فجأة قرر كل الأطباء في البلد الإضراب .... الحقيقة كان هذا قرارا متأخرا قليلا ، لأن الضغط الذي يعيشون فيه لا تقدر على إحتماله حتى جدران المفاعلات النووية ... وحين أضربوا أخيرا كان إضرابا شاملا كاملا متباينا ... المستشفيات الحكومية خلت تماما ووقف المرضى يتلفتون بحثا عن ملاك يحمل سماعة ولكن لا حياة لمن تنتظر وتضامن أطباء القطاع الخاص مع زملائهم وجلسوا في بيوتهم لتأديب الحكومة ومعها كل متحذلق يقول إن الطب مهنة إنسانية ... وحين عجزت الحكومة عن السيطرة على الوضع لجأوا للشخص الوحيد الذي لديه كل الحلول ... للخبير الأستراتيجي الأول الذي لا مثيل له في العالم .. أنا .. وحين وضعوا ملف المشكلة أمامي كان الحل في ذهني منذ زمن .. أنا لا أطيق الأطباء وأراهم مجرد مبتزين ونواة تمرد في وسط النقابات العمالية ولديهم إحساس عال بالترفع ، لذلك خططت منذ فترة لحل مشكلتهم نهائيا .. قال لي مساعدي : - أها يا معلم حتحلها كيف ؟ حترسل تجيب دكاترة من الصين كالعادة ؟ - دكاترة من الصين ؟ ياخ ناسنا ديل ما بيثقو في اللمبات الجاية من الصين عايزهم يثقو في دكتور صيني ؟ - طيب والحل شنو ؟ الحل بسيط .. إتصلت بصديقي المخطط الإستراتيجي الياباني وشرحت له كافة نواحي المشكلة ، فقال لي : - عندنا أطباء آليين روبتات يعني ، متطورة تنفع معاكم ؟ - تنفع جدا رسلها لي وأنا حأخلي دكاترنا ديل يسوقو ركشات بإذن الله وبعد يومين وصلت حاوية عملاقة للميناء وبداخلها الأطباء الآليين ..كل طبيب ومعه الكاتلوج الخاص به وأوامر التشغيل ...هؤلاء اليابانين عباقرة والحق يقال ..كل طبيب آلى كان يحتوي على عدة برامج بحيث يتحول من طبيب عمومي لأخصائي بضغطة زر ولديه ذاكرة إلكترونية تحتوي على كل المراجع والخبرات التي لم يحلم بها حتى فطاحلة أطباء البلاد ، وعند اللزوم يتحول لممرضة فلبينية نشيطة ... بإختصار كان طبيب واحد منهم كاف لإدارة مستشفى كامل .. مثلا يصل المريض إلى الإستقبال ويسجل عند المسجل ويدفع الرسوم فيتصل المسجل بالطبيب قائلا : - دكتور ( دي إكس 23) ، في عيان ما عندو حق الأخصائي حيقابل العمومي بضغطة زر يتحول دكتور دي إكس 23 إلى طبيب عمومي عادي بكامل المواصفات ويوقع الكشف ... وحين إستقرت الأمور وعادت المياه لمجاريها تغير النظام الصحي بالبلاد للأفضل مع بعض الآثار الجانبية البسيطة مثل أسماء الأطباء التي لم يتعود عليها الناس بعد من طراز سي يو 18 و جي تي 35 ، بل إن بعض الناس رفضوا الذهاب لدكتور إف 16 لإعتقادهم إنه قد يفجرهم ، وهناك مشكلة أخرى حيث طالب بعض المتزمتين بطبيبات آليات في أقسام النساء التوليد لأن الذكور ذكور حتى ولو كانوا يعملون بالبطاريات ... كل هذه مشاكل بسيطة حللناها بسرعة ثم وجهنا بصرنا لبقية الكوادر الطبية ، وفي إجتماع عام مع مناديب أطباء الأسنان والصيدلة والمختبرات ، قلت لهم بوضوح : - بصراحة يا سادة نحن شايفين إنو عدد الكوادر كبير والحالة الإقتصادية صعبة ، فنحن قررنا تخفيض الرواتب وإلغاء الحوافز ، عندكم رأي تاني يا جماعة ؟ كنت أتكلم وجواري وزير الصحة الجديد دكتور ( إم أتش 98 ) المعروف بمواقفه المتشددة ، والذي صرح برغبته في إستيراد دفعة جديدة من الروبوتات لإدارة الصيدليات والمعامل ، فضحك أحد المناديب قائلا : - هي هي هي هي والله يا سيادتك كتيرة منكم ونحن شغالين أصلا عشان الوطن والمواطن والطب أصلا مهنة إنسانية .. الله أكبر وبعد هذا الإجتماع رفعت يدي من الموضوع ورجعت لقضايا أخرى تحتاج للتخطيط ، فتحولت مسئولية إدارة الروبوتات إلى مسئولي الصحة الذين لا مسئولية لهم ... تم إهمال صيانة وتنظيف الروبتات .. تم إهمال البرمجة الدورية وتم (لهط) أموال المهندسين اليابانين المسئولين عن البرمجة ، فتغيرت سلوكيات الروبتات ودخلها فيروس وراحت تتصرف بغرابة شديدة ... لأول مرة صرنا نسمع عن دكتور سي كي 22 الذي نسى قطعة شاش ومقص وممرضة داخل بطن المريض ، ودكتور يو إن 28 الذي كتب في الروشتة قصيدة غزل يابانية بدلا عن الدواء ، بل صدقوا أو لا تصدقوا إنهم وجدوا الدكتور الشهير (واي تي 66 ) يقوم بعمليات إجهاض غير شرعي في عيادته ، حتى وزير الصحة شخصيا دكتور إم أتش 98 فوجئنا به يمتلك مستشفى خاص وعدد لا يحصى من الإستثمارات ... ماذا أصاب هؤلاء الآليين ؟ ذهبت بنفسي لطبيبي الخاص دكتور سي يو 18 لأكتشف حقيقة هذه الإشاعات فقال لي : - لا تقلق يا سيدي كل شئ على ما يرام وقاس لي الضغط ووضع سماعته على صدري ثم ربت على كتفي مكملا : - مبروك حضرتك حامل د.إتش إم بي 77 [email protected]