الحقيقة التي لا شك فيها أن الشعب السوداني صاحب العزة قد فقد كثيرا من نخوته وكبريائه في هذا الزمن الصعب , هذا بالتأكيد اضافة الى صفات ونعوت أخرى اشتهر بها انسان هذا الوطن بيد أنها اندثرت وتلاشت , تماما كحال (فص ) ملح سقط منثورا في يم متلاطم الأمواج . كنت اظن (وليس كل الظن اثم ) أن المنفلوطي رحمه الله عندما كتب درته ( النفس العالية ) وقال فيما قال أن الجبهة العالية لا تحتاج الى تاج يزينها , وأن الصدر المملؤ بالشرف والفضيلة لا ينقصه وسام يتلألأ فوقه وكان قد ابتدأ قوله ب ( حسب المرء من الجمال أن يكون قوي النفس , مستقيم الخطة , لا يكذب ولا يتلون ولا يداهن وأن تكون نفسه نقية بيضاء غير ملوثة بأدران الرزائل والعيوب ...) كنت أظن أن هذا القول قد تم تفصيله - بعد أخذ القياس - حصرا لأهل السودان سيما الشهرة التي اكتسبناها بين العرب والعجم بالأمانة والبساطة والكرم ونكران الذات والشهامة , ولا أدري أكنا عمي أم كانت هذه حقائق اندثرت بالفعل كما ذكرنا !! شئنا أم أبينا نحن كنا أفضل الأفضلين في صفاتنا وأخلاقنا يوما ما , ولكن السؤال , هل ما زلنا كذلك !!؟ ما دعاني للكتابة اليوم هو اعلان نشر صباح اليوم في الانتباهة , مفاده أن جهة عربية , كويتية بالتحديد تطلب انسات وسيدات للعمل في احدى قطاعات تلك الجهة , والاعلان منشور عن طريق مكتب الاستخدام الخارجي ( مكتب العمل ) وهي جهة رسمية بالتأكيد تتبع مباشرة لوزارة تنمية الموارد البشرية .. والأعلان معنون بأسم الوزارة بالطبع الاعلان أيها السادة يضع شرطا أساسيا أن تكون المتقدمة جميلة وان لاتكون من ذوي البشرة الداكنة , تمعن يا رعاك الله في هذا الشرط , شركة عربية تطلب موظفات من السودان بشرط الجمال واللون الفاتح ,, طيب الجابكم السودان شنو ؟ أما ضمن المطلوبات , فالمطلوب صور ملونة عدد ثلاثة تبين كافة الجسم من الرأس الى القدم على أن تكون الصور مختلفة . قد يضع القارئ في الحسبان أن الوظائف لعارضات الأزياء أو لممارسة رياضة الجمباز أو ما شابه , ولكنها لا تمت لذلك بصلة بل هي وظائف مبيعات وحجوزات طيران و مراكز اتصالات .. حتى لا يظن بنا القارئ السؤ , فاننا نعي تماما وندرك حرية أي شركة أو مؤسسة في اختيار موظفيها غير أننا ضد طريقة الاعلان بهذا الشكل المقزز , لا يوجد اعلان فرص توظيف في العالم يتطرق للون والشكل بهذا التفصيل السخيف , الذي يمس كرامة نساء بلادي وينتهك حقوقهن بل ويجعلنا نشعر بأن لافائدة للتعليم ولا الشهادات ان لم يصحبها جمال ولون فاتح ,, حكايا صدقي البخيت [email protected]