اكتسب السوق الموازي للعملة مناعة، وبات لا يستجيب لأي مسكّن أو مضاد حيوي أياً كانت قوته، وفعاليته، فهو لا يأبه ولا يتأثر بالأخبار السياسية الإيجابية وينخفض سعر الدولار ، وإنما يحافظ عليها في حال ارتفاعها، حتى اذا جاءت نذر أحداث أوأخبار سياسية سالبة مشؤومة، كإغلاق ضخ النفط، أو فشل المفاوضات الأمنية بين دولتي السودان، استحكم في جلسته، ورفع الأسعار بمبررات المآلات السياسية والأمنية. وهكذا يسيّر السوق الأسود أو السوق الموازي للعملة حتى بلغ سعر الدولار أمس الاثنين (7.6) جنيهات، في أسوأ انخفاض لقيمة العملة الوطنية،مما أجبر بنك السودان المركزي مواصلة ضخ مزيد من النقد الأجنبي للمصارف لمقابلة الطلب على العمله الأجنبية. وكانت التوقعات أن ترتفع قيمة العملة بعد أن مددت الحكومة فترة إغلاق ضخ نفط دولة الجنوب في شرايين الأنبوب الناقل له عبر الأراضي السودانية، لأسبوعين أضافيين، في بشرى أن يستمر الضخ بلا توقف اذا نجحت المبادرات التي تقودها الشركات الصينية، والماليزية العاملة في المجال، والاتحاد الافريقي برئاسة ثابو أمبيكي الذي يتوقع أن تمدد له مهمته لست أشهر أخرى، وهي مهمة تصب في ذات الخانة، خانة تنشيط العلاقات الاقتصادية للبلدين وتحريكها من الجمود التي هي فيه. فاستمرار ضخ النفط يعني تواصل التعاون الاقتصادي، والحصول على نقد أجنبي، من رسوم إيجار الخط ومعاملات أخرى غير مرئية، بجانب انه يفتح باب الأمل في موصلة حركة التجارة بين البلدين بلا وجل ولا خوف، وبالتالي ترتفع قيمة الجنيه وسط أقرانه من العملات الأجنبية. وقد كشف بنك السودان المركزي أن فترة الثلاث أشهر التي عاد فيها ضخ نفط دولة الجنوب وتصديره عبر ميناء بشائر ببورتسودان، أكسب خزينة البلاد 236 مليون دولار من رسوم العبور فقط، وهناك فوائد اقتصادية أخرى، مما يدلل أن استمرار الضخ من فائدة السودان، وانه سيستمر. لم يلتفت سوق الصرف الموازي إلى كل تلك التغيرات المرتقبة، ويمضي في اتجاه التأزيم، لأنه يتوقع تقلباً في القرار السياسي، وبالتالي كل يعمل على شاكلته، وكل يعتد بموقفه واتجاهاته. [email protected]