الجميل الفاضل حرب السودان، من بين ثلاثة حروب، وقعت في العالم بالتزامن تقريبا، مع اختلافات وفروق بينها، في ظروف، وأسباب، ومواقيت، اندلاعها. على رأسها بالطبع، حرب غزة، وقبلها بالضرورة حرب أوكرانيا. الحربان اللتان تصدرتا واجهة الأحداث، فضلا عن أنهما قد حظيتا باهتمام دولي أكبر، وبتغطية إعلامية أوسع، تم خلالها تسليط أضواء أوفر على تطورات أحداثهما الميدانية، لحظة بلحظة، وساعة بساعة. بينما لم يجد البعض حرجا في وصف حرب السودان المهملة نوعا ما، بالحرب المنسية، رغم ما يحمل تطاول أمدها من نذر ومخاطر، ترجح انتقال حريقها بآثاره الكارثية، إلى منطقة البحر الأحمر الإستراتيجية المهمة، والي محيط دول جوار السودان، في غرب وشرق ووسط القارة، بل وحتي إلى بعض دول الشمال الأفريقي القريبة المجاورة. مع وجود مؤشرات قوية ترجح تطور الحرب إلى حرب أهلية شاملة، يخوض وغاها "الكل ضد الكل". بل ربما يزداد طين هذه الحرب "بلة" لو أن خلايا نائمة أيقظتها جلبة الجيوش المتعاركة، فإنجرت هي نفسها لساحة حرب تعج بكافة المتناقضات، في بلد صار هو بالفعل بيئة مواتية وجاذبة لنشاط مثل هذه الجماعات الإرهابية. لكن سؤالا حول مقاربات العلاقة بين هذه الحروب الثلاث؟، وحول احتمالات وجود روابط مباشرة، أو غير مباشرة بينها، لا زال يطرق ذهني ويلح عليه؟ خاصة مع وجود تصورات لبعض المنشغلين بما يعرف بعلوم آخر الزمان، تقول أن هذه الحرب، ما هي سوى مقدمة أو علامة، تهيء لدخول الدنيا برمتها، مرحلة وردت الإشارة إليها في نبوءات قديمة تتعلق بآخر الزمان، من بينها إشارات وردت في الكتب المقدسة، وفي السنة النبوية الشريفة، وكذا في نوع من إلهاماتٍ وثقها بعض الشيوخ عن السودان وحربه الحالية قبل أن تقع. ومن بين أولئك الشيخ اليمني "حسن التهامي"، الذي قال في (29) ابريل سنة (2019): "إذا رأيت السودان، قد إخضنت وإخضلت، فالأمر قد بدأ. فهو علامة الأمر الذي تنظرون، وله تنتظرون". هو نص عن السودان، إستهله الشيخ التهامي بأبيات تقول: "حرب عبوس دبور تحمر فيها السماء ويقطر البحر دما ويهلك الحرث والنسل ويصير الفارس كما إذا ما أتي النيروز". المهم فقد جري تأويل النص على هذا النحو: "إذا رأيتم الدماء تسيل بأرض السودان، فإن الأمر قد بدأ. وهو أمر أشار بعض المنشغلين بتأويل مثل هذه النصوص، الي أنه حدث عظيم، يتمخض عن مقتلة كبيرة، لن ينجو منها إلا القليل، تمهد لظهور رجل هو "صاحب الخرطوم" المذكور في تذكرة الامام القرطبي، تستتب له الأمور من بعد هذه الحرب في السودان.