أثارت الحلقة الأولى من المقال جملة من الأسئلة هل للسرقة علاقة بالفقر؟ وأين المشروع الحضاري من كل هذا؟ السؤال الذي سأله محمد الحسين، على صفحتي بالفيس بوك، أنا أجزم أن زيادة حالات السرقات أسها الفقر وعدم وجود فرص عمل، فيما يعتقد الزميل فتحي العرضي أنه بكلامي هذا يفترض ان يصبح اغلب الشعب السوداني حرامية، في تأكيد قاطع ان غالبية الشعب فقراء ويعانون ويلات ضنك وغلاء المعيشة، ولكن تظل هذه الحقيقة ان انتشار السرقات المنزلية ابرز علامات الفقر، لأن الفقر كما تعلمون يتمظهر في عدة اشكال، ولم يختصر في البؤس المظهري فقط، وانما يتمدد الى قيم معنوية، وعقدية كذلك، ولذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب جمد حد السرقة وهو حد من حدود الله في عام الرمادة. وهل تعلمون ان ظاهرة النهب المسلح التي بدأت في ثمانينات القرن الماضي بدارفور، وتطورت الى الحرب اللعينة التي يعيشها الإقليم الآن، كانت بسبب المجاعة والجفاف الذي ضرب المنطقة...فأي سارق يبدأ بسد الرمق، ثم يتطور الأمر الى ان تصبح مهنة، ثم الى تكوين عصابات، وقوة ضاربة تهدد كيانات المجتمع، بل الدولة نفسها كما يحدث للدولة السودانية، فالفقر والحالة الاقتصادية السيئة وراء بروز الظواهر السالبة جميعها كما يقول عبد العزيز آدم سليمان. ويضع عثمان علي أبكر القضية تحت المجهر ويقول (والله لا يوجد مبرر مهما كانت الظروف أن تنال من حق غيرك بطريقة غير شرعية ..لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الفعل الشنيع وشدد عليه عندما جاءه أشخاص يتوسطون للمرأة المخزومية التي سرقت بتخفيف عقوبة قطع اليد ورد عليهم في خطبة جماهيرية " أيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ولكن للأسف الشديد لسان حالنا اليوم يقول إن كثيرين من أهل النفوذ والجاه كبار الحرامية ويعفون عن جرائمهم بل يحفزون ويروح فيها المساكين الغلابة ويشردون من عملهم ويرمون في السجن ويغرمون وينالون أشد العقاب...) وبين النظرتين مساحة للتحليل والفتاوى، وهي من اختصاصات جهات أخرى. [email protected]