في جوبا.. عاصمة الدولة الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها الفطام.. أقال الرئيس سلفاكير ميارديت وزيرين.. وزير المالية كوستى ماتيب، ووزير شؤون الحكومة دينق ألور.. ورفع الحصانة عنهما ليخضعا للتحقيق الجنائي تحت طائلة الاشتباه في تبديد حوالى (سبعة!!) ملايين من الدولارات الحكومية. تصرف غريب شاذ.. ألا يعرف سلفاكير معنى كلمة (الرموز)!!.. ألا يعرف رئيس دولة الجنوب أن توجيه اتهام ل(الرموز) يهز من هيبة الدولة.. ويمنح المعارضة نقطة .. ويهدر طهارة الدولة أمام شعبها.. ثم ماهو حجم المبلغ المشتبه في اهداره.. (سبعة ملايين دولارات).. (شوية فكة).. يا أخي النيابة عندنا في السودان (الاسلامي) استردت من قضية شركة الأقطان وحدها ما يعادل (250) مليار جنيهاً.. مجرد تسوية بسيطة من منطلق (win-win).. ( وِن.. وِن ..وخلي الشعب يزِن). ماذا تعني (سبعة!!!) ملايين دولار؟؟ تقاوى القمح التي استوردتها الدولة من تركيا بعد فوات موسم القمح العام الماضي.. ثم خزنتها فضربتها "السوسة".. وأتلفتها .. دون أن يبكي عليها أحد.. هذه وحدها تعادل حوالى عشرة ملايين دولار.. ولا رفع حصانة ( ولا زوجها حصان) .. ولا احراج وزير أو مدير أو حتى خفير.. في التسعينات؟ سافر فريق تلفزيوني استعداداً لبرامج الاحتفال بعيد الانقاذ.. لتصوير طريق الانقاذ الغربي.. عادوا بعد بضعة ايام وهو يصفقون أكفهم.. (لم نجد أسفلت لنصوره!!).. لكنهم لم يحتاروا.. صوروا شارع (ود البشير).. تحت بند (أهو كلو عند العرب.. أسفلت).. ووريت القضية الثرى تحت لائحة (خلوها مستورة) الذي لم أفهمه حتى الآن.. احتفاء صحف الخرطوم بالحدث.. أفردت له غالبيتها (المانشيت الرئيسي) في الصفحة الأولى.. ربما لغرابة الحدث بميزان السودان.. أو ربما نكاية في حكومة الجنوب التي تدعم الفصائل المسلحة ضدنا.. أو ربما لتقول للخرطوم خذوا الحكمة من الجنوب.. ليت حكومتنا.. التي لم ترفع حصانة أحد.. ويؤذي مشاعرها أن يكتب أحد عن الفساد.. ليتها تحتذي بشقيقتها الصغري في الجنوب.. فالفساد هو من يهدم الدول .. لا المعارضة.. راجعوا السيرة الذاتية لكل الأنظمة التي سقطت ستجدوا أن البطل كان هو (الفساد).. الفساد يأكل الدول ..كما تأكل (السوسة).. تقاوي القمح المستورد..!!