الأكل والشرب والسموم، وقد أبقيته بجانبك لأنه أكثر مني طاعة وتحملا.
الزعيم: ما رأيك في رئاسة مجلس إدارة شركة الطيران الوطنية، فهناك سرقة ونهب وأيضا عمولات على شراء طائرات، وحسابات مفتوحة، وأماكن مجهولة لا يعرفها ديوان المحاسبة؟
الحمار: صحيح أن منصبا كهذا لم تشترط سيادتك أي كفاءات على صاحبه، بل لو تطابقت صفاته مع صفاتي فإن رجالك وأقاربك ومعاونيك ومستشاريك يستطيعون أن ينالوا من كعكة شركة الطيران الوطنية، فهناك ميزانية بمئات الملايين، وعمولة واحدة تكفي المرء أن يعيش ما بقي له من عمر على حرير وثير، لكنني كحمار أرى أن منصبا أرفع من هذا يليق بي. أريد أن أكون أقرب إلى الرجل الثاني في الدولة، بل لا أخفي عليك، سيدي الزعيم، أنني أطمع في منصب أعلى من الرجل الثاني.
الزعيم: لكنك لن تستطيع أن تكون زعيما عربيا حتى لو قامت أجهزة الاستخبارات الأمريكية بوضعك عنوة في القصر.
الحمار: لكن هذا الاجحاف والظلم البَيّنَ والتمييزَ ليس أكثر من جهل بطبيعة الفروقات والتجانسات بيني وبين صاحب أعلى منصب في الدولة.فالزعيم العربي بوجه عام ( إلا قلة نادرة ) لا يقرأ، وإذا قرأ لا يفهم. وهو أقل ذكاء من معظم المحيطين به، ومايقوم به في شهر أقوم أنا به في أقل من يوم.والزعيم العربي لا يحتاج للتفكير، فهناك من يفكرون له، ولا يكتب خطبته، وإذا صادف وأجرى حديثا تلفزيونيا فإن المونتاج قادر على تحويل خربشات الهُراء إلى عبقرية، والفراغ الفكري إلى تأمل، والسخافات إلى مزاح من القائد المتواضع.ا
الزعيم: ولكنك لا تستطيع أن تكون فيلسوفا، وروائيا، وقائدا مهيبا، وعسكريا فذا، فأنا أتحدث في كل شيء، ويمكنني الخوض في أمور أجهل فيها أصغر معلوماتها، لكنها تتحول بقدرة قادر إلى ثورة فكرية لا يماثلها فكر آخر على وجه الأرض.
الحمار: هل تعني، سيدي الزعيم، بأنني لو توليت الحكم واجتمعت بكبار المثقفين والاعلاميين ورجال المال والاعمال والأمن فلن يمتدحوا في عبقريتي؟
الزعيم: أنا لم أقل هذا الكلام، فأنت تستطيع أن تخوض الانتخابات كما أنت، بصفتك حمار، وستجد جماهير تندفع رافعة صورتك، وستندهش من الافتتاحية الرائعة في الصحيفة الرسمية وهي بقلم رئيس التحرير نفسه بأننا انتظرنا طويلا حاكما عادلا وقائدا محنكا كحمارنا، ونحن ينبغي أن نتمسك به من أجل مستقبل أولادنا واستقلال وطننا.
الحمار: لماذا لا تجعلني أمينا عاما للحركة الوطنية التي تحكم وستجدني طوع بنانك، أتحمل منك الاهانات والضربات ولو صفعتني على قفاي سبعين مرة في اليوم والليلة؟
الزعيم: هذا المنصب محجوز دائما لأكثر الخدم طاعة لي، وأشدهم قسوة على خصومي، وأمهرهم في التزوير، وأدناهم أخلاقا، وأضعفهم ضميرا.
الحمار: إنني أستطيع أن أقوم بتنظيم الإعلام، وتعيين حمقى في التلفزيون،وغض الطرف عن كل صور الفساد، وتكديس الشاشة الصغيرة بوجوه متخلفة عقليا وثقافيا ولغويا، والتعاون مع المتزلفين والمنافقين في الصحافة، واشتراط الضعف في اللغة العربية لكل من يتم تعيينه.
الزعيم: معذرة، عزيزي الحمار، فنحن هنا أمام آلة تلميع وتأهيل صورة الزعيم كلما بدت باهتة أو نَسيها الناسُ لساعة أو بعض الساعة، فيقوم إعلامنا بتذكير المواطنين بأن لهم سيّدا يطيعونه. هل تعرف أن في تلفزيون دولة عربية أخرى يقوم المشاهد المتصل باهداء الأغنية أولا في برنامج ما يطلبه المشاهدون إلى صديقي الزعيم، ثم تبدأ الإهداءات الحقيقية للأهل والأحباب والأصدقاء ،ثم إنني أشترط في هذا المنصب ذكاء وحماقة في نفس الوقت الإعلام في بلدنا هو خط الدفاع عن الطغيان، وممارسة البغاء السياسي وحماية القصر من البيان رقم واحد الذي يتمنى الكثيرون إذاعته بُعَيّد وصول دبابتين وثلاث مدرعات إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون.
الحمار:لماذا لا تجعلني كاتب خُطَبك التي تُلقيها في المناسبات الرسمية والوطنية؟
الزعيم: أنا لا أنكر أن أيّ حمار يمكن أن يكتب خطبة ويلقيها الزعيم على الملأ وتتحول صباح اليوم التالي في مانشيتات الصحف الرسمية إلى أقوال كأنها من رحم فلسفة سبينوزا وعبقرية تشرشل والبيان البلاغي للرافعي، لكن كاتب خُطبي يعرف ما يدور في خلدي، ويقرأ أفكاري قبل أن ينطق بها لساني، ويتابع أجهزة الاستقبال العاطفية الساذجة في نفوس وقلوب أبناء شعبي، ويتجنب تماما المرور على العقل والمنطق والتاريخ والحقائق، فتأتي خطبتي كأنها أُمُّ البيانات.
ولكن ما رأيك في أن آمر بتعيينك كاتبا للمسلسلات التلفزيونية وهي بوجه عام مهنة، باستثناء بعض الأعمال النادرة، يجيدها كلُ حمار يرغب في الوصول إلى قلوب الحمقى، بل إن بعض المسلسلات يتأفف كاتبها الحمار من مشاهدتها مع أن لها شعبية كبيرة؟
الحمار: سيدي الزعيم، كأنك تهينني في كفاءاتي وقدراتي. إنني أبحث عن منصب أكبر بكثير استطيع من خلاله تعبيد كل الطرق المؤدية إلى استمرارك سيدا فوق رقاب عبيدك. لذا فربما يكون منصب مدير الأمن العام مناسبا لي!
الزعيم: هذا المنصب بالذات غير مناسب لك بالمرة، فأنت قد تصمت، وتنفذ أوامري حرفيا، لكن قلبك الرقيق الطيب لن يتحمل تقارير يومية تتكدس على مكتب مدير الأمن العام قبل أن يحيلها إلي وهي عن التعذيب في السجون والمعتقلات واغتصاب المواطنين وامتهان كرامتهم وتجريعهم الذل الُمْرّ.إنني منذ توليت السلطة قرأت ما تهتز له السماوات السبع ومن فيهن من تقارير عن سلوكيات رجال أمني وحمايتي مع أبناء شعبي، ولم تتحرك ذرة شفقة أو رحمة بين جوانحي، حتى من قضى منهم تحت التعذيب المستمر لكونهم من المعارضة أو من المشاغبين أو أكباش فداء لتعليم رعيتي أصول العبودية والسُخرة والتذلل والخوف مني.فكيف استبدل بمسؤول الأمن في بلدي حمارا مثلك قد يشفق يوما ما على مواطن، أو يطلب من زبانية التعذيب التخفيف أو الاستجابة لأبسط الحاجات والمتطلبات الإنسانية.
إنني أبحث عن السادية في أعمق صورها وأشدها وحشية وبطشا.وأنت، عزيزي الحمار، لا يمكن أن تستمر في هذا المنصب شهرا أو اثنين.
الحمار: هذا ظلم شديد، سيدي الزعيم، فأنا واثق في قدرتي على خدمة مصالحك أكثر من المحيطين بك، بل يمكنك أن تمنحني رتبة عسكرية ونياشين تثقل كتفيّ، وتجعلني أتحدث عن الحروب والانتصارات، وأتوعد إسرائيل وأمريكا والعالم كله بجهنم فوق ترابنا الوطني لو أقتربت أي من القوى المعادية من أرضنا الطاهرة.
الزعيم: ومن قال لك بأننا لا نملك من هؤلاء الرُتب أكثر من الهَمّ على القلب، وهم يستطيعون أن يضعوا خططا عسكرية لاحتلال روسيا وأمريكا والصين في أسبوعين لو طلبت منهم ذلك؟
الحمار: لماذا لا تجعلني كاتب الافتتاحية في واحدة من الصحف الرسمية التي تنفق عليها الدولة، ولا يقترب منها ديوان المحاسبة، وتحقق خسائر بالملايين، ولا يقرأها إلا أنصاف الأميين.
الزعيم: قد أفكر جديا في تعيينك رئيسا لتحرير أقرب الصحف الرسمية إلى فكري، وهي صحيفة تبدو كأنها خارجة لتوها من مكتب الإعلام التابع للقصر، وتحتقرها الرعية، والافتتاحية التي تعيد تلميعي وتأهيلي وتذكير العبيد بسيدهم تشترط في كاتبها أن يكون أقل ذكاء من كل القراء، وأن يرص كلمات غير مفهومة، وأن يضع بين كل ثلاث أو أربع فقرات اشارات عن توجيهاتي الحكيمة.وستكون لك إمتيازات كبرى، ويتقرب منك الوزراء، ويدعوك كبار القوم لحفلات أعراس أبنائهم وبناتهم التي يأتيها الطعام ساخنا بطائرة خاصة من محلات مكسيم في باريس، ويزورك السفير الأمريكي ويبحث معك العلاقات الثنائية بين البلدين.بل إنك تستطيع أن تؤسس ورشة عمل من صغار الكُتّاب والصحفيين، وتشتري الملكيات الفكرية لأي إعلامي مسكين، ثم تضع عليها اسمك وتمهرها بتوقيعك بخط اليد كأنك كاتب حقيقي، ولا مانع من صورة أعلى مقالات الافتتاحية تبدو فيها كأنك تفكر!
الحمار: لماذا لا تجعلني وريث العرش والحُكم والحِكمة، وأنا أضمن لك أن رعيتك لن تحاكمك في المستقبل، وسأخفي تاريخ جرائمكم وتجاوزات أسرتك ومعاونيك وكل رجالك؟
الزعيم: هل تظن أن هذا المنصب الذي حلمت به طويلا يخرج عن أسرتي الشريفة؟إننا نتقاسم الدولة كما يتقاسم اللصوص مغارة علي بابا، ويستطيع أيّ منا أن ينهب مصرفا بكامله، وأن يشارك أيَّ رجل أعمال دون أن ينبس الآخر ببنت شفة.هل تصدق، عزيزي الحمار، أن شقيق أحد أصدقائي من الزعماء العرب كان يحصل على 51% من معظم المشروعات الكبرى في البلد وإلا فإن المشروع يتوقف.ولذلك عندما علمت ان مواطنا عاد بعد ان قضي في بلد المهجرربع قرن، وعاد إلى بلده ليعيش ما بقي له من عمر، ويستثمر مبالغ طائلة في مشروع رائع ولكنه تعب ثلاث سنوات من المعوقات والبيروقراطية ، فكلفت ابرز المقربين لي لمحادثته هاتفيا وابلاغه بامكانية التصديق له بالمشروع واعتماد الموافقة النهائية ،بشرط أن يكون لي ولاسرتي خمسين في المئة في مقابل الحصول على الموافقة النهائية؟
الحمارفتساءل الحمار مندهشا اليس ذلك ظلما وتعسفا ياسيادة الرئيس ؟
فرد عليه الزعيم فعلا اثبت انك حمار أصيل فيجب أن أؤمن المال لاسرتي فهي ايسر الطرق للوصول للسلطة فحتى لو ضمنت لي في الخمسين عاما القادمة عدم الاقتراب من تاريخي وتجاوزاتي وجرائمي ضد أبناء شعبي ، فإنني لا أتصور يوما واحد يتم فيه حُكمُ هذا البلد من زعيم لا يحمل اسم عائلتنا الكريمة.
الحمار: معنى ذلك أن ليس أمامي إلا تأسيس حركة معارضة ظاهريا، ومتعاونة مع نظامك في السر، تبدو في العلن كأنها تعترض فتمنح الحُكمَ شرعيةَ تعدد الآراء والمذاهب، ومنها يكتسب النظامُ، عربيا ودوليا،الشرعيةَ الشعبية.
الزعيم: لا أظن أن شعبنا ستنطلي عليه هذه اللعبة، ثم إن صفات الحمار لا تنطبق على حامل هذا اللقب أو صاحب المنصب ، فهو يحتاج للمكر والدهاء وطول النَفَس. إنها كالجاسوس المزدوج يلعب مع الخصمين بنفس القدر.
[الحمار: لكنني لن أخرج من القصر قبل أن تأمر بتعييني في منصب هام، وأنا لا أستطيع العودة إلى اسرتي وأهلي وأحبابي واصدقائي في عالم الحمير وأبلغهم أنني فشلت في اقناعك إنني على استعداد لقبول منصب ثقافي كبير يتحكم في الرقابة على الفيلم والكتاب والتلفزيون والصحافة، ومن خلاله أتجول في معرض الكتاب بعد منع عشرات من الكتب بحجة مخالفتها لنظام الدولة، وأن أضع خطوطا حمراء على أي شيء يمس الثقافة والطباعة ومعارض الكتب دون إبداء الأسباب المعقولة، وأن أتلذذ بتعذيب اصحاب دور النشر الذين ينتظرون أياما طويلة قرار الافراج عن الكتب التي تحملوا طباعتها وشحنها على نفقتهم الخاصة.إن الثقافة في بلدنا لا علاقة لها بالمعرفة والكتاب والعقل والمنطق.
وهنا بدا أن الزعيم قرر تعيين الحمار في واحد من أهم مناصب الدولة التي يظن معظمُ الناس أن العبقرية هي الشرط الوحيد لتوليّه، لكن القائدَ الرمزَ كان يعرف تماما أن لا أحد في الدولة سيشير على صاحب هذا المنصب الرفيع ويقول بأنه حمار.وتحركت تروس المطابع للصحف الرسمية استعدادا لنشر الخبر القنبلة الذي سيمنح أبناءَ الشعب آمالا كبيرة بتعيين الحمار في هذا المنصب الرفيع والحساس والسيادي من أجل رفعة الوطن
ومستقبل أبنائه)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.