وأخيراً تمخض جبل لجان التحقيقات، فولد فأراً، ولكن للأسف فى قضيّة ما كان من الحكمة والعقل والتعقّل التعامل معها بهذه " الغرائبيّة " و " العجائبيّة " ، ولكنّها حكمة الإنقاذ تفعل ما تشاء ، دون أدنى إعتبار للنتائج، ليصدق فيهم المثل السودانى الصميم " كان غلبك سدّها ، وسّع قدّها " ، وهم - كعادتهم - لا يأبهون بالرأى الآخر، حتّى وإن جاء على شاكلة نصح ومناصحة وتحذير وتنبيه ،ولسان حالهم - دوماً وأبداً - يقول ويُردّد " الرهيفة التنقد "، حتّى وإن كانت "الرهيفة " هى أمر متعلّق بضرورة تنظيف حقول " ألغام " ونزع " ديناميت " الحرب والعنف والإحتراب !. عقب أحداث (جريمة ) إغتيال زعيم دينكا نقونق السلطان كوال دينق مجوك ، فى مايو المنصرم ، والتى راح ضحيتها - بكل أسف - أفراد من قبيلته، بينهم مرافقه إبن أُخته رنق، وأفراد من قبيلة المسيريّة ، وأفراد من القوات الإثيوبيّة ( اليونسفا)...إلخ ، وتمّ إحتواء الموقف المتأزّم والقابل للإنفجار، بجهود كبيرة شارك فيها عُقلاء القبيلتين والدولتين وغيرهم من محبى السلام ودُعاة التعايش السلمى ووقف الحرب . و شجب العالم كُلّه هذا الحادث المؤسف الغريب والجديد فى سيرة ومسيرة العلاقات التاريخيّة والمستقبليّة بين الدينكاويّة / المسيريّة ،و يومها تنفّست المنطقة الصعداء!. وكتنبا يومها مقالاً بعنوان ( الحكمة دينكسيريّة ) وطالبنا بتكوين لجنة تحقيق مُحترمة وبمواصفات وطبيعة خاصّة ذات مستوى عالى تتمتّع قيادتها بالخبرة والنزاهة والإستقلال وتجد الإحترام والقبول محليّاً وعالميّاً ، لتتولّى أمر التحقيق فى الحادث ، درءاً للفتنة ولسد كل الذرائع أمام العودة للإقتتال والإحتراب،ولكن هيهات !. جاءت الدولة السودانية بعد كل هذه التحذيرات وتلك المناشدات ، بلجنة تحقيق أقل من عاديّة ،يمكن تسميتها بعاميّة سودانية بسيطة " من دقنو وفتّلو " وكأنّ المطلوب التحقيق فى أحداث " عاديّة " و " إعتياديّة "، والغريب فى الأمر أنّ السلطان الجديد لدينكا نقوق بلبك دينق كوال ، لم يُخطر بأمر تكوين هذه اللجنة ،ولا ولم يعلم عنها " كبير شىء " و " لا علم حتّى لإدارة أبيى " بهذا الأمر !... يحدث هذا وملف أبيى وإستفتائها على مقربة من أكتوبر المقبل ، وهو الموعد المُقرّر عالمياً لإجراء الإستفتاء وسط مناخ " إستقطاب " حاد وترقّب إقليمى وعالمى ومحلّى - بالطبع - لكل الإحتمالات !..ما هذا العبث و السخف والإستخفاف بالعقول الذى يحدث هناك ؟.. أفتونا يا حُكماء الإنقاذ!. مدارات فيصل الباقر [email protected]