الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنرال المخاطر..سكوت غريشن موفد أوباما إلى السودان: واجه 3 مجموعات ضغط في واشنطن لتمرير استراتيجيته.. وانتصر
نشر في الراكوبة يوم 01 - 10 - 2010

في الأسبوع الماضي، اشترك الجنرال المتقاعد جوناثان سكوت غريشن، موفد الرئيس الأميركي، باراك أوباما إلى السودان، في «قمة السودان» في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي اشترك فيها الرئيس أوباما نفسه، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. بعد الاجتماع، وصفه غريشن بأنه كان «ناجحا». لكن لم يقل إنه كان نجاحا شخصيا بالنسبة له، وإنه كان حصيلة طيبة لعشرين زيارة قام بها إلى السودان خلال سنة ونصف.
منذ بداية مهمته، صار واضحا أنه يواجه تحديا متمثلا في ثلاث مجموعات: أولا: مسؤولون داخل إدارة أوباما يريدون التشدد مع الرئيس السوداني عمر البشير، وتقودهم سوزان رايس، سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة.. ثانيا: جمعيات لوبي وضغط، مثل «إنقاذ دارفور» و«إينف» (كفاية) لا ترى في البشير غير أنه هارب من العدالة. ثالثا: عدد كبير جدا من أعضاء الكونغرس يعطفون عطفا كبيرا على الحركة الشعبية في السودان، ولا يخفون عداءهم لما يسمونها الصفوة العربية الإسلامية الحاكمة. لكن، في الأسبوع الماضي، صار واضحا أن أوباما فضل «الجزرة» على «العصا»، وأنه انحاز إلى الجنرال غريشن أكثر من السفيرة رايس.
من هو؟ وما علاقته مع أوباما؟ ولماذا اختاره للسودان؟ وماذا فعل؟.. تربى غريشن الذي ولد في سنت شارلز (ولاية ألينوي) سنة 1948، في الكونغو، حيث كان والداه يعملان في مجال التبشير. في ذلك الوقت، كانت الكونغو نالت استقلالها حديثا من بلجيكا، وبدأت حرب أهلية بين الحكومة المركزية في ليوبولدفيل (الآن كنشاسا) برئاسة باتريس لوممبا وحكومة ولاية كاتنغا، برئاسة مويس شومبي. واضطر كثير من الأجانب الغربيين للهروب، ومنهم عائلة غريشن الأب وعائلته.
في وقت لاحق، درس غريشن في جامعة رتغرز (ولاية نيوجيرسي). وكان قد أحب العسكرية منذ المدرسة الثانوية، وتجند في الفرقة العسكرية المدرسية التي صرفت عليه ليدرس في الجامعة، ومقابل ذلك، بعد أن حصل على بكالوريوس هندسة ميكانيكية، التحق بالسلاح الجوي الأميركي سنة 1974. بعد أكثر من عشرين سنه في العمل العسكري، عاد إلى الدراسة الجامعية، إلى جامعة جورج تاون (واشنطن العاصمة)، حيث نال، في سنة 1988، ماجستيرا في الأمن الوطني.
خلال هذه الفترة، تدرب على الطيران، ثم عمل مدربا عسكريا، ومندوبا عسكريا في السفارة الأميركية في كينيا، وفي البيت الأبيض، وفي وكالة الفضاء (ناسا)، وفي قيادة القوات الجوية الأميركية. وبعد الماجستير في سنة 1988، درس في كلية الأركان، ثم عمل في القوات الجوية التابعة لحلف الناتو، وقضى فترة في قاعدة القوات الجوية التكتيكية في أزمير في تركيا. ثم في قيادة القوات المقاتلة في قاعدة رامشتاين في ألمانيا.
وبعد سنة 1992، قضى سنوات في كلية الحرب الوطنية. ثم مساعدا لرئيس أركان حرب القوات الجوية. ثم مستشارا في مجلس الأمن الوطني في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
وفي سنة 1996، عمل في سرب جوي في السعودية. وكان هناك عندما وقع انفجار الخبر في أغسطس (آب) سنة 1996. ومن السعودية نقل إلى القاعدة التكتيكية الجوية في تركيا. ومن هناك اشترك في الإشراف على عملية «المراقبة الشمالية»، وفرض منطقة حظر الطيران فوق شمال العراق. وفي منتصف سنة 1998، نقل إلى قيادة القيادة الجوية في ولاية ألاسكا.
وخلال سنتي 2000 و2001 كان نائب مدير العمليات الجوية في هيئة الأركان المشتركة في واشنطن. وكان في البنتاغون عندما تعرض لهجمات 11 سبتمبر 2001. ثم أمضى سنة ونصف مديرا للشؤون الإقليمية في السلاح الجوى. ثم اشترك في العمليات الجوية لغزو العراق. وفي أغسطس 2003، عين في البنتاغون مساعدا لنائب وزير السلاح الجوي للشؤون الدولية، وفي يونيو (حزيران) 2004، صار مديرا في القيادة الجوية للشؤون الأوروبية في البنتاغون.
في سنة 2006، سافر إلى أفريقيا في جولة شملت خمس دول لمدة خمسة عشر يوما، مرافقا للسناتور باراك أوباما، على اعتبار أنه «خبير الشؤون الأفريقية». ويعتقد أن الرجلان تعارفا أكثر خلال تلك الجولة. وبعد ذلك بسنة، تقاعد غريشن. وعندما رشح أوباما نفسه لرئاسة الجمهورية، اختار غريشن مستشارا للشؤون الأفريقية. ومما قاله غريشن عن أوباما في ذلك الوقت وصفه بصفات «الحكمة والشجاعة، والخبرة، والقدرة على القيادة التي نحن في حاجة ماسة إليها». في ذلك الوقت، وصفت مجلة «نيوزويك» غريشن بأنه «عابد أوباما».
وكتبت: «يقع متحمسون ومعجبون بباراك أوباما خلال حملته الانتخابية في حبه، وأحيانا إلى عبادته. ومن بين هؤلاء جوناثان سكوت غريشن الذي تقاعد مؤخرا كجنرال في سلاح الجو. كان غريشن صوت لصالح جورج بوش في سنة 2000، لكنه، بعد أن رافق أوباما في جولة لمدة 15 يوما في أفريقيا، كما يقول، غير انتماءه السياسي. وقال إنه أعجب بتفاؤل أوباما، وطبعا تحدثا كثيرا عن خلفية أوباما الأفريقية».
بالإضافة إلى الأمل والتغيير، أعجب غريشن بشجاعة أوباما، مثل: عندما واجه أوباما مباشرة الرئيس الكيني مواي كيباكي بشأن الفساد. وتذكر غريشن: «كان شيئا لا يصدق مشاهدة ما يشبه الاستجواب». من كينيا، توجها والمرافقون لهما إلى جزيرة روبن، في جنوب أفريقيا، حيث كان سجن نيلسون مانديلا لما يقرب من ثلاثة عقود. ولاحظ غريشن شغف أوباما بثلاثة مواضيع وهو في أفريقيا: أولا: بتاريخ المساواة والعدل في أفريقيا. ثانيا: بدور مانديلا في إنقاذ بلاده من صدامات العرقية والإثنية بعد الاستقلال. ثالثا: بربط أوباما بين خلفيته الأفريقية وحياته الأميركية. في ذلك الوقت، كتب غريشن في مفكرة يومية أن أوباما «يستخدم خبرته لفتح صفحة جديدة في الولايات المتحدة، ليس فقط لتوحيد البلاد، ولكن، أيضا، ليقدم صورة مختلفة خارجيا للبلاد».
بعد جولة الخمس دول أفريقية، توثقت علاقة الرجلين في جولة 13 بلدة في ولاية أيوا مع بداية الحملة الانتخابية. وكان غريشن يريد شيئين: أولا: تقديم استشارات أمنية وعسكرية لأوباما. ثانيا: تحسين صورة أوباما العسكرية وسط الأميركيين، بأنه «رجل قوي يقدر على مواجهة الصعاب». لكن، لم يكن تعاون الرجلين دون مشكلات. اشتكى إعلاميون سود من أن أوباما أهمل جنرالا عسكريا أسود كان تقاعد من القوات المسلحة (مثل غريشن الأبيض)، وكان يمكن أن يكون مستشارا لأوباما. واشتكى إعلاميون أميركيون من أن غريشن لا يتحدث كثيرا للصحافيين عن خطط أوباما العسكرية، إذا فاز في الانتخابات. واشتكى أوباما وغريشن من أن الصحافيين يبحثون عن الإثارة، بتركيزهم على «خلافات وسط جنرالات أوباما»، في إشارة إلى الجنرال غريشن، والجنرال جونز (صار فيما بعد مستشارا للأمن الوطني)، وجنرالات غيرهما كانوا يقدمون استشارات عسكرية. ومثل: عندما تحدث أوباما عن خطته العسكرية عندما يدخل البيت الأبيض، وأشار إلى حرب أفغانستان. لكن، ركز الصحافيون على «غزو باكستان»، وذلك لأن أوباما كان قال: «إن الولايات المتحدة قد تكون على استعداد لملاحقة هؤلاء الإرهابيين إلى حيث يخططون عملياتهم اللوجستية». في ذلك الوقت، اشتكى غريشن من أن الصحافيين جعلوه «يصاب بخيبة أمل مع مروجي الإثارة». وأنهم ركزوا فقط على «لغة أوباما العدوانية».
بعد فوز أوباما، واختيار غريشن موفدا إلى السودان، كتبت عنه صحف ومجلات أميركية، ووصفته بأنه رجل المغامرات والمخاطر. وأشارت إلى أنه اشترك في حرب تحرير الكويت، وفي غزو العراق، وكان في السعودية عندما وقع انفجار الخبر، وكان في البنتاغون عندما وقع هجوم 11 سبتمبر سنة 2001. ونقلت نكتة يقولها: «أنا دائما أتعرض للخطر، على من يريد السلامة أن يبتعد عني».
مع بداية عمله موفدا إلى السودان، بدأ يواجه معارضة جمعيات ناشطين وحقوق إنسان ومجتمع مدني متشددة نحو السودان. ومنذ آخر أيام الرئيس بوش الابن، كانت تريد من بوش استعمال القوة في دارفور. وكانت هذه الجمعيات تجند مشاهير في مجالات الفن والرياضة والسياسة لنشر آرائها. أرسلت له الممثلة السينمائية الأميركية ميا فارو، وممثلات وممثلون في هوليوود، خطابا قالوا فيه إن سياسته في السودان تزيد المشكلات بدلا من أن تحلها. وقال الخطاب: «نؤمن نحن بأن سياستك الودية، ورفضك نقد حكومة البشير تزيد تصلبه، وتعطيه عذرا. وبالتالي، تزيد حكم الإرهاب، وسياسة (فرق تسد) التي ظل يمارسها البشير».
وقال جيري فاولر، رئيس منظمة «سيف دارفور» (إنقاذ دارفور): «اتهم البشير المحكمة الجنائية الدولية التي أمرت بالقبض عليه بالإرهاب، لكنه هو الإرهابي. ولا بد، آجلا أو عاجلا، أن يقف أمام المحكمة». ورغم أن فاولر لم ينتقد غريشن مباشرة، قال: «يجب على الرئيس أوباما أن يعلن استراتيجية واضحة نحو السودان».
ونظم فاولر حملة ضغط بقيادة منظمة «سيف دارفور»، وأرسل عشرات الآلاف من الناس خطابات إلى الرئيس أوباما، طلبت منه الضغط على الرئيس البشير لتحقيق السلام في دارفور، والالتزام باتفاقية السلام في جنوب السودان. بالإضافة إلى «اختيار بديل للرئيس البشير الذي أدانته المحكمة الجنائية الدولية».
وقال الخطاب إنه، إذا لم يتحقق ذلك، «يجب فرض مزيد من العقوبات على السودان، وربما القيام بعمل عسكري».
ومن بين الذين انتقدوا غريشن، رئيس منظمة «إينف» (كفاية) جون برندرغاست، الذي كان مسؤولا في البيت الأبيض في إدارة الرئيس الأسبق كلينتون. وأيضا انتقد الرئيس أوباما، وقال إن سياسته نحو السودان تناقض وعوده خلال الحملة الانتخابية، وتناقض مواقفه عندما كان عضوا في الكونغرس. وقال: «صدمنا، نحن الذين ندافع عن حقوق الإنسان في السودان، بسبب ما سمعنا وشاهدنا مؤخرا. وأقول بصراحة، إن الناس في دارفور وفي جنوب السودان صدموا أيضا». وقال إن غريشن أخطأ عندما رفض استعمال كلمة «إبادة» في الحديث عن دارفور. لكن، لم يصمت «جنرال المصاعب والمخاطر» على الهجوم عليه. وبطرق دبلوماسية، وهو الموظف الحكومي، كان يرد من وقت لآخر.
مرة قال إنه يتفق مع الذين يريدون حل مشكلتي دارفور وجنوب السودان. لكنه يفضل الحلول السلمية. وإنه، من وقت لآخر، يقابل ممثلين من منظمات مثل «سيف دارفور» و«إينف». وأضاف: «سيكون مفيدا إذا وحدت المنظمات الأميركية صفوفها، ونسقت جهودها مع الحكومة الأميركية لمواجهة موضوع السودان».
نجح غريشن في كسب منظمات ومؤسسات قليلة، مثل: «إنترناشونال كرايس غروب» (مجموعة الكوارث العالمية). وقال مسؤول: «صارت بعض المنظمات التي تعمل في موضوع دارفور غير واقعية». ورحب بسياسة غريشن بالتفاوض مع حكومة البشير (إن لم يكن البشير نفسه) في محاولة لكسبها. وقال إن العلاقات الأميركية السودانية ظلت تحتاج إلى مثل هذه السياسة الجديدة.
وعندما شعرت سفارة السودان في واشنطن بأن غريشن يخدم مصالحها، وصار يميل نحو حكومة البشير، رحبت، ودعت إلى أن يتبع غريشن الأفعال الأقوال. وقالت: «نرحب بالسياسة الأميركية الجديدة. ونرحب بتركيزها على المفاوضات». ولم يغب عن السودانيين وجود صراع بين هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، والجنرال غريشن. وقال بيان رسمي سوداني: «تحظى السياسة الأميركية الجديدة بتأييد كافة الأطراف داخل الإدارة الأميركية ذات الصلة.. وتم حل الخلافات بين هذه الأطراف. وصارت هذه الأطراف تتحدث في صوت واحد». وفي إحساس واضح بالراحة، أشار البيان إلى: «حقيقة عدم إشارة السياسة الجديدة إلى إعلانات تحريضية تعود عليها العالم لفترة طويلة، وكانت تصدرها جهات داخل الولايات المتحدة».
ودون الإشارة بالاسم إلى منظمات أميركية ظلت تريد زيادة الضغط على حكومة السودان، مثل منظمة «انقاذ دارفور»، قال البيان: «هذه تطورات توضح أن سياسة الإدارة الأميركية الجديدة تفضل العمل الدبلوماسي على النشاطات العدوانية». لكن، لم تكن الأمور سهلة بالنسبة لغرايشن داخل وزارة الخارجية الأميركية. وكان واضحا أنه يواجه عراقيل من «الصقور». وبطريقة ما، كرر هؤلاء «الصقور» الإشارة إلى كلمة «إبادة» في دارفور، وكانت الكلمة ترد في بيانات الخارجية والبيت الأبيض. وصار مجرد ذكر الكلمة دليلا على أن غريشن لا يزال يواجه عراقيل.
ومع بداية هذه السنة، صار واضحا أن كفة غريشن في طريقها لأن ترجح كفة المتشددين. حتى سوزان رايس، سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة، بدا عليها الاعتراف ب«الهزيمة». وقالت في ذلك الوقت: «تغيرت الأشياء في السودان منذ سنة، أو منذ سنتين. لهذا، تضع السياسة الجديدة اعتبارا لهذا الواقع». وعندما سئلت عن «التفاوض مع حكومة مسؤولة عن الإبادة»، أجابت: «ليس التفاوض جائزة. لإنهاء القتل والموت، لا بد من حل تلتزم الحكومة بتنفيذه. ليس هناك طريق آخر».
ويوم إعلان السياسة الجديدة، ظهرت رايس إلى جانب غريشن. وعندما تحدثت، تحاشت استعمال كلمة «إبادة» التي كانت تستعملها كثيرا في الماضي. كما تحاشت الإشارة إلى أن الرئيس البشير مطلوب أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب مذابح في دارفور. قبل أن يختارها أوباما سفيرة لدى الأمم المتحدة، كانت رايس كتبت في جريدة «واشنطن بوست» مقالا دعت فيه إلى فرض منطقة حظر طيران فوق دارفور لمنع طائرات السلاح الجوي السوداني التي كانت تضرب المتمردين. كما اقترحت توسيع منطقة الحظر حتى تصل الخرطوم بهدف ضرب مطارات عسكرية هناك. كما اقترحت استبدال شخص مثل الرئيس الأفغاني كرزاي بالبشير، يتحالف مع الحكومة الأميركية.
وفي منتصف هذه السنة، صار واضحا أن غريشن كسب الجولة عندما قال مايكل ابراموفتش، مدير لجنة «كونشينص» (الضمير) في متحف «هولوكوست» اليهودي في واشنطن: «الآن، تغيرت الأوضاع في السودان. نحن نعتقد أن الوضع الصحيح هو اعتبار دارفور، وبقية السودان، منطقة (تحذير من الإبادة) (وليس «إبادة»)».
كان ابراموفتش صحافيا كبيرا في جريدة «واشنطن بوست»، قبل أن ينتقل، منذ شهور قليلة، إلى متحف «هولوكوست». وقال مراقبون في واشنطن إن لذلك صلة بموقف متحف «هولوكوست» الجديد نحو السودان. وكان المتحف، منذ سنة 2004، قاد حملة إعلامية، داخل وخارج الولايات المتحدة، ضد حكومة البشير.
وبينما لم تعارض المنظمات الأميركية السياسة الجديدة للرئيس أوباما، أيدتها في حذر. وشددت على «العصا» أكثر من «الجزرة»، إشارة إلى فرض عقوبات أكثر من تقديم تنازلات.
وأقال جيري فاولر، رئيس منظمة «إنقاذ دارفور» الذي كان أكثر تشددا في بداية عهد غريشن: «يجب عدم تقديم أي إغراءات إلى حكومة السودان دون ضمان أنها ستحقق تقدما حقيقيا ودائما». وأضاف: «لم يعد الهدف هو إنقاذ دارفور فقط، ولكن إنقاذ كل السودان. لهذا، بالإضافة إلى حل مشكلة دارفور، وتنفيذ اتفاقية السلام مع الجنوب، على حكومة السودان ضمان وتنفيذ انفتاح سياسي في كل البلاد».
وفي إشارة إلى أن السياسة الجديدة مالت نحو الجناح المعتدل في الإدارة الذي يقوده غريشن ضد الجناح المتطرف الذي تقوده هيلاري كلينتون، وخوفا من أن يستغل غريشن ذلك، كرر رئيس منظمة «إنقاذ دارفور» أن تنفيذ السياسة الجديدة «يجب أن يكون تعدديا، يشمل كل الأطراف في الإدارة، وفي الكونغرس، سواء بالنسبة للإغراءات أو العقوبات».
وأيضا أيدت المبادرة في حذر منظمة الخدمات اليهودية العالمية في نيويورك، وقالت رئيستها روث ميسنغر: «بما أن إدارة الرئيس أوباما صارت متفقة على التزاماتها نحو السودان، وبمساعدة المجتمع الدولي، نحن نؤمن بإمكانية تحقيق سلام دائم وشامل في السودان». وأيضا أيدت المبادرة في حذر منظمة «إينف» (كفاية)، وقال جون برندرغارست، مدير المنظمة وكان مسؤولا عن أفريقيا في مجلس الأمن الوطني أيام الرئيس السابق كلينتون: «أعتقد أنها سياسة متوازنة. لكن، ستكون دون فائدة إذا لم تنفذ».
ومع نهاية الصيف، قام غريشن بالزيارة رقم عشرين إلى السودان. وكما قال علي كرتي، وزير الخارجية السوداني، ل«الشرق الأوسط» كان «هاشا وباشا» في المرة الأخيرة، وبشرهم بأن السياسة الأميركية نحو حكومة البشير تغيرت «أخيرا». لكن، السؤال هو: هل نجح غريشن بمجرد إعلان السياسة الجديدة، أم بعد تنفيذها، خاصة أن التنفيذ يعتمد على التطورات غير المضمونة سواء في الجنوب أو الشمال.. وهذه منطقة مخاطرة جديدة.
واشنطن: محمد علي صالح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.