تتجدد الأخبار كل يوم عن علاقات حكومة المشير مع إيران، دون أن يتقدم ربيع عبدالعاطي أو غيره لنفيها، تؤكدها الاتفاقات المعلنة وحاملة الطائرات التي تحرس بورتسودان.. لكن أن تسمح الحكومة التي تمتهن الكذب بانتشار الحسينيات (الإسم الشيعي للخلاوي وأماكن حفظ القرآن ودراسة علوم الدين) في كل مدن السودان وتمنحها الحماية لتخرب عقول الشباب فهذه مشكلة كبيرة جدا.. حدثني صديق لي قبل فترة عن الشيعة في السودان وأنهم أصبحوا يتكاثرون بسرعة مذهلة، خاصة في أوساط أبناء المسؤلين الكبار كما أسماهم ودعاني إلى الذهاب معه إلى حسينية تقع في قلب الخرطوم.. أطفأت سيجارتي بعيدا ونويت الوضوء عند دخولي الحسينية، لكم هالني الأمر عندما تجاوزت الباب، وجدت من يتوسط الحلقة يمسك سيجارة بيد والمصحف الشريف بالأخرى، وعندما ههمت بالجلوس كان كيس التمباك يلف حلقة ذكرهم ويتعاطاه الجميع بمن فيهم أطفال صغار بلغوا الجامعة لتوهم وكلهم يدرسون في كليات الطب والهندسات.. تظاهرت بعدم الإكتراث قبل أن يحضر أحد أبناء النوبة وكان في العقد الخامس من عمره ومن طريقة حديثه، عرفت أنه لم ينل حظه من التعليم،كام يرتدي بنطالين، الأسفل منها أطول بكثير من الأخر، نظهر عليه بوضوح ملامح الفقر التي وسمت السواد الأعظم من أبناء شعبنا.. سلم على الجميع وجلس ثم تبادل الضحكات مع من في الحلقة ، عندها عرفت أن موضوعا سبق هو سبب الضحك بينهم.. رئيس الحلقة الذي يمسك السيجارة والمصحف الشريف يكلتا يديه قال لي: هذا صابر قبل أن يخاطبه: لا بد من حسم الموضوع اليوم يا صابر.. سررت لأن موضوعا سيدور فيه نقاشا ما يمكنني من معرفة ما لم أبلغة رغم إختلاط السيجار والتمباك بالمصحف الشريف، لكن سؤالا مفاجئا من كبيرهم ظننت أنه سيرسلني خارجا: إنت شيعي معانا؟ لم أرد عليه..إبتسمت قبل أن أشعل سيجارة، كانت اشارة كافية ليذهب إلى مناقشة الموضوع الذي أنتظره مع صابر.. وتلا رئيس الحلقة قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) ثم خاطب صابر: شفتا، ما عندك شغلة بي زول، عليك بي نفسك وبس، تعبد ربك وتلزم نفسك بي كده، لكن ما عندك شغلة باي زول تاني، ولا ناس بيتكم، ربنا ما قال ليك انت مسؤول منهم، بتك ما عندك بيها شغلة، وخليك عارف أنو ما من حقك تتدخل في حياة أي شخص، كل زول بي دينو..!! قلت لصديقي الذي كان يجاورني: الزول ده جادي ولا بخستك بي صابر؟ لكن صديقي اكتفى بضحكة خافتة.. تبرم صابر كثيرا وحاول مقاطعة خطاب رئيس الحلقة أكثر من مرة غير أنه انفجر عندما أتته الفرصة : كيف يعني ما عندي شغلة بي زول؟؟ يعني بتي تجي طالعة قدامي ولا بسة عريان وما اتاكلم معاها؟؟ رأيت أن صابر ذهب بالنقاش إلى المنطق وتحديد مسؤلياته المباشرة عن أهل بيته، وظننت بأن هذا كفيل بإنهاء السجال لمصلحته، فرحت جدا، عرف صابر أني أقف إلى جانبة عندما رمقني بنظرة سريعة ثم ضحكنا معا.. لكن الرجل حامل السيجارة والمصحف الشريف في آن واحد، كان له رأي آخر وقال كمن يضع النقطة الأخيرة للموضوع: شوف يا أخوي: بتك دي لو بتجيب رجال ينومو معاها في البيت، ما عندك حق تمنعا ولا تقول ليها ده حرام، مع إنو حرام، بس ما من حقك تتكلم!! غادر صابر المكان وهو يتمتم: الكلام ده ما بدخل عقل، انتو الدين ده جبتو من وين؟ حاجاتكم دي كا عندها علاقة بالدين ولا الله.!! أخبرتهم وأنا اهم بالمغادرة، أن هذه الآية التي يتحدثون هنها نزلت في اليهود والنصارى، وأن الله تعالي قال أيضا (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) سألت صديقي في الباب: من أين أتى هؤلاء؟؟ لكنه اختار البقاء معهم، وكذلك عدم الإجابة..!! محمد العمري [email protected]