** سالم، صديق الزمن الجميل، كان مغرماً بكمال الأجسام..وكثيراً ما كان يتباهي بعضلاته ويجتهد في إثبات قوتها، تارة برفع أزيار المدرسة وأحياناً بملاكمة السبورة ونوافذ الفصل..كان مزعجاً، ولكنه محبوب و(زول حارة)، أي تجده بجانبك عند الشدائد، ولذلك كنا نتجاوز إزعاجه بالصبر..جاءنا ذات يوم - منتشياً - بكتاب عنوانه (كيف تتعلم الكاراتيه في سبعة أيام بدون معلم؟)، فإبتسمنا لبعض، فالفصل علي موعد مع الإزعاج المثير..وخاب ظننا، إذ شرع سالم يتعلم الكاراتيه - بدون معلم طبعاً - في فناء المدرسة..وكنا نتلقى أسئلة الزملاء : (زولكم ده جنّ؟، مالو بينطط كده؟)، ونرد ( لا ماف حاجة، بس بيتعلم الكراتيه)..وفجأة، غاب يوماً وآخر عن المدرسة، فقصدناه لنعرف سبب الغياب، ووجدناه مستلقياً على ظهره ورافعاً قدمه اليمنى محشوة في (جبيرة)..(كسرتها؟، ما قلنا ليك بدون معلم ما بينفع)، أوهكذا كانت مواساتنا وسخريتنا..!! ** وعليه، لو نجح زعماء قوى المعارضة في تنفيذ (خطتهم المعلنة) والمسماة بحملة إسقاط الحكومة في مائة يوم، فان عليهم توثيق هذه التجربة الفريدة في كتاب : (كيف تسقط حكومة في مائة يوم بدون شعب ؟)..نعم، ( لو نجحوا) يجب توثيق التجربة في إصدارة كتلك ليتعلم منها زعماء أحزاب الدنيا والعالمين..أما (لو فشلوا)، فعليهم الإعتراف بأن أفكارهم ورؤاهم وبرامجهم يجب أن تُحشر في (جبيرة) لحين إشعار آخر..ولان تاريخ السياسة - في كل أرجاء الكرة الأرضية - لم يوثق لمعارضة أسقطت حكومة - في مائة يوم أو مائة عام - دون الإعتماد على الشعب، نتوقع أن يدخل هذا الحدث المرتقب في موسوعة غينيس للعجائب والغرائب، في حال ( النجاح طبعاً)..وأنا - وفعلاً أعوذ بالله من أنا في موقف كهذا - من المتوقعين نجاح التجربة.. وليست في مائة يوم، حسب جدولهم الزمني، بل نصف الزمن يكفي لإسقاط هذه الحكومة و - كمان - زعزعة حكومات دول الجوار..!! ** إعلان الخطة على الملأ بنشرها في وسائل الإعلام، يعتبر من أقوى مؤشرات (نجاح الخطة)..نعم، فالأجهزة الأمنية -المناط بها حماية الحكومة من السقوط - لم تعد تقرأ ولاتسمع ولاتشاهد، ولهذا ستظل في حالة سكون كامل طوال المائة يوم، وكما تعلمون أن سكون الأجهزة الأمنية المصابة بالصم والعمى من علامات نجاح إسقاط الحكومات..ولقد أحسنت مصادر زعماء المعارضة عملاً بكشف عدم جدوى الأجهزة الأمنية، ولولاهذا الإكتشاف المهم جداً لما كشفوا خطتهم وأعلنوا جدولها الزمني (كمان في مؤتمر صحفي)..أما المؤشر الثاني لنجاح الخطة، فهو مواقف زعماء المعارضة ذاتها، ليس من الخطة، بل من (الحكومة ذااااتها)..موقف أحدهم لايريد إسقاط الحكومة، بل (دايرها تسقط براها)..وموقف الآخر لايريد إسقاطها، بل إصلاحها..أما موقف الثالث، وهذا أمره عجب، نصف حزبه في مفاصل الحكومة والنصف الآخر حائر ما بين المعارضة ومولاة ذاك النصف الحكومي..و..و..!! ** هكذا المواقف، إذ هي ليست على قلب موقف واحد يسعى إلى إسقاط الحكومة..وبالتأكيد، هذه (المواقف الملولوة)، لهؤلاء الزعماء، من مؤشرات نجاح خطة كيف تسقط حكومة في مائة يوم (بدون شعب) ..المهم، أي بعيداً عن تلك الخطة..المعارضة ليست ضعيفة، أوكما يتوهم البعض تحت تأثير الخطاب الحكومي ..إذ بند الأمن الذي يتجاوز مجموع كل البنود الأخرى في ميزانية البلد، يؤكد قوة المعارضة وفعاليتها وتأثيرها..ولكن آفة المعارضة هي قمتها الجاثمة على طموح قاعدتها بمثل تلك (المواقف الهلامية) و(الخطط المكشوفة)..!!