تشهد البلاد مجموعة من الاحتجاجات المطلبية المتوالية بضاف اليها الإحتجاجات السياسية لايكاد يمر يوم إلا ونسمع ان مجموعة من الناس إحتجت بطريقة محددة على فعل محدد ، وقطعاً ان تلكم الاحتجاجات المتقطعة ومختلفة الدوافع والاهداف في المجموع تشكل حالة بائنة من عدم الرضا عمت جميع فئات الشعب السوداني بجميع مشاربهم فمنهم من ذهب بعيداً في احتجاجه ووصل به المقام إلى التدبير والتخطيط لفعل يطيح بالحكومة كاملة مثل مظاهرات ماعرف بمسمي "الانتفاضة الاولي ضد الانقاذ" في النصف الثاني من العام المنصرم ، لاتنفصل عنه حركة الاسلامين الريدكالين والمسماه بانقلاب "قوش ود ابراهيم" وإذا ربطنا ذلك بالمناوشات التي يندلع من حين لآخر بين الحكومة وبعض المتشددين الاسلامين " احداث السلمة ، الفتيحاب، حادثة طريق مدني الخرطوم" نجد ان جميع الطيف السياسي إصطف في الخندق المعادي للحكومة وإذا اجلنا النظر في الاحتجاجات المطلبية التى لا تلبس لبوس السياسة نجدها تعددت وإمتدت بطول وعرض التراب السوداني نبدأها من حوادث عمال الكلات في ميناء بورتسودان مروراً بإعتصام المناصير ولاننتهي إلا بأحداث منطقة فداسي الاسبوع الماضي ومابينهما الكثير ، كل ذلك يشير إلى نقطة واحدة اتساع دائرة عدم الرضا وتنامي ظاهرة المطالبة بالحقوق ، وفوق كل ذلك شرع المجتمع الدولي الذى تقوده الولاياتالمتحدة الاميركية في ترتيب نفسة لإجراءات أكثر صرامة في مواجهة الخرطوم التى إستنفذ حاكموها مطلوبات بقائهم في السلطة وبات وجودهم مصدر ازعاج وحرج بائن ، اذ ان تقارير المنظمات الواردة من جنوب كردفان تؤكد ان الطيران السوداني يقصف المدنين وان ضحايا تلك الحرب التى باتت توسم بالقذرة _ وهذا التوصيف بداية محتومة لتوصيف آخر تعلمه الخرطوم جيداً_ أكثر إن لم يوازي عدد العسكرين إلى جانب تفسير رفض الحكومة لعمل المنظمات في تلك المناطق باعتباره استخداماً لسلاح التجويع كعقوبة جماعية على قطاني تلك البقاع (راجع مقالات اندرو ناتسيوس الاخيرة وتصريحات السناتور وورد وولف) ، ولعل الخافي على الخرطوم او الذى تتجنب النظر اليه لشئ في نفس يعقوب هو التحرك الفرنسي في القارة الافريقية والذى بات واحداً من اهدافه تهيئة المناخ لعمل كبير ما سيحدث وتحديداً في الحدود الشرقية لمناطق النفوذ الفرنسي في القارة السمراء، وبما ان بريطانيا بقيادة حزب المحافظين المنهك سياسياً لم تعد تهتم كثيراً بما يجري في مستعمراتها السابقة نجد ان المسرح الافريقي بات مغلقاً لاميركا وفرنسا ، واذا اعدنا النظر كرتين لكواليس الاممالمتحدة نجدها الان معبئة تماماً ضد حكومة الشمال التى اتخذت عدة خطوات مبعثرة ولكن هناك من نظمها واعاد استخدامها خير استخدام ضدها في مقدمة تلك الخطوات تعثر الاتفاق بينها ودولة جنوب السودان والذى صور غربياً ان السبب الرئيسي فيه هم حكام الشمال المتشددين الى جانب استفزاز الخرطوم للغرب وحتى لحلفائها في المنطقة العربية بالعلاقة غير المفيدة مع ايران وترويج الاخيرة لهذه العلاقة باعتبارها علاقة استراتيجية (تصريحات احمدي نجاد الاخيرة) وتقاعس الخرطوم كذلك عن لعب دور محوري في انهاء الصراع في سوريا ، رغم انها سلمت هذا الملف وطلب منها بحسب مصادر في جامعة الدول العربية اجراء حوار مع ايران وحزب الله لنفض يدهم عن الاسد ودفعهم لافساح المجال امام تغير سلس في سوريا ، ولكن الخرطوم لم تنجز الكثير في هذا الملف بل انحاز (رجالها) مبعوث الجامعة العربية الأسبق محمد احمد الدابي الى النظام السوري ولم يستطيع انجاز المهمة التى يفترض ان يقوم بها هو وحكومتة مع ايران وحزب الله وهي المهمة الرئيسية التى جعلت الجامعة العربية بالاتفاق مع الغرب تختار شخصية سودانية لتولي الملف السوري ، ايضاً من الخطوات التى أضرت بملف الحاكمين السودانين قرار الرئيس القاضي بإطلاق سراح احد المحكومين في ملف مقتل الدبلوماسي الاميركي (قرانفيل) تلكم الملفات وغيرها باتت الان هي التى تشكل صورة حكام الخرطوم لدى المجتمع الدولي وتسعي العديد من المنظمات المتأثرة بالصور البشعة المنسربة من جنوب كردفان التى يتم تداولها على نطاق واسع في الغرب لدفع المنظومة الدولية لاتخاذ قرارات ناجعة وسريعة في حق الحكومة السودانية من بينها تحويل ملف جنوب كردفان إلى المحمة الجنائية الدولية وفرض حظر طيران على مناطق النيل الازرق وجنوب كردفان بجانب وضع دارفور تحت الحماية الدولية واخراجها تماماً من سيطرة الحكومة. ويعد شهرا ابريل ومايو المقبلين أطول شهرين في عمر السودان الشمالي اذ انها سيشهدان وضع التحركات التى انتظمت عدة مباني مؤثرة في صناعة القرار الدولي موضع النفاذ اذ تتوقع العديد من الأوساط ذات المعرفة بمكنزمات التحركات الدولية ان يتم خلال هذين الشهرين أعلان مجموعة إجراءات جديدة بحق الحكومة السودانية خاصة بعد ان تولى حقيبة الخارجية السيناتور جون كيري والذى بالاساس لايخفي ضيقة من الخرطوم وحكامها وكان مختلفاً بشكل رئيسي مع سياسة هيلاري كلينتون المهادنة للخرطوم مما دفع الدبلوماسي ومبعوث الرئيس باراك أوباما للسودان برينستون ليمان للإستقالة فور توليه حقيبة الوزارة ليفسح المجال أمام الرجل بالتنسيق مع الرئيس اوباما الذى كان معجباً للحد الاقصي بليمان لإختيار خلف جديد ( راجع مقال ناتسيوس .. السودان حروب بإنتظار جديدة ) وقطعاً لن يعمد اوباٍما لتكرار الخطأ السابق بإختيار رجل يتصادم في تحركاتة مع الخارجية و مندوبتها في الأممالمتحدة سوزان رايس والتى يتوقع ان يطلق كيري يدها المغلولة تجاه السودان . عثمان فضل الله [email protected]