صحيح أن جسد البوعزيزي الذي إحترق في سيدي بوزيد البعيدة ..إمتد لهيباً من المغرب البعيد الى المشرق المصري ومن ثم طال بلح اليمن و عنب الشام بعد أن أكل في طريقه الكتاب الأخضرغلافاً وحروفاً ! وذلك أمر بات يحسب للفتى بخلود ذكراه في صفحات التاريخ وهو الذي أحدث هزة زلزالية في المنطقة وذهب دون أن يدري ما فعله جسده النحيل من زحزحة لجبال جثمت على أنفاس شعوبها عقوداً ودهوراً..! لكن لا أحد يعلم ما هو سر بقاء نظام بشار الأسد رغم إحتراقه الطويل على مدى ما يقارب الثلاث سنوات ..فتصدق كل تحذيراته المشئؤمة بأنه لن يحترق وحيداً وأن لهيب أصابعه المشتعلة سيمتد الى كل أطراف المنطقة .. بل أنه ولحكمة يعلمها الله قد صمد هو في مكانه مكتوياً بناره المتجددة ..فيما طالت لعنته كل الذين إستقصدوه بالعداء إما سقوطاً أو ترنحاً.! فرجب طيب أوردوغان زعيم النظام الإخواني التركي بعد أن ملاً أجواء سوريا ضجيجاً دون طحين وهو يلوح بقبضته في كل الملمات.. إنكفأ فجأة على شأنه الداخلي المتلهب منكسراً ومتكئاً على حائط نظامه الذي ترنح بموجة الضجيج التي أحدثته قشة ميدان تقسيم حتى كادت أن تقصم ظهر بعير حزب العدالة والتنمية الإسلامي رغم إنجازاته المهولة ! فيما لم يكتمل الشهر على طرد الرئيس محمد مرسي لسفير بشار من مصر .. حتى سقط حكم الإ خوان وحزب العدالة والحرية من علياء الفشل على كل المحاور السياسية والإقتصادية والأمنية هناك وتحول قادتهم من حكام بين ليلة وضحاها الى معتقلين .. وباتوا يبكون حليبهم الذي حصروه عاماً كاملاً في جردل التمكين وعلقوه على مشلعيب الكنكشة مثل جماعتنا إياهم .. بعيداً عن ظمأ الآخرين للمشاركة.. حتى قفزت عليه كدايس التحرير مستعينة بكلاب حراسة البيت الكبير..فأصبحت بعدها مصر..حماها الله أقرب الى إعادة سيناريو الفتنة الكبرى التي قتلت سيدنا عثمان بن عفان ، وقصة قميصه المعروفة ! حقاً المنطقة سقطت بين حفرتي طمع الكيزان الممتد في كل مكان..وعبث أصابع إبليس دمشق..ويبدو أنها في مغربها ومشرقها قد باتت كرة تتقاذفها أرجل كثيرة منزلقة في ملعب مبتل وربما لا يجف في القريب العاجل..وفتش عن لعبة جر الحبل الثلاثية بين الكيزان .. وحلف الشيطان.. وتعجل التيار العلماني المدني ! فالديمقراطية لو يعلم جميع من يمتطونها تقصيراً للمشوار هي كالصبر الذي يهزمه المرء بمزيد من الصبر عليه..ولو طال السفر على أجنحتها ..مثلما الثورة هي جمرة إن لم تحتملها قابضاً عليها بكف الجسارة فإنها لا محالة ستسقط عند قدميك ومن هنا يبدأ الحريق الكبير! [email protected]