سم الله الرحمن لرحيم يبكون العلمانية ولا يحمون الديموقراطية الحزب الشيوعي السوداني نفذ عملية انقلاب عسكري على النظام الديموقراطي الناشئ بعد انتفاضة أكتوبر المجيد عام 1964 بعد حل الحزب وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية 1967م ليفش غبينته بقيادة العقيد حعفر نميري في مايو 1969م الا أن سكرتيره العام الاستاذ عبدالخالق محجوب رفض المغامرة وعقد إجتماعاً طارئاً لمركزية الحزب يرفض الخطوة ويطالب بارجاع الديموقراطية .الا أن رجاءه خاب في حزب الحداثة والحرية ليدفع حياته ثمناً لتمسك العسكر بالسلطة وركلهم لأي قيود تنظيمية أو قيم فكرية . وليت الحزب العجوز صبر على سيطرة القوى التقليدية من الطائفية وقليل من الاسلاميين على البرلمان المنتخب وعمل من خارجه لتوعية الجماهير بفكرة المتحرر التقدمي ويبشر بالاشتراكية ويجدد من وسائله ويطور أفكاره .في ظل حرية محروسة بالدستور وقوة الجماهير التي وأد فرحتها بثورتها وأجهض ديموقراطيتها قبل أن تتم رشدها لينقسم الرفاق بين مؤيدُ للسلطة الغاصبة ومعارض لها وبالنهاية تقهقر الحزب الى سنوات العمل السري ليحرم نفسه معاقرة الجماهير . في الوقت الذي تنظم الطائفية نفسها وتدعم جماعاتها من موائد السلطة الغاشمة وهم يقيمون الليل في حلقات الذكر برفقة قادة مايو وهم يترجمون في حولية الشيخ الجعلي بكدباس ومسيد الشيخ أبوقرون أو الشيخ ود بدر في أم ضواً بان . بينما أنصار الإمام المهدي لا يفوتون راتبهم صباح مساء في الجزيرة أبا والبقعة في أمدرمان ليتفاجأ تيارات الحداثة والتجديد بإكتساح القوى الطائفية للانتخابات من جديد بعد ثورة أبريل 85م ويصعد تيار الاسلاميين الداعي لتجديد الفكر الاسلامي كثالث قوة انتخابية في البرلمان .وعندما إقتضت لعبة الديموقراطية مشاركة الجبهة الاسلامية في الحكم وفاقاًاً مع حزب الأمة القومي توتر العلمانيون واليسار من حكم يشارك فيه الاسلاميين ولم يشفع لهم صعودهم بقوة الجماهير عبر صناديق الانتخاب . وكانت مذكرة الجيش الشهيرة التي لم يقو فيها الامام الصادق من حراسة إرادة الشعب السوداني التي قادته للحكم رئيساً للوزراء وساوم على حرية البرلمان وحماية قراره خوف بندقية العسكر المسلطة عليه ان هو لم يخرج الجبهة الاسلامية من الحكومة بل وسن القوانين الكفيلة بإقصائها عن المشهد السياسي السوداني . ليقع الاسلاميون في نفس خطأ الحزب الشيوعي فالصبر كان أولى من استلام السلطة بالجيش ولم يعو درس الشيوعي الذي سبقهم بعشرين عاماً .لكن مفاصلة الاسلاميين لم تنتج قتلاً كما فعل نميري بالحزب الشيوعي وقادته بل ظل الترابي يعارض البشير الذي لم يتوانى في ايداعه السجن مراراً كلما دعى الأمر .لكن لم يقتله كما فعل النميري بعبد الخالق محجوب وزملائه . وبعد أن فرق الزمان الصحاب ودفعة المدرسة في حنتوب الثانوية جمعت المعارضة الاستاذ محمد ابراهيم نقد والدكتور حسن الترابي في قوى الاجماع الوطني المعارضة للبشير وكان تحالفاً على الحد الأدنى إيماناً بالحرية وحماية للديموقراطية وعدم قبول حكم العسكر أو دعمه لممارسة السياسة استناداً الى تطورات الواقع وتجربة الماضي البعيد للشيوعي والقريب للشعبي . الا أن تسارع الأحداث في مصر وانقلاب الجيش على الحكومة المنتخبة في تكرار بليد لنسخة السودان 69م نميري و89م البشير لم يتأخر الدكتور الترابي في عقد مؤتمر صحفي يرفض فيه بصورة واضحة وقاطعة تدخل الجيش في السياسة المصرية وإنحيازه لتيار العلمانيين على حساب الاسلاميين ولم يوارب في وصف الحالة بأنها إنقلاب على الديموقراطية ايماناً بالحرية ووفاءاً لعهده مع قوى الاجماع الوطني وتمسكاً بتوبته من دعم أي إنقلاب عسكري مهما كانت الظروف .ولكن الفاجعة كانت في الحزب الشيوعي الذي أصدر بياناً أقل ما يقال فيه نكوص عن منهج الحزب الرافض لتدخل الدين في السياسة وهو يبتهج من مباركة الأزهر رمز الدين الاسلامي في مصر والكنيسة القبطية لعزل الدكتور مرسي قي ردة للعصور الوسطى . ونسي وهو مسروراً بزوال حكم الأخوان أنه يرقص على أنقاض الديموقراطية ويطرب لفرفرة الشرعية المذبوحة شماتة في الاسلاميين ولكن بذلك يكون طوى صفحة من النضال استمرت لأكثر من أربعين عاماً لأجل استعادة الديموقراطية في الخرطوم بعد دعمه لعسكر القاهرة وأصبح حاله ليس الديموقراطية الصندوق فقط ولا لحرية تفرخ اسلاماً ورجع بنا الى صراع الحضارات فالعلمانية هي البقرة المقدسة التي تذبح لها القيم الديموقراطية وتقدم الحرية قرباناً لها. أما موقف المؤتمر الشعبي الرافض للانقلاب العسكري ييشبه الحزب الكبير ويشرف كل أنصار الحرية والديموقراطية وكما قال أحدهم وهو يغرف بيده من النيل بعد غرق لوري له يحمل سكراً له (لي حدي هنا حلو) م. اسماعيل فرج الله 9يوليو2013م [email protected]