رأيت من الضروري التريث لبرهة من الوقت حتي تنجلي سحابة الفقاعة الكبيرة التي غطت سماء السودان وأمطرت لؤلؤا من المبالغة السياسية التي أضحكت اصدقاء المؤتمر الوطني قبل ( الشمات ) . ومع ذلك اللهم لا شماتة ، فقد شاطرنا الجميع بما فيهم منسوبي ( الوطني ) الضحك بصورة هستيرية غريبة عندما تنامي ألي مسامعنا حديث الرئيس الذي أكد فيه بصورة نهاية عدم ترشحه لدورة رئاسية ثانية ولو أدي ذلك للمجازفة بحياته . ولا ازيعكم سرا في البدء فضلت عدم الكتابة في الامر لحاجة في نفس الشعب السوداني ، فهو شعب ساخر ولماح ويجيد التحليل بحصافة أعمق من بداهة مليون كاتب ؟ . لذلك قلت أتريث لحين انقشاع السحابة وعودة الامور الي نصابها ، وحتي تنقطع موجة الضحك التي انطلقت عدوتها فأصابت بعض ( الخواجات ) في مقتل ، انتظرت ولا زلت احسب الدقائق والثواني حتي اجد السانحة المناسبة ، ومع ذلك لم اجدها لهذا تنازلت طوعا عن صهوة انتظاري ووجدت من اللائق ان اميط اللثام بالمنطق والتحليل البسيط عن شكل ( الدعابة ) والطرفة الرقيقة التي أفصحت بما لا يدع مجال للشك بأن الرئيس صاحب طرائف ونوادر شيقة وهو علي النقيض تماما من كونه بارد الدم ، فالرجل دمه ( شربااات ) ومتمرس بصورة راتبة علي توزيع عبارات التخدير علي الناس من باب الدعابة وشغل افكار الجميع بحقيقة كونه اذا لم يولد لتسائل السودانيون لماذا ؟ . فالرجل حكم السودان خمسة دورات متتالية وعمر كل دورة خمسة اعوام بالتمام والكمال وفي صباح كل دورة من الخمس دورات يتظاهر بالزهد والورع ويقسم بالطلاق أنه لن يترشح ؟ فالسلطة تعب ووجع قلب ؟ وقد اخز منها واخزت منه ما يكفي وهذا قرار نهائي ؟ . وهنئه يتفجر الوضع ، ويزبد ويرغي اصحاب المصالح الذين يمثلون دور السرطان المنتشر بين اضلع الحكومة ويفندون قرار الرئيس كما يفند عمال المحليات التوجيهات الرئاسية بخصوص الجبايات والعوائد ؟ فهنا الرئيس مجرد رئيس ، فليس من حقه في ظل الساتر العريض الذي يسمي بالحزب ان يتخذ قراراته ، هو بالمعني الدقيق ( مريس ومكيس ) ويجب ان يستمر حتى تتواصل ثورة النهب ويجب ان يظل الي ان يرث الله الارض ومن عليها ؟ فوجوده ضرورة وحاجة فقهية ملحة ، ففي الدين ( هم واموالهم غنيمة للمسلمين ) مقولة مفصلة بالمقاس لترضي حاجة الدهماء من متنفذي الحزب ليبرطعوا كالاطفال بأموال ومقدرات الشعب ويجدوا في لزام التقيلة السند والعضد الذي يحميهم من مسألة المجتمع الدولي ويستأثر علي نفسه ولو كان به خصاصة ثم ( يتجوعل ) ويصرخ بكبرياء في وجه قضاة لأهاي : ايوه ابدتم وبيدكم انتو ذاتكم ؟ كما صرخ الجعلي من قبل في وجه العمدة وقال : ايوه قلتلو انعل امك وانعل امك انت ذاتك ؟ . لمثل هذا اليوم لن يتركوا الرجل في حاله ،ولانه علي نياته سيصدق الاكاذيب والافتراءات وسيقتنع بأرادة الحزب ويظن انها ارادة الشعب ؟ فيستغفر الله من الكذبة البيضاء التي اطلقها وسيكذب بأخري احدث منها وسيقول ببراءة منقطعة النظير نزلت عند رغبة الشعب ؟ وقبلت بالترشح لدورة رئاسية اخيرة لمدة خمسين سنة اخري ؟ بعدها ابدا لن اترشح لو انطبقت السماء بالارض ؟ فيهلل ويكبر الشعب ويغمس السرطانات لبعضهم البعض فينفض سامر القوم نحو فرية ( خيركم خيركم لاهله ) ، ويتناسوا ان كل المسلمون اهل ؟ ......................... [email protected]