وقبل يوم من الانتفاضه عقدنا اجتماع لنقابة العمال والفنيين بمصنع الغزل والنسيج الدولي لوضع اللمسات النهائيه ليوم الانتفاضه فقد تلقينا نتائج جولات لجان التعبئه بالمصنع وقد كانت نتائجها ايجابيه لشعور العاملين بالعلاقات المتينه بين النظام وصاحب المصنع المرحوم محمد عبد ربه والتى انعكست علينا متمثلة فى اضطهاد الاجهزه الامنيه للعاملين وبصفتى مفصولا عن العمل فقد تقرر ان اتولى اعلان لحظة الخروج للتظاهر وقد قضيت ليلة الانتفاضه وانا مختبئ بمصنع والياب للزيوت فى ضيافة نقابتهم وفى صباح السادس من ابريل خرجت من والياب قاطعا حوالي مائتي متر التى تفصلنى عن مصنع الغزل وانا اهتف بالهتاف المتفق عليه فى الوقت الذى بدات فيه الجمعيات العموميه بالانعقاد لاعلان الاضراب واننى اتشرف ماحييت بنقابتنا اذ كانت النقابه الوحيده التى قدمت مذكره مكتوبه بتوقيع امينها العام احمد حامد الامين الى ادارة المصنع معلنة مشاركتها بالعصيان المدنى والاضراب السياسي وماهي الا لحظات وشق الافق هدير الطبقه العامله بهتافها العتيد(عاش كفاح الطبقه العامله) وانضمت الينا نقابات والياب وغزل البحر الاحمر والنقل الميكانيكى والاطارات وكل النقابات حكوميه وقطاع خاص وعقدنا جمعيه عموميه مشتركه لتحديد خط السير لكي نلتقي بنقابات المواني وقد طرح امامنا خياران السير بطريق حي هدل بجوار مستشفى الموانئ الان او الدخول عبر سلبونا وتغلب الخيار الثاني لقرب حي سلبونا من مركز الموانئ اضافه الى كثافته السكانيه التى تشكل خير غطاء لنا ثم تقدم احدهم باقتراح باستثناء النساء من المشاركه خوفا عليهن الاان صياح زميلاتنا اجبره على بلع ذاك الاقتراح وتقرر ان تشارك النساء جنبا الى جنب الرجال بالمسيره ولكننا وضعنا كل اعضاء مجالس ادارات النقابات فى مقدمة الصفوف وتحركنا نهز الارض تحت اقدامنا هاتفين (لن تحكمنا يانميرى) ويالعظمة الشعب السودانى عند الشدائد فقد فوجئنا بخروج النساء من منازلهن فى حي سلبونا وهن يجهرن بالزغاريد وينضممن الى الموكب وعند خروجنا من سلبونا وحي ابوحشيش قدرنا الحشد باكثر من عشرون الف مواطن ومواطنه اذ كان تقدير العمال وحدهم فى حدود الخمسه عشره الف وامام ادارة الموانئ كان موكب العاملين بالموانئ قد تحرك فى اتجاه نقطة التجمع المتفق عليها عند حديقة الشهيد امام سينما الخواجه حيث شاهدنا عثمان الامين واخرين عرفت منهم عبد العظيم يرددون الهتافات بمكبر صوت يدوى وبعد وقفه قصيره انتظمت صفوفنا وتحركنا بطريق البحر نحو مركز المديريه وعند مرورنا امام مكاتب الامن وكنا اكثر من عشره مناضلين محمولين على الاكتاف نردد معا وبصوت واحد الشعارات ونحن نلقي الرعب فى قلوب الامنجيه المختفين داخل مكاتبهم بهتافنا الداوى(الموت والدم لكلاب الامن) وتجمعت كل المسيرات بميدان المديريه حيث قام رئيس التجمع د طاهر اخصائي النفسيه والعصبيه بتلاوة بيان الانتفاضه المطالب باسقاط النميرى وعودة الديمقراطيه والذى ارسل بالتلكس الى الخرطوم ثم تحرك موكبنا الهادر يجوب منطقة السوق الكبير وعند وصولنا الى صينية المرور جوار نادي الخريجين فوجئنا بضباط البوليس يرفعون ايديهم معلنين ذهاب الميرى واستيلاء سوار الذهب على السلطه فرفضنا الانصياع حتى ياتينا الرد من قيادتنا بالخرطوم وتجمعنا امام ميز الاطباء مقر الانتفاضه ونحن نضج بالهتاف الذى تحول الى مهرجان خطابي بعد تأكدنا من سقوط النظام وبعد ذلك اجتمعنا بمنزل د ابو سن لترتيب الاوضاع وتقييم الموقف [email protected]