الإيجاز الصحفى الذى أطلقه أمس الأول العقيد الصوارمى خالد سعد الناطق الرسمى بإسم القوات المسلحة وتصدر كل صحف الأمس تقريبا حول تنازل الإنقلابيين السبعة عن حقهم فى الإستئناف .. وتقدمهم عوضا عن ذلك بإسترحام للسيد رئيس الجمهورية بإلغاء الأحكام الصادرة بحقهم .. خلق إنطباعا لدى كثيرين .. وأقر أننى منهم .. بأن صفقة قد عقدت مع هؤلاء المدانين .. يتنازلون بموجبها عن حقهم فى الإستئناف .. مما يعنى إنهاء التنازع القانونى مع الدولة .. ويقدمون عوضا عن ذلك إسترحاما للرئيس يقبله على الفور لتكتمل الصفقة .. وقال كثيرون .. إن السيناريو المتوقع يمضى كما رسم له .. وكل من ذهب فى الفهم لهذا الإتجاه معذور ولاشك .. ووحده العقيد الصوارمى يتحمل وزر هذا الخلط الذى شاب الموقف .. صحيح أن الرجل لم يتعمد خلق هذا الموقف .. فهو على الأقل ليس فى حاجة لذلك .. لكن الصحيح ايضا .. أن نصف الحقيقة أحيانا افضل منه غياب الحقيقة بالكامل .. ونصف الحقيقة فى ايجاز العقيد الصوارمى .. هو قوله أن المدانين قد تنازلوا عن حقهم فى الإستئناف .. أما النصف الآخر من الحقيقة الذى تجاهله الصوارمى أو بالأحرى لم يرى له أهمية .. فهو أن الإدانات التى صدرت بحق هؤلاء المحكومين قد صدرت أصلا .. بموجب إعترافات ادلوا بها .. وفى مختلف المراحل .. عليه .. بما سيدفعون فى إستئنافهم ..؟ عليه.. ايضا .. يكون الصحيح أن هؤلاء المحكومين قد صرفوا النظر عن الإستئناف لعدم جدواه القانونية فى نظرهم .. وبون شاسع بين هذا .. وبين أن تتنازل عنه .. لأن كلمة ( تنازل ) فى هكذا موقف تصرف الذهن مباشرة الى إفتراض أن ثمة مقابل ينتظره هذا المتنازل .. وهذا ما رفع درجة التوقع بقبول الإسترحام المرفوع من هذه المجموعة لدى البعض لحد اليقين ..! ولكن .. أليس غريبا أن يصدر الحكم يوم الأحد ليتحدث الناس عن إسترحام يوم الثلاثاء .. أى قبل مضى أقل من ثمان وأربعين ساعة من لحظة النطق بالأحكام ..؟ ألا يعزز هذا ايضا الإفتراض بأن ثمة سيناريو ولكن سىء الإخراج ..؟ وأن الصوارمى برىء مما نحمله إياه ..؟ الإجابة تأتيك هذه المرة .. من مصدر ذو صلة مباشرة .. حقائق تسرد .. لا تحليل يستنتج .. يروى الأستاذ هاشم ابوبكر الجعلى المحامى .. وقد كان أحد المحامين القليلين الذين ظهروا امام المحكمة العسكرية التى حاكمت متهمى الإنقلابية .. أن (أحدهم ) ابلغهم صبيحة الثلاثاء أن الرئيس سيكون موجودا بالقيادة العامة فى ذلك اليوم .. أى يوم الثلاثاء .. ونصحهم بإنتهاز هذه الفرصة .. وإنتهاز .. كذلك .. أجواء العفو العام .. ورفع إسترحام للرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة .. للعفو عن المحكومين .. وإستنادا الى المادة 140 من قانون القوات المسلحة للعام 2007 تقدم الأستاذان هاشم ابوبكر الجعلى وعمر عبدالله الشيخ المحاميان بإسترحام نيابة عن جميع المدانين .. وحيث أن هذه المادة تعطى الحق للجهة المؤيدة للحكم .. وهو من يمارس سلطات القائد العام .. حق مراجعة الأحكام بتعديلها أو إستبدالها أو تخفيفها .. فقد طلب المحاميان الى السلطة المخولة النظر فى العناصر والظروف المخففة فى حق المحكومين .. ومنها مجاهداتهم السابقة .. وسبقهم .. وكذلك اداءهم فى الخدمة .. علاوة على إنقضاء زهاء نصف العام منذ حبسهم .. ثم جملة من الظروف الإجتماعية والأسرية التى تحيط بكل منهم .. وأخيرا .. يأمل المسترحمون أن تشمل إعادة النظر هذه مسألة الطرد من الخدمة وإستبدالها بالإبعاد من الخدمة .. ! إذن .. ربما يكون من المجحف الحديث عن صفقة مسبقة يجرى تنفيذها .. والصحيح أن نتيجة الإسترحام ما تزال تحت رحمة .. من تخوله المادة 140 من قانون القوات المسلحة للعام 2007 بإستخدام مزاياها ..! [email protected]