مع إنفتاح العالم على الفضائيات أصبح الحذر ضرورة لا بد من الأخذ به فليس كل ما يلتقط هو جدير بالمشاهدة ، معلومة هي بالطبع من المسلمات لا خلاف ، لكن إذا لم ننتبه ونحد من خطورة هذا المد الفضائي المليء بالكثير من نوازع الشر بمختلف أشكاله فإن المحصلة سوف تكون كارثية . في بلادنا وفي أقل من ستة أشهر وقعت أربعة حوادث بسبب المسلسل الهندي المدبلج والمعروف بإسم (ملكة جانسي) ، قضي في هذه الحوادث إثنان بينما أصيب أخران والضحايا هم أطفال تتراوح أعمارهم بين التاسعة إلى الثالثة عشر وصلت في أحداها أن يسدد أحدهم ثلاثة طعنات لوالدته وهي نائمة لكن عناية الرب أنقذتها وهذا الحادثة تؤكد أن الأمور قد وصلت منعطفا خطيرا يستدعي التدخل الجاد من قبل الجميع وبالتحديد الأسر . تكمن خطورة هذه المسلسلات في أنها تؤجج وتحرض على العنف بوقائع يريد بها المنتج والمخرج إضفاء مزيد من الإثارة على العمل الفني دون وضع إعتبار لما تحدثه تلك المضامين الهدامة من تأثيرات خطيرة على المشاهد ولا حاجة للقول هنا بأن للميديا اليوم سطوتها وتأثيرها على الجميع خاصة على ذوي الفئة العمرية الذين ذكرتهم آنفا ، فإذا ما وضعنا في الإعتبار أن بطلة هذه المسلسل بالتحديد هي أميرة صغيرة السن ، فإن في ذلك ما يغني عن سبب تعلق هؤلاء الأطفال بهذه الممثلة ومن ثّم التآسي بها والإقتداء بأفعالها . بالعودة إلى المسلسل فإن الموسوعة الحرة تقول أن مسلسل (ملكة جانسي) هو مسلسل تاريخي هندي بني على قصة حياة لاكشمي باي (ملكة جانسي) واحدة من الشخصيات الرائدة في التمرد الهندي ضد الإحتلال البريطاني في القرن التاسع عشر وأن المسلسل قد عرض لأول مرة على قناة زي تي في 18 أغسطس 2009 وأستمر العرض حتى 19 يونيو 2011 ، أما النسخة المدبلجة فقد عرض الجزء الأول منها في 19 سبتمبر 2012 وأستمر حتى 25 ديسمبر 2012 على قناة زي ألوان (70 حلقة) ، فيما بدأ عرض الجزء الثاني إعتبارا من 10 يوليو 2013 ولا يزال مستمرا . لم أشاهد المسلسل بتتبع حلقاته بل شاهدت أجزاء من تلك الحلقات ولم أستوعب جزئية التمرد ضد الإحتلال الإنكليزي فمعظم الأحداث تقع داخل قصر ، هناك ثمة مؤامرة ، ملك فقد عقد زوجته السابقة ويبحث عنه ليهديه إلى زوجته القادمة ، أقارب للأميرة الصغيرة التي في داخل القصر يريدون تزويجها للملك وهي أميرة صعبة المراس في عينيها التحدي ولا تبالي بالخصوم ، الخ ... . المهم ما خرجت به أن هذا المسلسل لا يناسب بيئتنا ولم أكن أصلا بحاجة إلى مشاهدته لكي أتعرف عليه عن قرب فنتيجتة واضحة للعيان . كما أسلفت فإن التفاصيل هنا لا تهمني بقدر ما يهمني أن يعمل الجميع على حذف مثل هذه القنوات من قائمة المشاهدة لما لمثل هذه القنوات من تأثير سالب تصل بها لأن تحرمنا من أحبائنا وأطفالنا الذين يجّملون حياتنا ويمنحونا الأمل على أن نعيش من أجلهم ومن أجل مستقبلهم . المسئولية الأولى تقع بالطبع على عاتق الأسر التي عليها أن تدرك خطورة هذه المسلسلات فإن لم يكن بد فبإبعاد الأطفال عن مشاهدتها وإن كان هذا الخيار يبدو صعب التطبيق لكنه أضعف الإيمان . أرجو أن لا تستهينوا بالأمر فالأمر جدّ صعيب فعليكم أن تغلقوا مسارب الشر فأطفالكم هم أكبادكم التي تمشي على الأرض فحافظوا عليهم ولا تتركوهم نهبا لمضامين لا تحمل لهم سوى بذور العنف والضياع والله المستعان . [email protected]