هل يمكننا أن نغير حياتنا؟ وفي أية مرحلة وفي أي عمر؟ خطر لي ذلك عدة مرات...فبعض الناس لا يستطيع تغيير سلوكه أو نمط حياته بسهولة، أو هو يرفض التغيير من الداخل حتى ولو كان هذا التغيير الى الأحسن. فنرى كل حديث منبوذاً وكل تطور مرفوضاً، دون ان نفكر بعقلنا عن المحاسن والمساوئ، بل الرفض يكون منبعه العقل الباطن والخوف من مغامرة التغيير.. يقول الله سبحانه وتعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» صدق الله العظيم.. فالله سبحانه وتعالى يدعو الى التغيير الى الأحسن، وتمسكنا بشرع الله ورسوله هو ما يجعل كل تغيير إيجابياً.. وديننا يحثنا على السعي والنجاح سواء في العلم أو العمل.. فكم عرف العالم من عظماء صنعوا في حياتهم أمراً مذهلاً بدأوا حياتهم من الصفر وحولوا اللاشيء الى شيء، فلم تثنهم الصعاب ولم تعقهم العقبات وتخلصوا من تفكيرهم السلبي ليضمنوا النجاح. وفي قصة الصقر خير مثال على ذلك، هل تعلم ماذا يفعل الصقر عندما يصل لسن الأربعين؟يعيش الصقر لمدة «70» عاماً، ولكن ليصل إلى هذا العمر يجب عليه اتخاذ قرار صعب جداً فماذا يفعل؟ عندما يصل الصقر الى سن الاربعين «سبحان الله» اظافره تفقد مرونتها وتعجز عن الامساك بالفريسة وهي مصدر غذائه، ويصبح منقاره القوي الحاد معقوفاً شديد الانحناء، وبسبب تقدمه في العمر تصبح أجنحته ثقيلة بسبب ثقل وزن ريشها وتلتصق بالصدر ويصبح الطيران في غاية الصعوبة بالنسبة له. وهذه الظروف تضع الصقر في خيار صعب: اما ان يستسلم ويموت، أو يقوم بعملية تغيير مؤلمة، نعم مؤلمة لأقصى ما نتصور، وذلك لمدة «150» يوماً، اي خمسة أشهر بالتمام والكمال. ويتطلب هذا التغيير أن يقوم الصقر بالتحليق الى قمة الجبل حيث يكون عشه في الأعلى. ويقوم بعد ذلك بثلاث خطوات وكل خطوة أشد إيلاماً من سابقتها. الخطوة الأولى أن يقوم بضرب منقاره المعقوف بشدة على الصخرة حتى يتكسر، ثم ينتظر حتى ينمو من جديد. وبعد ذلك تكون المرحلة الثانية وهي كسر أظافره أو مخالبه وأيضاً عليه الانتظار حتى تنمو، والخطوة الثالثة والأخيرة أن ينتف ريشه كله وينتظر حتى ينمو. وبعد هذه المعاناة الهائلة ولمدة خمسة أشهر يقوم الصقر بالتحليق في السماء وكأنه ولد من جديد ليعيش «30» سنة اخرى، فسبحان من علمه ذلك وقدره عليه. فمن هذه القصة نعرف أن التغيير لا يأتي في خطوة واحدة بل عدة خطوات كالمد والجزر، فالمد لا يتقدم دفعة واحدة نحو الشاطئ لكنه يتقدم ويرجع حتى يستطيع الوصول للشاطئ، وكل خطوة للتغيير لا بد أن نحصد ثمارها بالمثابرة والصبر والعزيمة، ويمكننا تغيير سلوكياتنا لنواكب التطور ونتخلى عن السلوكيات البالية، ونعلم تماماً أن الأشياء العظيمة تبدأ من الداخل، لذلك لا تجعل التقدم الوحيد في حياتك هو التقدم في العمر!! نجاة عبد الرحمن بابكر [email protected] الصحافة