أو أنه خدع الأسلاميين بصوره عامه، فأدخلهم فى لعبة الكراسى بدون خبره سابقة وبدون معرفة قواعد اللعبه وجعلهم كما يقال مثل (الحملان فى الحيشان)! ومن عجب ينفخ الأسلاميون (جضومهم) وينفشون ريشهم مستأسدين على شعوبهم ومشمرين عن سواعدهم يهددون ويتوعدون وهم فى حقيقة أمرهم مثل (خصيان) قصور السلاطين التى استبدلت ببلاط البيت الأبيض والسفارات الأمريكيه. ومن المعلوم بداهة أن السياسه الأمريكيه استراتيجيا لا تختلف كثيرا ولا تتبدل بتغير النظام أو الحاكم والتى تتغير هى الوسائل التى تؤدى الى تحقيق ذات الأهداف لبلد مثل أمريكا مستقر سياسيا والحس الوطني فيه عال جدا على الرغم من أن غالبية مواطنيه جاءوا اليه فى الأصل مهاجرين من دول أخرى. والرئيس الأمريكى الحالى (اوباما) اذا كان البعض منا يحبه أو يكرهه، يتفقون مع سياساته أو يختلفون، لكن تبقى حقيقة لابد من الأعتراف بها، انه رئيس غير عادي وأنما (مفكر) عميق الفكر، ثاقب النظر وذكي لأبعد حد، فى عالم لا زالت العديد من دوله تحكم بروؤساء أما أن جاءت بهم (اللوبيات) والمؤسسات الأقتصاديه الضخمه كما يحدث فى العالم الأول، أو تحكم بواسطة ضباط جيش أو زعماء قبائل وبصوره شامله حكام يعتمدون على (القوه) والعنف والسلاح كما هو موجود فى العالم الثالث، حتى لو تغطوا بشكل ومظاهر ديمقراطيه، ثم دخلت فى الخط أخيرا قوه جديده هى القوه المسماة بتيار (الأسلامي السياسى) التى تتاجر بالدين وتعتمد على خداع وتضليل الجماهير والشعوب وتشحنهم وتحشدهم حتى لو كانت صادقه فى بدايتها لكنها سرعان ما تتحول الى أنظمه فاسده وفاشله تخسر فى السياسه مثلما تخسر دينها. وما هو جدير بالملاحظه أن قادة تلك الجماعات (الأسلامويه) تبدأ ظهورها ويعلو نجمها بدغدغة مشاعر جماهيرها ومؤيديها بمعاداة امريكا والغرب عامه وكما يقال (افى بر عوام) لكنها وبعد الوصول للسلطه سرعان ما تتجه للتنسيق والتعاون والتوافق مع (امريكا) والتقرب منها وتنفيذ اجندتها بصوره افضل مما تريد، وهذا ما اعترف به احد رموز نظام الأنقاذ الأسلامى فى السودان حيث قال: "بأنهم قدموا لأمريكا معلومات عن الأرهاب الأسلامى افضل مما جمعته أجهزة مخابراتها المتطوره"! الشاهد فى الأمر كما ذكرت أن (اوباما) رئيس مفكر وعبقرى وهذا ليس من باب الأعجاب أو عدم الأعجاب به وأنما من باب الأعتراف بالحقيقه وهو من نوعية الحكام النادرين فى العالمين الأول والثانى والثالث الذين يحققوا اهدافهم عن طريق الدراسة والعلم والفكر والتخطيط. وساذج من يظن هناك فرق كبير بين بوش واوباما فى تحقيق الأهداف الأمريكيه وأن اختلفت الوسائل. فبوش بعد 11 سبتمبر خاض معارك شرسه ضد الأرهاب الأسلامى وانفق ترليونات الدولارات وفقدت امريكا الكثير من الأرواح خاصة فى افغانستان والعراق، ولم يحقق بوش ما هو منتظر ومتوقع ولم يجن غير الكراهية الشديده لأمريكا حتى بين من لا علاقة لهم بالأرهاب والتطرف الدينى، بل من بين عشاق الحريه والديمقراطيه فى العالم المنبهرين بالنموذج الأمريكى والغربى ، مما جعل الأمريكان يتساءلون عن (لماذا يكرهوننا)؟ فجاء (اوباما) من بعد (بوش) طارحا شعار (التغيير) وكما هو واضح درس مع مساعديه قبل وصوله للبيت الأبيض الأمور جيدا بكل ابعادها وحددوا أسلوبهم وأستراتيجيتهم الجديده فى التعامل مع هذا العالم خاصة (الأسلاميين) الذين وصل خطرهم الى قلب امريكا، على شرط أن تحقق تلك الأستراتيجيات نفس الأهداف دون خسائر باهظه فى المال أو الأرواح وكانت تتمثل فى البيت الصوفى الذى ينشده الختميه والذى يقول: ((وأشغل اعدائى بأنفسهم))! وفعلا نجح اوباما فى ذلك نجاحا لافتا للنظر .. فبدلا من أن يتجمع (الأسلاميون) الجهاديون بقيادة الأخوان المسلمين فى اى مكان لمواجهة امريكا ومحاربتها واستهداف مواطنيها ومصالحها لماذا لا تساعدهم الأدارة الأمريكيه فى الوصول للحكم فى بلادهم وتبعد الشر عنها وهى يعلم انهم لن يصلحوا للحكم ولن ينجحوا فيه فمنهجهم يخاصم لغة العصر وثقافته ولذلك لن تتقبلهم شعوبهم وسوف يقسمونها ويضعفونها وسوف يتحول الأمر فى النهايه الى صراعات داخليه وحروب أهليه تقضى على الأخضر واليابس، اليس هذه (واشغل أعدائى بأنفسهم) وهذا ما تشهده معظم الدول التى سميت بدول الربيع العربى وسوف تتبعهم سوريا اذا تغير فيها النظام الديكتاتورى بقيادة الأسد وسوف يندم الناس على رحيله مثلما ندم المصريون على رحيل مبارك، فهذه الأنظمه (المدنيه) مهما كانت باطشه وقامعه ومستبده وفاسده، لكنها على الأقل تبقى على مؤسسات الدوله وتماسكها ولا تلعب فى وتر الطائفيه الذى يهدد الوحده الوطنيه، وجميعا شهدنا الطريقه البشعه التى قتل بها اربعه من الشيعه المصريين، والبعض يبرر ذلك فى جهاله وعدم مرؤة بانهم يستحقون القتل لأنهم يسئيون لزوج النبى (ص) أو للصحابه وكأن البلد الذى يعيشون فيه لا يوجد فيه نظام أو حاكم اذا اخطأوا يعاقبهم القانون لا أن يقتلوا ضربا بالعصى وركلا ورفسا وسحلا، وماذا حدث بعد قتلهم بايام قلائل وقعت حوادث قتل هنا وهناك وبأسلوب مشابه فهل من قتلوا كذلك اساءوا لزوج النبى أو لأحد من صحابته؟ الشاهد فى الأمر دعم (اوباما) الذكى، للأسلاميين ليس حبا فيهم ولا يحتاج ذلك الدعم الى دليل فهو من قبل ثورات الربيع العربى دعم نظام السودان وبطرق شتى رغم المقاطعه ووضع النظام فى قائمة الدول الراعية للأرهاب .. ومن مظاهر الدعم قبل الأنتخابات الأخيره التى سبقت الأستفتاء على الوحده أو انفصال الجنوب جاء مبعوثه (غرايشن) الى السودان وبقى فيه أو تنقل منه واليه فى رحلات ماكوكيه حتى انتهت الأنتخابات المزوره المزيفه الفضيحه، التى اعلنت فوز (البشير) وأعلنت معه نفصال الجنوب قبل الأستفتاء، وخرج (غريشن) ليصفها بأنها انتخابات (نزيهه) لكنها ربما كانت تفتقد للمعايير الديمقراطيه، ولم يشارك فى تلك المؤامره القذره على شعب السودان (غريشن) وحده وأنما كان الى جانبه مركز (كارتر) وكما أكدت من قبل فأن الأدارة الأمريكيه ومجتمعها المدنى بجميع اشكاله يعملون من أجل تحقيق اهداف واحده تصب فى مصلحة امريكا فى نهاية المطاف. والغاضبون الآن من السيد/ الصادق المهدى ومن (ليونته) مع النظام الذى اغتصب منه السلطه، ربما لا يعرفون أن تصرف الصادق المهدى راجع لتوجيهات الأدارة الأمريكيه وحواراتها معه التى تلتقيه مثلما تلتقى رموز النظام وباقى القوى المعارضه السلميه والمسلحه، وربما تستأنس ببعض ارائه ومقترحاته وتأخذ بها ، لكنه فى النهايه لا يملك الا ان ينفذ تعليماتها، اذا كان فى شكل الرضوخ لتلاق فى منطقة وسطى والتحاور مع النظام أو بادخال بعض كوادره فيه حتى لا يسقط النظام الذى يمزق السودان ويجعله ضعيفا، ولذلك يتحدث بلسانه دون جدية عن تغيير سلمى يأسلمه ويسميه (جهاد المدنى) ولذلك فغضبته من اتباعه تلك وكلام مثل (الباب يفوت جمل) تعود الى انه يصرح باراء غير مقتنع بها ومفروضه عليه من الأدارة الأمريكيه وعليها أم أن يعمل بها أو أن يعتزل السياسه. أما بالنسبه لمصر وما تشهده الآن من أحداث التى لا تتحمل جارتها أسرائيل (طفل) امريكا المدلل، نظاما اسلاميا ميكافيليا يبدو (معتدلا) من رسائله وخطاباته المتبادله، وقد يمكن قبوله لو كان وحده ، لكن المشكله تكمن فى انه متحالف مع الجماعات الأسلاميه المتطرفه بجميع اشكالهم، ومن ضمن جدوى ذلك التحالف (تخويف) القوى المدنيه والليبراليه فى الداخل، ولكى (تحرق) أمريكا هذا النظام الذى كان متحمسا للحكم وهدد بحرق مصر كلها اذا اعلن فوز المرشح المنافس، ما كان امام امريكا الا أن تزج بهم الى منصة الحكم وأن تدعمهم من خلال تعليماتها للمجلس العسكرى السابق بأن يسمحوا لهم ويساعدونهم فى الصعود لقمة السلطه فى الفتره الأولى التى تعقب المرحله الأنتقاليه وجميع الشواهد تؤكد على ذلك، وامريكا تعرف نهج الأخوان المسلمين وعدم ديمقراطيتهم وتعرف الوضع الأقتصادى المتردى فى مصر، لذلك لم تدعم النظام (الأخوانى) الا بالقليل لكى لا تساعده على البقاء فيثور الشعب بسبب الظروف الأقتصاديه اضافة الى ما يعانيه من ديكتاتوريتهم وتغولهم على القضاء وخلافه من مؤسسات فيأتى بعده نظام أكثر اعتدالا مدنيا أم عسكريا على شرط أن يتعهد بالمحافظة على أمن (أسرئيل) قبل الحافظة على أمن بلده وبذلك يتحقق الهدف الأمريكى دون خسائر كبيره وبدعم مادى عادى كانت تقدمه امريكا من قبل لمبارك. ولو جاء للسلطه اى نظام آخر قبل (الأخوان) لواجه نفس هذه الظروف خاصة فى الجانب الأقتصادى والمعيشى ولما تركه الأسلاميون وعند رحيله سوف يحلون مكانه عن طريق الأنتخابات أو عن طريق ثوره جديده وفى هذه الجاله يصعب التخلص منهم مهما اخفقوا وفشلوا. فهل خدع اوباما الأخوان فبلعوا الطعم منذ أول اعلان دستورى صدر شارك في صياغته اثنان من القانونيين واحد منهم من كوادرهم العليا والثانى كان متعاطفا معهم ومن المقربين جدا اليهم؟ نعم خدع (اوباما) الذكى الأخوان المسلمين وبلعوا الطعم وأخذوا (الخازوق) .. لكنهم بعد خروجهم من الحكم كما هو متوقع والى جانبهم باقى القوى الأسلاميه لن يتركوا مصر وشعبها يهنأ وسوف يبذلوا قصارى جهدهم لأعاقة النظام الجديد وسوف ينشرون الفوضى كما يحدث فى سوريا الآن، لأنهم لا يؤمنون بفكرة الدوله (الوطنيه) وهذا ما تريده امريكا من أجل ضمان أمنها وأمن اسرئيل .. ولو كانت امريكا راغبه فى غير ذلك لدعمت الأنظمه المدنيه الديمقراطيه وساعدتها بكل الطرق خاصة فى الجوانب الأقتصاديه والمعيشيه لا أن تفتح الباب للمتطرفين والأرهابيين للوصول الى السلطه من اجل تخريب دولهم واضعافها، بقوا فيها أو تم اسقاطهم. تاج السر حسين – [email protected]