بسم الله الرحمن الرحيم وثيقة الفجر الجديد، وعلامات الاستفهام التي صاحبتها بعد الفراغ من توقيعها، في العاصمة اليوغندية كمبالا، تبادر إلى ذهن الكثيرون، بأنّ الوثيقة نقلة إلى سودان جديد، وأنها ستحكم البلاد وتقودها من هاوية الضياع والتوهان إلى برِّ الأمان، وظن من يعيشون في نيران الإنقاذ وبطشها أنها المنقذة، ويرى من يعيش في جنان الحكومة، وأن عيشتهم على أكتاف الشعب الحائر العاجز، الذي لا يستطيع في بعض الأحيان رفع لقمة طعام، تضمن له البقاء حياً، أنها المهلكة. ولكن صَاحب توقيع هذه الوثيقة، انضمام العلامة التي توقف عندها الكثيرون، هو انضمام الدكتور يوسف الكودة ، المنشق من بوتقة السلفية والرئيس لحزب الوسط الإسلامي، وما أحدثه هذا الانضواء، من هزة إعلامية، في أرجاء البلاد. هل انضمامه ضربة تُحزن الإنقاذ، وتفرِح قادة الجبهة الثورية، أم أنه يؤكد أن الإنقاذ قادة السودان إلى معركة كان لزاماً عليها أن تتفادها، لأن القاتل والمقتول خرجا، من صُلب رجلاً واحد اسمه السودان. أم يظن الكودة أن أزمة البلاد الحقيقية هي تتمثل بعدم وجود القيادة الراشدة، التي تخرج سفينة البلاد، من الظلام الحالك، الذي أجبرها على التوهان في مياه الإنقاذ. أم أن للكودة أجندة خفية لا يريد الإفصاح عنها، ولكن الأيام ستكشف ما تم إسداله، في كمبالا أو الخرطوم. وهيئة علماء السودان أبت نفسها، إلا وأن تخالج في الأحداث التي طرأت مؤخراً، على الشارع السياسي في البلاد، وأدلت بفتاويها التي عودتنا دائماً ما تخلق ضجيج وسط المجتمع، وهي تقول كلٍ من يؤمن على فصل الدين عن الدولة، فهو كافر(كمان جابت ليها كُفر) والحكومة التي أصبحت تصول يميناً وتجول شمالاً، بعد اتفاقية كمبالا التي أحدثت داخلها دوياً وحراكاً، أصابها بالفزع والخوف، بانغماس بعض الأحزاب المعارضة في توقيع كمبالا، ولكن هل ستنجح الحكومة في تفتيت الكتلة الموقعة؟؟ أم ستظل تلهف كل من عاد من كمبالا وتزج بهم جميعاً داخل المعتقلات، وتضعهم على طاولة المحاسبة. وهل قادة الجبهة الثورية مطمئنين لانضواء الكودة؟؟ أم أن رحلة قدومه يكتنفها الغموض، وهل الكودة مؤمن بما أتى إليه به من كمبالا؟؟ أم أن وراء انضمامه أيدي تريد غرسه وسطهم وتجعله بمثابة (غواصة) الله أعلم. المهم الكودة بعد عودته من مصر، داهموه رجال الأمن في مطار الخرطوم فور وصوله، وقبل أن تتوقف ماكينة الطائرة التي تقله من مصر، هل هي بالوناً سياسياً يردون أن يفرقعونها أمام الملأ؟؟ حتى يوهم قادة الجبهة الثورية بأن د: يوسف الكودة أتى وهو صادق إلى عمالقة كمبالا (عفواً عملاء الغرب كما تزعم الإنقاذ) أم أن اعتقاله حقيقة، ليس بفبركة سياسية يقودها النظام الحاكم، إنّما من أجل محاسبته على الجُرم الذي وقع فيه، ولكن ما خُفِيَ أعظم. بقلم: عثمان أحمد البلولة ملاح جامعة أمدرمان الإسلامية - كلية الإعلام - قسم الصحافة [email protected]