الرئيس الراحل جعفر محمد نميري.. في سعيه لا ستمرارية رئاسته كان يلعب بفريقين من السياسيين داخل الاتحاد الاشتراكي باعتباره هو شخصيا فقط المحور المثالي في اللعبة كلها ! فعندما ينوي أجراء التعديلات الوزارية ، يحمّل الفريق المقال فشل مرحلة ما ، ثم يستعين بالفريق الاحتياط لبدء فترة جديدة! كنا وقتها أشبالا في ملعب الصحافة نلتقط كرات الجدل السياسي التي يتبادلها اساتذتنا الكبار من الصحفيين في مجالسهم المسائية عقب تشطيب عدد الغد من الجرائد ، وكانت تلك الجلسات لا تخلو من وزيرأو مسئؤل رفيع فقد منصبه في لعبة تبادل الفريقين ، فتجده يكيل السباب لنميري ونظامه حزبا وحكومة ، وهو بالأمس فقط، كان يرقص طربا لخطب الرجل ويتمايل نشوة لما يسميها نسمات عهد مايو واتحادها الاشتراكي الفريد من خلال أجهزة الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية ، وذات الشخص ما أن ينعم عليه الحكم بمنصب جديد مهما كان صغيرا يختفي من مجالس الأنس فجاة ويعاود الظهور الاعلامي ليستأنف المديح في حلقات شكر النميري! وهكذا يفعل الكثيرون في هذا العهد ، ولعل المواقف النضالية التي تلبست الوزير المطرود باجباره على الاستقالة المهندس عبد الله على مسار، تمثل نموذجا لانفصام الشخصية السياسية التي تجنح الى الاستخفاف بعقول الناس ، ظنا منها أن ذاكرة التاريخ تضعف مثل ضعفه أمام المنصب ..و الضعف الأكثر حيال فقدانه! فمن يمتلك موقفا قويا حقيقة لابد أن يكون موقفه المبدئي من قضايا الوطن كتلة متماسكة لا تنقسم الى جزئين أحدهما للكلام الجوه ، والآخر للكلام البره ! فهل سنسمع غدا كلاما مختلفا عن صرخة المهندس مسار التي أطلقها اليوم من تحت قبة البرلمان وقد تركوه يأكل عيشه من خلالها و يتنفس هواء الانقاذ المسموم ويخرج زفيره الخاص الساخن الذي لن يؤذي طبلة اذنها الخربة ، فهتف مناديا بانقاذ نيالا من حصار الحركات المسلحة ! هذا اذا افترضنا تكيلف الرجل بتولي منصب تنفيذي جديد مثلما أعيد عبد الحميد كاشا بالأمس..مثلا ! وساعتها فان الكوك سيظهر عند المخاضة ! و ربما يعود مساره مرة اخرى نحو الكلام الجوه! محمد عبد الله برقاوي.. [email protected]