في مقطع فيديو طوله ست دقائق تحدث ثلاثة شباب ملثمين..هؤلاء الشباب سموا مجموعتهم الجديدة دعاة الشريعة.. أرض جهادهم لم تكن سوى السودان المحكوم بالحركة الإسلامية منذ نحو ربع قرن.. وجد هؤلاء المتدينون ما يجعلهم يشهرون سيف العنف ضد إخوتهم المتهاونين في تطبيق الشريعة حسب اجتهادهم. هنا فقط أول الغيث.. بعد إعاقة الديمقراطية في مصر ستتوالد جماعات متطرفة.. ستصبح حكومة مرسي المقالة علامة فارقة في تاريخ الإصلاح الديمقراطي في المنطقة.. سيزداد مثل هؤلاء الشباب كفراً بالصندوق الانتخابي.. كل المتشددين سيرفعون قميص مرسي تأكيداً أن لا خير في الديمقراطية. أمس الأول باتت مصر تتوسد الحسرة وترتوي أرضها بالدماء ..الحاكم العسكري في مصر دعا الشعب في مصر للخروج لمنحه تفويضاً للقضاء على الاعتصامات السلمية.. حتى قبل أن يتبين الجنرال السيسي نتيجة طلبه راح تقتيلاً وترويعاً للمدنيين.. أنفس بريئة لقيت ربها ولا ذنب لها سوى ممارستها لواحدة من آليات الديمقراطية الموسومة بحرية التعبير والتجمعات. محاولة تتبع الموقف الغربي من أحداث مصر ليس أمراً يسيراً ..الرؤية الغربية فيها كثير من التردد والغموض.. قبيل انقلاب السيسي كان للإدارة الأمريكية تواصل مع قيادة الجيش المتمثلة في الفريق السيسي.. وزير الدفاع الأمريكي أجرى سلسلة اتصالات هاتفية برصيفه المصري ولم يحصل على وعد قاطع بعدم تدخل الجيش في مسار الحكم المدني.. وعلى الأرجح أن الوزير الأمريكي كان يبحث مع السيسي عن شيء أقل من انقلاب عسكري حتى يحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية. حتى اللحظة ترفض وزارة الخارجية الأمريكية اطلاق صفة الانقلاب على ما حدث في مصر.. كل المناشدات تحاول تجاوز اللحظة والنظر إلى المستقبل عبر دعوة الجميع للعمل من أجل العودة للديمقراطية.. أقصى درجات الإدانة تمثلت في قيام أمريكا بتعليق تسليم مصر طائرات عسكرية متقدمة.. بريطانيا أدانت العنف ضد المدنيين المطالبين بعودة الشرعية.. فيما ألمانيا والاتحاد الأوروبي طالبوا بالإفراج عن الرئيس المصري محمد مرسي وكافة قيادات حزب الحرية والعدالة في مصر. هذا الغموض الغربي بجانب الترحيب العربي منح السلطة الحاكمة في مصر تفويضاً لممارسة العنف.. بات الآن الحديث واضحاً عن تفريق ميادين المظاهرات بالقوة.. فيما قتل المدنيين في مكان آخر وبذات المعايير الغربية يمثل انتهاكاً للقوانين الإنسانية ومؤشراً للإبادة الجماعية. هذا التناقض الغربي سيؤكد أن الغرب لا يرضى بمخرجات الديمقراطية في الشرق الأوسط إن لم تتوافق مع مصالحه الخاصة.. في المدى القريب سيزيد هذا الموقف من موجات الإرهاب المناهضة للغرب والرافضة للديمقراطية كخيار أمثل في حكم الناس.. كل هذا يصعب من مهمة دعاة الإصلاح المحليين الذين توسموا في الديمقراطية الغربية خيرا. هذا الغطاء الدولي جعل موجة العداء للإسلاميين الآن تنتقل من دولة لأخرى.. في المملكة المغربية تحتشد مجموعات ليبرالية لتناهض الحكومة الإسلامية التي جاءت برضاء الناس.. في ليبيا يتم ممارسة عنف أكبر تجاه الإخوان المسلمين حتى يتم جرهم للعنف.. النتيجة ربما يسقط حكم الإخوان في بلدان الربيع العربي بوسائل غير ديمقراطية. في تقديري كان من الأفضل أن تتاح الفرصة للأحزاب الإسلامية لتقديم نفسها للناس عبر دورة انتخابية كاملة.. أغلب الظن أن هذه الأحزاب الإسلامية كانت ستفشل في تجربة الحكم المحفوفة بالصعوبات.. هزيمة الإسلاميين ديمقراطياً كانت أفضل من إبعادهم من الجلوس للامتحان. تراسيم عبدالباقي الظافر [email protected] الاهرام اليوم www.facebook.com/traseem