بالرغم من ان ود النعيم لايعرف عنها الناس كثيرا ، بل ولا يعرف غالبيتهم عنها سوي أنها مسقط رأس الموسيقار الكبير الاستاذ محمد الأمين ، الا ان الحركة غير العادية في مداخلها والزيادة الملحوظة لنقاط الارتكاز والتفتيش علي طول الطريق المؤدية لها من مدني ، أعلنت سرا بأن ود النعيم علي موعد مع أمر هام وهو ما ظهر خلال الساعات الاخيرة من يوم السبت والقادمة اليوم الأحد . فسيكون نافع علي نافع هنا لساعات في زيارة اعلن عنها قبل 3 أيام . هذه الزيارة ، ان تمت ، فسيصدر عنها مايمكن تسميته، مجازاً ب (اعلان ودالنعيم) . الاعلان ملخصه هو أن نافع سينسخ ماقاله قبل 3 أيام عن الجيش ! اذن نحن علي موعد مع "بلع علني " لنافع يتبرأ مما قاله نافع . وبالنتيجة ، سترتفع هذه المدينة /القرية الي مصاف عواصم الخبر المشغولة بتفاصيل الصراع مابين أجنحة الانقاذ المتناقرة علي الزعامة في مرحلة مابعد البشير. يأتي نافع الي هنا وقد اشعل لسانه "الفالت" النار في ملف جديد هو علاقة الانقاذ "بما تبقي " من مؤسسة الجيش . يقولون ان الرد السريع للنافي الرسمي للقوات المسلحة ، العقيد الصوارمي ، علي حديث نافع سبببه هو الهرج والمرج الذي أحدثه تشكيك نافع في قدرة الجيش علي التصدي لقوات الجبهة الثورية بل ودوره في آداء أي مهام قتالية . فالحديث كان مهيناً ومؤلماً لمن تبقت في عروقهم بعضاً من الحمية العسكرية وبخاصة ان من هاجمهم هو رجل "ملكي" ، أي مدني ، كما يسمي العسكر غير العسكريين . حديث نافع زاد الغليان وفجر المخبأ في العديد من الملفات . الاجماع اليوم في الجيش ، والذي تعكسه الململة في صفوف القوات وقادة الجيش ، هذا الاجماع هو أنهم يرون الانقاذ تسوقهم حثيثا للمحرقة بتسليح ردئ وبلا تدريب بل وبلا خطة أو هدف استراتيجي . فالحروب في العلوم الاستراتيجية لابد وان يعقبها سلام ، الا حروب الانقاذ التي لا تخمد نارها بل وان ما توصلت له من سلام مع الجنوب لم يولد الا المزيد من الدمار ! ففي القناعة العسكرية ان حروب الانقاذ اشتعلت اليوم في كل ركن في ربوع الوطن وماعاد الجيش قادرا علي اطفاء أي جزء منها بحسم عسكري ، أما تشتته وارهاقه فكفي الانقاذيين شرور الانقلابات - علي الاقل حتي الان . حديث نافع جاء مرادفاً لتوافر معطيات خطيرة تنبئ عن شرخ هو بداية الانهيار لكيان المؤسسة العسكرية السودانية بكامله . فتركيبة الجيش السوداني أصبحت ، في حد ذاتها ، أكبر مهدد لتماسكه وصموده أمام التمرد/الثورة في مسارح العمليات. فغالبية الجنود في القوات المقاتلة ينتمون للمناطق المهمشة التي تستعر فيها الحروب ، بينما الضباط والقادة ينتمون في الغالب للوسط النيلي . هذا الخلل البنيوي تسبب خلال عام ونصف في الحاق 4 هزائم باهظة الثمن بأربعة حاميات بسبب رفض الجنود من أبناء المنطقة التصدي للمهاجمين من فصائل الجبهة الثورية ، أو الخروج في أطواف استباقية لاجهاض الهجوم قبل وقوعه. فقد تكرر المشهد في قريضة ونيالا والجنينية وأخيراً في كادوقلي يوم أمس الأول أما بعصيان الأوامر صراحة أو التمرد علي أوامر القادة من "أولاد البحر" والتسرب الي خارج القوة لتحاشي التصادم مع الثوار من شباب الاهل والعشيرة أو حتي المنطقة ! وبالرغم من ان حالات الانشقاق بالسلاح والالتحاق بفصائل الجبهة الثورية لم يتم _ للآن_ اي نطاق كبير ومؤثر الا انه يذكر ان العشرة أشهر الماضية جرت 8 محاكمات ميدانية لجنود وضباط صف رفضوا تنفيذ الأوامر الصادرة لهم من قادتهم. هذا التمرد لم يكن حكرا علي الجيش بل شمل قوات الاحتياطي المركزي والشرطة بل وحتي شرطة السجون فقد تكررت حالات الهروب من سجن زالنجي بسبب "تعاطف " الحراس مع المساجين الجوعي لفشل المقاول توريد الكميات المتفق عليها من الغذاء . أما تردي الروح المعنوية لعدم توفر "حافز" نفسي أو ديني يبرر قتل (ابناء الأقليم المسلمين ) فهو أكبر تحدي لادارة التوجيه المعنوي يعيق تهيئة القوة المقاتلة نفسيا. فحرب الجنوب كانت علي الاقل" مبررة" لبعض الجنود اذ ظنوا أنهم يحاربون " أعداء وكفار " أما الآن فان تسويق منطق التسعينات للمتحركات في دارفور وشمال وجنوب كردفان والنيل الازرق ، أصبح أمره صعب جداً ان لم يكن مستحيلا . كل هذا ، في كف من الميزان ، وفي الكفة الاخري يقف عبدالرحيم الفاشل ، فيعطي الغضب مبررات أقوي ! فالفشل الظاهر للفريق عبدالرحيم محمد حسين كوزير للدفاع ، وعدم احترام ضباطه وجنوده له ، فضلا عن تمسك البشير به وحمايته من الدعوات المنادية بعزله منذ هجوم العدل والمساواة في 10 مايو 2008 علي أمدرمان. كل هذه الأمور لم تزد الصورة الا تعقيدا . ففي عمر الجيش السوداني لم يتقلد منصب وزير الدفاع من هو أسوأ من هذا الرجل ومن هو أقل احتراماً ومن هو الأكثر جذبا لكراهية الشعب السوداني والعسكريين معا . يكفيك أن تتمعن في الصفات التي يتندر بها عليه الناس لتعرف مدي حنق الجميع عليه . أسموه أب ريالة ، والعبيط والعوير والبليد والأهبل والمتخلف عقليا بل وتندروا ببعض مقولاته ونظرياته فأصبح اسمه الأشهر ، وزير الدفاع بالنظر . أما فساده فظاهرللعيان في أي وزارة تقلدها كالداخلية حيث انهارت العمارة التي بناها زوج بنته . وحتي بعد سقوط احد البنايتين ، فقد ظل يضغط علي الاممالمتحدة لشغرها وفق العقد الموقع معهم قبل انهيارها. أما حماية البشير له من اي هجوم أو اصوات تطالب بعزله ، ففيها كل دليل علي تورط البشير في "مسوح "المحاباة والفساد الكبير . لم يعد سراً ان الرئيس ووزير دفاعه الفاشل يتقاسمان عمولات الاسلحة والمقاولات ( وهي أسلحة فاسدة كما بين الضباط السائحون أثناء المحاكمة ). كان ملفتا ، ومؤلما للعسكريين ، ان وزير الدفاع بالنظر حضر بل وجلس في الصف الاول يستمع " للملكي " نافع ينال بلسانه البذئ ماتبقي للجيش السوداني من كرامة . قالوا لو أن عبدالرحيم ترك القاعة لخسر نافع وكسب الجيش لكن تمطيه واسترخاؤه في الكرسي يستمع لنافع كان القشة التي قصمت مشاعر الجيش وذوي اهل الجيش من المدنيين. الارهاصات ان يوم نافع هنا في ود النعيم سيكون يوم البلع بلاحدود . فهو يأتي ليتكلم وسيعتذر, وسيبتلع كل ماقاله ضد الجيش فمصالحه تقتضي هذا التراجع ولا قبل له بغضب الجيش ونكاية بعلي عثمان طه وسعيه لاشعال المسألة أكثر وأكثر ...يأتي نافع محاطا بحماية أمنية لم تشهدها ود النعيم لزائر تنفيذي كبير ، لكنه ليس رئيس الجمهورية ، والسبب هو أن الحس الأمني لنافع يقول له ان الاجل قد دنا والطلقة قد تنطلق باتجاهه بعد ما أوغل في القتل والفتن . الترجيح هنا أن الناس ستشهد نافع علي نافع صاحب نظرية لحس الكوع يلعق كوعه خوفا من الجيش ، تماما مثلما خاف من ان يطيح به البشير فبلع اوراق اتفاقية نافع/عقار فحافظ علي بالكرسي ، عموما الساعات القادمة تضع نافع أمام البلع الناشف ، أو السير قدماً في إهانته للقوات المسلحة وتأكيد ضعفها وعدم مقدرتها لمواجهة قوات الجبهة الثورية ..ننتظر لنرى ماذا يفعل الرجل.