هنالك مقولة شائعة فى الوسط السياسى والفلسفى ئؤكد انه لا يمكن لاى سلطة مهما امتلكت من وسائل التنكيل والقهر ضد من يقفون حائلا ضد استمرارية اى نظام بدون وجود صحافة حكومية ووكلاء ثقافيين يبررون للسلطة لكى تستمر فى تثبيت اركان حكمها وخصوصا إذا كانت تلك السلطة مغتصبة بحد السيف والمال. فى سودان اليوم هنالك ما يمكن ان نطلق عليه ( صحافات) وليس صحافة واحدة, والحقيقة الساطعة تقول ان صحف الخرطوم مملوكة للحزب الحاكم سواء بشكل مباشر او من وراء حجاب سميك يعمل على تغبيش الوعى وتحوير وإخفاء جوهر الصراع الذى هو بالطبع بين الذين يملكون الذهب والفضة والذين لا يملكون سوى شروى نقير, وبين المستغلين( بفتح الغين) والمستغلون ( بضم العين) . وايضا بين الاقلية التى تحاول بكل ما أوتيت من قوى الحفاظ على الامتيازات السلطوية والاقتصادية وبين الاكثرية التى يسحقها التوحش والفحش الراسمالى. وعليه يمكن القيام بعملية تحليلية لبنية الصحافة فى الخرطوم كالاتى: هنالك اولا الصحفيون الذين يكتبون فى جفن الردى وفى ازمنة القتل والتقتيل الذى إجتاح سماوات البلاد واحال ليلها الى نهار_ آه من بلاد تمنع مثقفيها من حق الكتابة والذى هو بالطبع صار كالهواء والماء فى البلدان التى تحترم آدمية الانسان. وهذه الحالة يمثلها كتاب منعموا وبامر الرقيب الذى يحصى انفاس البشر فى سماوات الخرطوم – وتلك الحالة يمثلها على سبيل المثال لا الحصر صحفيون شباب من يحلمون بغد افضل لبلادهم ..على راس القائمة يجى خالد فضل ورشاء عوض اللذان كانا يكتبان بصحفية اجراس الحرية التى اقتليت غدرا وخيانة لموقفها المشرف من قضايا الوطن والديمقراطية. على راس تلك الفئة يجىء صحفيون كبار ضاقت بهم سماء الخرطوم لوقوفهم ضد سلطة العصف والفساد فاختاروا المنافى وطنا بديلا لهم وبالطبع تلك الحالة تتجسد فى الكاتب الديمقراطى الاستاذ الحاج وراق , الذى قام بتأسيس جريدة حريات من خارج السودان وخصوصا بعد رفضه الصلاة وراء معاوية وإدراكه العميق لشرف الكتابة والتى هى ليست للتكسب واكل العيش.... وادرك بحسه الغفارى ان تلك الازمنة وحالة السودان تحتاج الى كتابة تجلى الحقيقة كما هى وبدون اى رتوش وتبرير الباطل كما يحاول بعض الكتبة القيام بتلك المهمة. الحالة او الفئة المربكة جدا هى صحفيوا ما يطلق عليهم ( التيار الديمقراطى) الذى اختار المنافى طوعا واختيارا ويحاول من خارج الحدود عبثا تضليل الرأى العام فى صحف الخرطوم , التى ملكا ( حر) وغير مشاع لاجهزة الامنية .. فبعد ان ضمن هؤلاء الصحفيون الجواز الافرنجى فى الجيب الخلفى نصبوا انفسهم وكلاء تقافيين لنظام البطش والتنكيل..فهم يحاولون تضليل الرأى العام عن طريق المساواة بين الضحية والجلاد, ولا يمكننا الوقوف فى صف الجلاد والنخبة النهرية ( او ما تبقى منها) تحاول الحفاظ على امتيازاتها ولو على حساب الامهات الثكلى وفوق جماجم الموتى. ومن قال ان هنالك ثورة على الاوضاع الاقتصادية والعلائق السياسية الجائرة بدون ضحايا!! فليس هنالك ثورة بدون ثمن سوى فى الافلام وهذا بالطبع ليس معناه ان لا تراعى الحركات القومية التى تحمل السلاح فى وجه النظام الباطش مراعاة اخلاق الحرب. وبالطبع قد شاهد المواطن نهارا جهارا دخول حركة العدل والمساواة الى الخرطوم فى 2008, وكيف عاملت المواطن ولم تقم بسلب ممتلكات المواطن فى ام درمان. ولكن يحاول عبثا من يحملون جوازات الفرنجة ويقبضون من صحف النظام ( المليون ينطح مليون) وسط هذا الشقاء الاجتماعى فى سودان اليوم إلصاق تهم الخيانة وعدم مراعاة حقوق الانسان فى ابو كرشولة, وكأنهم كانوا فى شمال كردفان حينما وقعت الواقعة- وهم يستمدون معلوماتهم من صحف التابلويد والاجهزة الامنية فى الخرطوم. وهم بالطبع يسيئون لذواتهم الفانية ولتاريخهم قبل الاساءة الى الحركات المسلحة. اما الفئة الاخيرة وهى غير جديرة بالبحث عن الموقف الذى تتخذه بإعتبارها تدافع عن مصالحها وسلطة التزيف وايدلوجيا التمكين, وهى تضمن جيوس من حملة الشهادة السودانية الذين تربعوا على قمة صحف همها الاول والاخير التعرى لكل مغتصب سلطة بليل بهيم وتبرير افعاله ووضعه فى مصاف الآلهة . اخيرا يقول كازنتزاكى: ( ربما كانت الكتابة نوعا من اللهو فى عصور أخرى ) ومن جانبنا نقول انها لمهمة جسيمة ( اى الكتابة) فى سودان اليوم الذى يمور بالتحولات الكبرى..وعليه من اراد يمسك سيف الكتابة ..عليه القيام ( كاثاسيث) على الطريقة السقراطية –اى التطهر من شرور النفس البشرية ومراعاة الحقيقة فيما نكتب وذلك من اجل الرقى الانسانى ومجتمع اكثر عدلا وعلاقات اكثر عقلانية. [email protected]