تضجرت محدثتى من ظاهرة تفتيح البشرة التي أصبحت في تزايد في أواسط السودانيات بصورة لافتة تقود للانزعاج والتساؤل. لماذا ترغب السمراء في تغيير لونها وهو الذي قيل فيه الشعر ما قيل . ولماذا تكرهه وتبذل المال والصحة من اجل تبديله بآخر . وقبل ان تجد اجابات عن تساؤلاتها شرعت مباشرة في تقديم حلول تعتقد بأنها جذرية لهذه الظاهرة . وترى أن الرجل يفترض ان يكون هو صاحب الكلمة الأخيرة طالما ان المرأة تغير جلدها من أجل رضاه : يفترض أن يلاحظ الأب وعبر سطوته يمنع ابنته ، ويجب ان يلاحظ الاخ وبقوته يعاقب أخته ، ويجب ان يلاحظ الخطيب وبمعزته يهدد بفسخ الخطوبة ، يجب أن يردع الزوج بكل ما لديه الى ان تصل الى قناعة ان (من يحبها يحبها سمراء) حتى لا تبقى عليها قصة الغراب الذي غير لونه (بالبويه) وحام وسط الطيور وعندما نعقت الغربان نسي لونه ونعق معها فاستنكرت الغربان شكله وتجمعت عليه حتى نتفت ريشه . هناك هجمة شرسة ضد( اللون الأسمر) من مراكز التجميل و من تجار المستحضرات الذين أغروا الفتيات بتبديل لونهن من الأسمر إلى الأبيض للحصول على جمال جذاب خاصة وأن معظم الذكور من أصحاب البشرة السمراء يميلون لصاحبة اللون الأبيض فصارت كل من تبحث عن عريس تغير لونها.واصبحت هذه الهجمة الشرسة تأخذ أشكالا بين من التنافس حتي في مجال التبييض حيث تروج أشرطة الاعلان الى أحدث خلاطات التفتيح في اسبوع ، او ثلاثة أيام او حتى شهرا . و المتابع لهذا الفعل في السودان يلحظه أكثر عبر الفضائيات حيث يجد الجنس اللطيف قد تبدلت سحنته فمن كان لونها أسمر صارت بيضاء خاصة إذا أصبحت مطربة أو مذيعة. والدليل صورة عدد من مطربات برنامج نجوم الغد عندما تقدمن أولاً للمسابقات والآن بعد أن صرن نجمات . وفي استطلاع ل(نواعم )حول دواعي التقشير وبياض اللون جاءت خلاصته قبل بداياته حيث اوضح أن مسألة تقشير البشرة لم يعد من بين القضايا ذات الشأن الخاص والخصوصية والحرية الشخصية .وانه أصبح ظاهرة مزعجة تقلق الاسر ،وان المذيعات ومقدمات البرامج هن(النموذج) الأكثر (تأصيلا) لهذه الظاهرة والأكثر (قياسا) وان التركيز وقع عليهن لجهة اطلالتهن اليومية عبر الشاشة المأمول ان تعكس وجه المواطن أين كان والتي صارت محل تقليد ومضرب مثل . الأستاذة فاطمة محمد الحسن موظفة سابقة ابدت امتعاضا لما اسمته ظاهرة تقشير المذيعات لبشرتهن وقالت ل(الرأى العام): ان على المذيعة التى تطل من على شاشة الفضائية ان تعي أنها رمز وعنوان لثقافة البلد ووجدانها ، وان مظهرهن الجديد بعد التقشير يطمس هويتهن وتميزهن الثقافي والعرقي ، وكل ما يمثلنه. وذهبت الى أن ملامحهن غدت متشابهة لحد التطابق ، وقالت فاطمة إنها تقوم بتوجيه بناتها يوميا واعطائهن درس عصر فيما يتعلق باستخدام كريمات التقشير والبعد الثقافي والنفسي لذلك. ويرى البعض ان وجوه المذيعات غدت محايدة تماما، كما هد من الدور الرسالي للمذيعة الذي يعكس التنوع الثقافي والاثني الذي يجب ان يمثل في الشاسة ويعكس ثقافة البلد . فيما رأت رحاب علي (اعلامية)في حديثها مع (نواعم ) الى أن الامر ليس قاصرا على المذيعات وهو مرتبط بالعقلية الاستثمارية ،بجانب ان القضية ليست متعلقة بالبنات بحسبان أنهن لسن منفصلات عن المجتمع ، وقالت رحاب ان هناك قطاعا من الناس يرغب في البشرة البيضاء ويروج لها ، وهو أمر يرمي بظلاله على الفتيات ، تلبية لمعايير المجتمع ،وقالت: ان معايير العمل في التلفزيون سابقا كانت محصورة في الحضور والثقافة إلا انه يبدو ان الشروط حول المظهر تصاعدت ، وأن الأمر توسع وتعدى المذيعات إلى كثير من الوظائف في القطاع الخاص ، ويكفي المرء ان ينظر الى اولئك الموظفين المستوعبين ،وأن الأمر فيه اشارات واضحة لمظهر البنات قليلات الجمال. وفيما يتعلق بمذيعات الفضائيات تقول إن الامر ربما متعلق بالمنافسة مع الفضائيات الاخرى ، واشارت الى ان عرقية المذيعات في الفضائيات العربية تعكس تنوعهن وانهن بطبيعتهن ذوات بشرة فاتحة . وان الجدير بالملاحظة ان المذيعات في فضائيات دولتي اريتريا واثيوبيا ورغم الجمال الذي تتميز به الاثيوبيات الا ان المذيعات يبدون بمظهر بسيط وانيق وطبيعي. اختصاصية التجميل بمركز أدمه سعاد الطاهر قالت انها اجرت عدة ملاحظات على هذه الظاهرة ترقى لمرحلة البحث وصنفت طالبات التفتيح الى :غير المتزوجات وهؤلاء حسبما سمعت منهن يلجأن للتبييض لان الرجال يحبون (البياض) ، أي انه مدخل عندها للرجل ومن ثم للزواج .: المتزوجات لا يلجأن للتبييض من اجل الرجل وانما هو للسيدات مثلها ويطلقن على التفتيح (نظافة)، وهي تستهدف نظيرتها بلبسها ومكياجها ولونها ، وكل ذلك من وجهة سعاد الطاهر عدم ثقة بالنفس لان من تتسبب بضرر لنفسها من اجل نظرة الآخرين لها لا يمكن وصفها بغير ذلك ، مؤكدة على أن خلطات التفتيح السريعة تحتوي على (الكريتزون) او(الزئبق) ، أو الاثنين معا وتلك كارثة كبيرة. غادر اللون الأسمر مرحلة الأغاني الى غير رجعة ولم يعد ملهما ، لكن مهما قيل في أمر الفتيات او المذيعات إلا أن هناك رسالة موازية ترسل بقصد أو من غير قصد في وقت غير مناسب ، والكل أصبح يسخر من تحقيقات عن خطورة استخدام كريمات التقشير من قبل محققات كل شئ فيهن مزيف البشرة وعدسة العين ذات اللون العسلي والرموش الممدودة.