الكاريكاتير الاجتماعي الذي اطلعت عليه على صفحات ال "فيس بوك" مؤخرا وهو يرسم صورة شاب يتحدث في اكثر من هاتف سيار ويقول بنفس واحد لكل من يهاتفهن : انتي حبي الوحيد، يجسد بعض الأزمة العاطفية المتأزمة التي يعاني منها شباب هذه الأيام. . من المؤسف أن وسائل التقنية الحديثة التي كنا نحسبها ستقوي أواصر العلاقات الاجتماعية والأسرية أصبحت هي ذاتها وسيلة في وسائل الخداع والتضليل واللعب على عواطف الآخرين. . إضافة لمظاهر التمويه التي تبدأ بوضع الصور المختلفة وليس انتهاء بالاسماء الرمزية والوهمية، فهناك مساحات شاسعة للكذب والإدعاء الباطل وبيع الأوهام دون أي اعتبار لمشاعر الآخرين، خاصة وسط البسطاء الذين سرعان ما يقعون في شراك السراب والأوهام، عفوا العيب ليس في التقنية وانما في سوء استغلالها. . ما يحدث على أرض الواقع لا يقل مأساوية حيث نفجع كل صباح جديد بالغريب من أخبار الجريمة والعنف العاطفي الذي جسدته حالات التشويه المتعمد للحبيبة ب "موية النار" ، والقتل بسبب الغيرة والفشل في "امتلاك" المحبوبة. . هذا بعض ثمار الأنانية وحب التملك وغلبة النظرة المادية حتى في العلاقات العاطفية التي تراجعت عمليا لتفسح المجال أمام علاقات المصالح والأهواء من طرفي المعادلة - الشابات والشبان - فطغت كفة المال على كفة الحب. . لذلك لم يكن من الغريب أن نقرأ في صحفنا قصة الزوجة التي هربت بكامل زينتها وكل ذهب (الشيلة) في "شهر العسل" من زوجها الذي اكتشف الامر مؤخرا، عندما تم العثور عليها متلبسة بصحبة "حبيبها" وهي تحاول بيع الذهب. . لا يكاد المرء يصدق أن مثل هذا يحدث في السودان، من حرائر السودان ومن ابنائه، لكنها الظروف الاصعب التي خلفتها سياسات اقتسام السلطة والثروة والتسويات في قضايا الفساد المالي والاعتداء على المال العام التي تسببت في غلبة النظرة المادية وتقديم المصالح الخاصة على حساب القيم والمبادئ والاخلاق. . أنه لأمر محزن هذا الحال الذي وصل إليه شبابنا وشاباتنا من الضياع والحيرة وعدم الاستقرار، ولكنه جزء من الخلل العام الذي إذا لم يتم تداركه فإنه سيقضي على الأخضر واليابس في حياتنا الاجتماعية. كلام الناس نورالدين مدني [email protected]