** الدستور يكفل تحرير الإقتصاد ولايجوز سلب هذا الحق، إقامة العدل بين الناس من أهم وظائف الدولة، التسعير يتنافى مع قواعد العدالة، التسعير و الوفرة وعدم الإحتكار خطان متوازيان ومخالف للدستور، هكذا ملخص تبريرات شعبة مستوردي الأدوية لترسيخ الجشع - والفوضى - تحت غطاء مصطلح تحرير أسعار الأدوية.. وتلك النصوص منقولة بالنص من خطاب الطعن المقدم من قبل محامي شعبة المستوردين للمحكمة الدستورية بتاريخ ( بدون)، أي طعن قانوني مقدم للمحكمة الدستورية و(لا يحمل تاريخاً).. بعد إستلام الطعن، خاطبت المحكمة الدستورية الطرف المطعون ضده، حكومة السودان ممثلة في مجلس الأدوية، بتاريخ (25 يوليو 2013)، وطالبته بالرد على العريضة المرفقة، وهي تلك التبريرات الواهية، خلال فترة لاتتجاوز (15 يوماً)، مع سداد رسوم مذكرة الرد (مائة جنيه).. !! ** ومنذ 25 يوليو، وإلى يومنا هذا، لم يرد الطرف المطعون ضده – حكومة السودان، ويمثلها المجلس الأدوية - على تلك (العريضة)، أي تجاهل خطاب المحكمة الدستورية، ليس لإفتقاره رسوم مذكرة الرد ( مائة جنيه)، ولكن لتضامنه المعلن مع شركات الأدوية ضد (المواطن المغلوب على أمره)..فالمجلس - بعدم المرافعة لصالح المواطن أمام المحكمة الدستورية - يسعى إلى إصدار حكم من المحكمة الدستورية لصالح شركات الأدوية، أي الجهة الرقابية التي تمثل المواطن - والمسماة بالمطعون ضده في خطاب المحكمة - هي ذاتها (محامي الطاعن)..وكل هذا يحدث تحت سمع وبصر رئاسة الجمهورية وغيرها من السلطات المسؤولة عن هذا الجهاز الرقابي (غير المسؤول)..!! ** نعم، ليست من المسؤولية ولا المؤسسية - ولا من الآخلاق - أن يرتمي جهاز حكومي رقابي في حضن الشركات لحد تشجيعها على تحرير أسعار الأدوية بمثل هذا (الموقف الفاضح).. وليس في الأمر عجب، إذ شركات الأدوية هي التي دفعت تكاليف إيجار مقر هذا الجهاز الرقابي، وكذلك شركات الأدوية هي التي تدفع (1%) من من أرباحها لنثريات وحوافز وعربات العاملين بهذا الجهاز الرقابي، و سأكشفها بالوثائق ليعلم الرأي حجم (الرشاوي) المسماة بدعم المجلس.. وعليه، ليس بمدهش أن يلعب المجلس - بتجاهل مذكرة المرافعة - دور محامي الشركات أمام المحكمة الدستورية، ليصبح المواطن كالعهد به دائما ( المتهم والمدان) ..لو تذوق أحدهم طعم موت والده - أو والدته - بداء الفقر العاجز عن شراء الأنسولين، لما تعامل نهجهم مع صحة المواطن بهذه القسوة .. ولكنهم - وأفراد أسرهم - علاجهم بالأردن ونقاهتهم بماليزيا، ولذلك يقول لسان حال نهجهم للمواطن ( اذهب الى الجحيم) ..!! ** نرجع لتلك التبريرات الواهية..( التسعير والوفرة وعدم الإحتكار مخالف للدستور)، هكذا تبرير شعبة المستوردين لإهاق المرضى بتحرير سعر الدواء.. نسألها، وكذلك المجلس الذي يناصرها : هل بالسودان وفرة ومنافسة شريفة وعادلة في تسجيل وتسويق الأدوية؟.. سؤال محرج لصلاح كمبال ومحمد الحسن العكد، أحدهما رئيس شعبة المستوردين والأخر أمين عام المجلس..كثافتنا السكانية تتجاوز ( 30 مليون نسمة)، وحجم الأصناف الدوائية المسجلة لم يتجاوز ( 4 الف صنف دوائي)، أما دولة تونس التي كثافتها السكانية ثلث كثافتنا تقريباً (10 مليون نسمة)، فان حجم الأصناف الدوائية المسجلة فيها تجاوز (10 الف صنف دوائي)..هل للوفرة - في بلادنا - معنى آخر غير المعاني المعروفة في كل دول الكون بما فيها ( تونس نموذجاً).؟.. بلادنا، بفضل نهج الإحتكار وفساد القوانين، في ذيل قائمة الدول حين يكون الحديث – بالأرقام والتقارير العالمية - عن وفرة الأصناف الدوائية .. بضعة شركات هي التي تحتكر الأصناف الدوائية بالسودان، والمجلس يشجع هذا الإحتكار بسلحفائية إجراءات التسجيل المتعمدة، وهذا نهج مراد به ترسيخ (نهج الإحتكار).. المؤامرة ليست هي أن تطالب هذه الحركة أو ذاك الحزب بالحرية والعدالة و الشفافية و المساواة، بل هي أن تتحالف السلطات الحاكمة مع شركاتها في إذلال الناس.. وعليه، على وسائل الإعلام و منظمات المجتمع المدني - و المحامين - أن ينتبهوا لمخاطر هذه( المؤامرة) .. ونواصل بالأرقام والتقارير والحقائق الفاجعة، لكي لا نشارك بالصمت - كما المجلس - في مؤامرة تحرير أسعار الأدوية ..!!