لم يفاجيء الخريف هذه الحكومة فقد ماتت عندها الدهشة منذ زمن بعيد وأصبحت اللامبالاة سمة غالبة بينما يندهش المواطن حتى الموت للدماء تسيل في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لسنين طوال بينما جهد الحكومة يقف عند زيادة سقف النثريات للوفود المفاوضة وزيادة سقف الوظائف الدستورية دون جدوى. ويموت المواطن دهشة وهو يرى مشروع الجزيرة ينضب معينه وتجف أشجاره والحكومة لا تلوي على شيء وهي تبيع آخر قطعة أرض زراعية لمستثمرين أجانب لمدة 90 عاما او تزيد. ويموت الموطان دهشة وهو لا يرى الحكومة تحرك ساكنا تجاه التردي المريع في كل شيء. وتزداد همتها في استخراج كنوز الآرض وتجريد الأجيال القادمة من النفط والذهب والمعادن الاخرى لتسد عجز الموازنة وسوءات التخطيط في كل مجال الا بعض المشاريع الباهتة والطرق التي عراها السيل وجردها من كل نضار كان يضعها في خانة الانجاز. نقول لم تندهش الحكومة ولم يفاجئها الخريف وظلت كعادتها بطيئة عند الفزع ولو كانت الامطار والسيول ذهبا عند سفح جبل عامر لطارت الحكومة اليه لا يحجبها عنه دماء الابرياء. ولكن الخريف جرف منازل المواطنين ومتى كانت الحكومة سريعة في اجابة استغاثاتهم ومطالبهم؟؟؟ الذي فاجأ الحكومة فعلا هو هذا النفير...شباب سريع النهمة قوي الشكيمة ..مبدع غاية في الابداع حينما نضبت مواعين الابداع لدى القابضين على الكرسي منذ عشرين ونيف من السنين. سريعا ما بدأت الاتهامات تطال هؤلاء الشباب وسريعا ما انتبهت لهم الحكومة. ولو أنها انتبهت للخريف الذي كانت تعلم مقداره بواسطة هيئة الارصاد الجوية ورجالها الذين كتبوا تقاريرهم محذرين...ولكن هيهات...أصرت الحكومة على تجاهل التقارير ..وأصرت على ان الخريف فاجأها..ولكنه لم يفاجئها بل فاجأتها هبة هؤلاء الشباب..شباب نفير. والحكومة ذكية جدا وحساسة جدا في كل ما يمس أمن النظام (أمن النظام وليس أمن الوطن) فهذه المجموعة الشبابية والتي تتحرك على الفيس بوك كما تتحرك على الارض هي مجموعة في غاية الخطورة. ليس لنهم شيوعيون كما ادعت بعض جهات الحكومة..لا ولكن لأنها أول جهد شبابي نوعي يجمع كافة أطياف الشباب السوداني بصورة منظمة وعملية من اجل عمل طوعي وخدمي بحت. لقد كانت أساليب مواجهة المجمعات الشبابية المعارضة للنظام واضحة ومعروفة. وتتمثل في اختراق هذه المجموعات والتضييق عليها بصورة يصعب معها على هذه المجموعات التنسيق والعمل من اجل شيء كبير..وقد حد هذا الأسلوب الأمني من انتشار هذه المجموعات وعدم تمكينها من قيادة عمل نوعي كبير...وكل محاولاتها للتنسيق والتحالفوالائتلاف لم تصل لدرجات من النجاح تؤهلها من قيادة عمل يشابه مجموعات الشباب في دول الربيع العربي. ولكن الخريف وحد هذه المجموعات بصورة كبيرة وسهل لها الالتفاف حول هدف واحد. ليس بالضرورة ان نفير واجهة لمجموعات موجودة أصلا وتدعو للتغيير. ولكن نفير جمعت شباب السودان ووحدتهم ليقوموا بعمل رائع وكبير ويصلوا لهدف واحد موحد من خلال العمل الانساني والطوعي. هذا الجهد سيعيد الثقة للمجموعات الشبابية كافة حول مقدرتها على التنظيم والتنسيق والتخطيط لعمل وطني حقيقي يخدم هذا الوطن ويخفف معاناته في دارفور وفي النيل الازرق وفي جنوب كردفان . بل وفي كل بقعة من بقاع السودان. نفير تعلن عن انطلاقة المجتمع المدني من أسر السلطة وتعني بداية انعتاق المجتمع من هيمنة الحكومة. هل علمتم الان لماذا تزعجهم نفير [email protected]